في كل مرة يأتي اسم نادي الرياض، الضلع الرابع في تركيبة أندية الوسطى، تتشكل لدي صورة ذهنية ترتبط بموقعه المؤدي إلى أحد أشهر أودية عاصمة البياض وصنع القرار من جنوبي غربي نجد، نادي الرياض في هذه البقعة الجغرافية وقبل توسعها العمراني والسكاني في المدينة التي دونت نفسها عاصمة للشرق الأوسط مع بزوغ رؤية 2030، منحها زخماً ودليلاً إرشادياً ووصفياً، فكل من يريد أن يستدل على "وادي لين" يردف وصفه بعاميته السهلة والبسيطة بقوله: "اللي فيه نادي الرياض" فتتلاشى كل علامات الاستفهام والتعجب فهو أشبه ب (قوقل ماب) منطقة الوادي وحواريه وعندها تكون قد وصلت إلى وجهتك. الرياض أو كما يحلو لعشاقه تسميته "مدرسة الوسطى" المدرسة التي سراج همتها انطفأ ردهة من الزمن، بعد سنوات الإهمال، التي أبعدتها عن مكانتها ودورها المحوري والرئيسي في تركيبة الرياضة السعودية ونجومها، ولو أن الفترة الأخيرة هناك بوادر وبارقة أمل لعودة ريادتها كأحد أهم شريان يضخ المواهب في قلب كرة القدم السعودية ومنافساتها. هذا النادي الوقور والمتوشح بلون الحب والإشراق والدفء على مساحات لونه الأسود الأنيق والرسمي لتفيض تجاهه مشاعر جياشة ترسم كل المعاني الحسية والإدراكية لهذا الشعار الذي تستطيع أن تنظمه "كمسباح خرزه أحمر وأسود، لا تلتقي الخرزة الأولى مع الأخيرة، ولكنها تتناسق وتصبح أنيقة"!. تخلى عنه الكثير من رموزه وتركوه يتدحرج من أعلى الوادي السحيق حتى أسفله، ما بين درجة أولى وثانية، مع أندية في الدرجتين - لو وضعنا تاريخها مجتمعة في كفه، وتاريخ نادي الرياض في كفه، لرجحت كفته دون شك!. وهي التي كانت تشاهده وتشاهد نجومه -فقط- ولاتستطيع أن تلعب معه، كالقمر والنجوم أعلى السماء يطيب لك رؤيتها دون ملامستها، وظل عشاقه العتيقون ممن أضناهم الشوق، يصرخون لتدارك سقوطه إلا أن أصوات إنقاذه ظلت تدور في رحى الغياب المتكرر "وفي وادي.. لا صدى. يوصل ولا باقي أنين"!. الأمير فيصل بن عبدالله بن ناصر (رحمه الله) هل تذكرونه؟ هو الذي كتب في صفحات تاريخ نادي الرياض، شطر بيت شعر كتبه شاعر عظيم وظل (17) سنة، عالقاً ويتيماً، هذا الشطر دون أن يأتي من يكمل الشطر الآخر. المؤسس الفعلي لمدرسة نادي الرياض (الإدارية) في ظل وجود مدارس إدارية كبيرة آنذاك، في فترة رئاسته، كان لها حضورها أندية الهلال، النصر، الشباب متمثلة في عبدالله بن سعد وعبدالرحمن بن سعود وخالد بن سعد إلا أن هذا الشاب رحمه الله كان ذا مستوى عال في تأسيس كاريزما قيادية خاصة ومستقلة، على الرغم من هلالية والده إلا أن الراحل استطاع أن يلفت الانتباه ويلوي عنق بلاط صاحبة الجلالة لنادي الرياض، ويقدم جيلاً رائعاً حضوره، کصولو عازف الناي الشهير "رضا بدير" في سلم نوتة (صوتك يناديني) وصولا إلى (ليت الليالي تعود)!. ولا زالت. أسماء ذلك الجيل تتردد كلما حضر اسم نادي الرياض. إن كل الأسماء الإدارية المذكورة أعلاه، منهم من غادر المشهد بعد أن غيبه الموت، أو برغبة ذاتية منه، وهي لازالت على قيد الحياة، تاهت أنديتها بعدهم وظلت تفتش عن نفسها في كومة من يشبه الراحلين، ما بين هبوط ومنافسة على الهبوط وابتعاد عن البطولات باستثناء الهلال الذي ظل يسير نحو القمة ويوسع الفارق مع منافسيه لأن رجالاته يدركون أهميته في وجدان جمهوره ولذا لا جنوح عن المنصات والخط الأزرق الثابت والمتطور إدارياً وفنيا ًعلى مدار السنون. وعلى ذكر الهلال شاهدنا رئيس مجلس إدارته فهد بن نافل والذي يشد من أزره شخصية كالوليد بن طلال، يزين حضوره منصة نادي الرياض في مباراة الصعود أمام نادي الترجي كدعم وتحفيز وهو ما يعطي نافذة ضوء إيجابية بأن يتم دعم نادي الرياض بلاعبين إما من النادي أو التكفل بمحترف أجنبي يصنع الفارق مع الفريق في دوري الدرجة الأولى، لاسيما و(الزعيم) يعتبر من أغنى أغنياء أندية القارة الآسيوية، وهذا لا يمنع بأن يحذو النصر حذوه فرمزه خالد بن فهد له مواقف مشهودة مع أندية عدة، والشباب أيضاً "فالوقوف مع الرياض رغم الظروف" يسجل في صفحات التاريخ. هنا تبقى أن أشير بأنه لابد من مبادرة رئيس مجلس إدارة الرياض الفاضل بندر المقبل، والتواصل معهم بهذا الشأن "بإلحاح" وأن تسعى جاهدة نحو رجال المال والأعمال وتوجه لهم الدعوات، وكذلك يجب على بعض الإعلاميين ممن تتوسم فيهم استشعار المسؤولية تجاه هذا النادي العريق بزيارته وتسليط الضوء عليه إعلامياً بين الفينة والفينة والأخرى، وضرورة إنشاء وتفعيل "مجلس للجمهور" ليكون حلقة وصل بين النادي وجماهيره تطرح فيه الآراء والأفكار، وهي خطوة تلم شمل أبناء النادي وتجمع شتاتهم من كبار المشجعين والإعلاميين والمهتمين بالشأن العام للنادي، مع يقيني بأن مجلس الإدارة وأعضائه يبذلون جهوداً حثيثة نحو تحقيق الأهداف المنشودة لرفع اسم نادي الرياض، حسب الإمكانيات المتوفرة، ولو أنني أرى 17 سنة غياب كافية ومرهقة جداً وحان وقت العودة.