في الوقت الذي يقوم فيه جيش ميانمار بفرض إجراءات صارمة ضد المتظاهرين، الذين يقاومون الانقلاب العسكري في البلاد، يسعى المجلس العسكري الحاكم إلى إعادة السائحين إلى البلاد، والترويج لفكرة وجود استقرار على المستوى الدولي. وقد استأنف المجلس العسكري الحاكم إصدار تأشيرات سياحية للزائرين من 100 دولة، في محاولة لمساعدة صناعة السياحة المحتضرة في البلاد على التعافي، كما تم استئناف نظام منح التأشيرات الإلكترونية للسائحين في مايو الماضي، بعد أن تم تعليقه في مارس 2020 بسبب تفشي جائحة فيروس كورونا. ومع ذلك، ما زالت توصيات السفر الصادرة عن الحكومات الأوروبية غير جاذبة أبدا للسائحين المحتملين، حيث أشارت وزارة الخارجية البريطانية إلى قرار قائم بحظر التجول في البلاد، وفرض الأحكام العرفية، بينما كانت هناك وقائع لإطلاق النار وانفجارات مستهدفة، في مناطق حضرية. وتشهد ميانمار اضطرابا سياسيا، منذ وقوع الانقلاب العسكري في الأول من فبراير الماضي، ويكافح الجيش من أجل احتواء الاحتجاجات السلمية، التي يتم تنظيمها في الشوارع وحركات العصيان المدني. وفي الوقت نفسه، تسعى المقاومة المسلحة المكونة من ميليشيات مناهضة للمجلس العسكري في جميع أنحاء البلاد، إلى الإطاحة بالحكومة العسكرية بالقوة، مما يزيد من المخاطر المحتمل أن يتعرض لها السياح. ويشار إلى أن هناك ما لا يقل عن 1906 أشخاص قتلوا، بالإضافة إلى اعتقال أكثر من 14 ألفا آخرين منذ وقوع الانقلاب، بحسب إحصاءات جماعة "رابطة مساعدة السجناء السياسيين" الحقوقية، المعنية بتوثيق عمليات القتل وانتهاكات حقوق الإنسان. من ناحية أخرى، قال شخص يمتلك شركة سياحة محلية، طلب عدم الكشف عن هويته: "لا يمكننا أن نتحمل المسؤولية في ظل هذا الوضع... إنهم يدفعون الجهات الفاعلة في قطاع السياحة للترويج لها، ولكن من يجرؤ على زيارة البلاد بغرض قضاء عطلته؟" وحتى في ظل استمرار عمليات القتل التي يقوم بها الجيش، يقول المجلس العسكري: إنه بدأ في السماح بإصدار تأشيرات سياحية للزائرين القادمين من 100 دولة، وتأشيرات عمل للقادمين من 55 دولة، بموجب نظام إصدار التأشيرات الإلكترونية. جدير بالذكر أنه في عام 2019، أي قبل تفشي جائحة كورونا، التي تسببت في الإضرار بأعداد السائحين الوافدين إلى ميانمار، وصل نحو 4،3 ملايين سائح إلى البلاد المعروفة بمعابدها الرائعة ومناظرها الطبيعية الخلابة. وقال مسؤول تنفيذي يعمل في مجموعة تجارية كبيرة، لوكالة الأنباء الألمانية: "يستلزم الأمر قدوم بعض الأجانب، من أجل أغراض تجارية خاصة بهم، إلا أنه من المستحيل الترويج لصناعة السياحة من خلال اجتذابهم في ظل هذه الأزمة"، مضيفا: "أن النظام العسكري الحاكم يرغب في أن تظهر ميانمار وكأنها مستقرة، وهذا غير صحيح". وكانت المفوضة الأممية السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشليت، قالت في مارس الماضي: إن الأزمة الإنسانية في ميانمار تتفاقم، في ظل وحشية ممنهجة من جانب الجيش. وأكدت باشليت أن الاقتصاد على حافة الانهيار، محذرة من أن نقص الغذاء سيزداد بشكل حاد في الأشهر المقبلة، وأن هناك أكثر من 14 مليون فرد تم تقييم وضعهم، بوصفهم أنهم في حاجة لمساعدة إنسانية. وهناك دول أوروبية مثل المملكة المتحدة وألمانيا، تحذر بشدة من السفر إلى ميانمار لأي سبب، باستثناء السفر لأسباب ضرورية. ومن جانبها، تقول وزارة الخارجية البريطانية لمواطنيها: "هناك خطر من أن يتم احتجازك، أو توقيفك بشكل تعسفي". إن عملية العدالة الجنائية المتبعة في مثل هذه الحالات، تعد دون مستوى المعايير الدولية". وكانت محكمة يسيطر عليها المجلس العسكري الحاكم، أصدرت في أواخر إبريل الماضي، حكما بالسجن لمدة خمس سنوات، على زعيمة البلاد المعزولة، أون سان سو تشي، حسبما أفادت مصادر مطلعة على الإجراءات. وهذا هو الحكم الأول، وسط 11 تهمة فساد أخرى تواجهها سو تشي بموجب قانون مكافحة الفساد. وتنطوي كل تهمة من هذه التهم على عقوبة محتملة بالسجن لمدة أقصاها 15 سنة.