في إطار حرص صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع - حفظه الله - تأتي زيارته للمملكة الأردنية الهاشمية لتعزيز علاقات المملكة العربية السعودية مع الدول العربية، وإثبات أهمية المملكة وما تشكله من عمق استراتيجي في المحيطين الإقليمي والعربي، حيث إن الزيارة تعكس دلالات سياسية واستراتيجية لطبيعة العلاقة بين المملكة والأردن. التاريخ يشرع أبوابه علاقات السعودية بالمملكة الأردنية تجاوزت سبعة عقود من الاحترام والتقدير والفاعلية على كافة المستويات، والدعم الحاضر للأردن في السراء والضراء من قبل المملكة، تعد علاقات المملكتين ثابتة ودائمة ومستقرة وحافظة للقيم والمصالح المشتركة، حيث تعود العلاقات إلى عام 1933م، كما تتسم علاقات المملكتين بالتعاون الاستراتيجي، والاهتمام بالقضايا والمسائل المشتركة والدولية. تأسست العلاقات بين المملكتين على أسس ومعايير ثابتة، وذلك منذ أول برقيتين تبادلهما المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود والملك عبدالله - رحمهما الله - عبروا فيها عن رغبتهما في تحسين وتطوير العلاقات بين البلدين، حيث شرعت المملكتان بإنتاج عقد معاهدة صداقة وحسن جوار، وذلك لتحسين وتنظيم العلاقات والحدود بين البلدين. الاستقبال الملكي قام الأمير سعود بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - (ولي العهد آنذاك) عام 1935م، بزيارة إلى شرق الأردن بهدف زيادة تعميق العلاقات بين البلدين، أقام فيها أربع ليال، حيث تلقى الملك عبدالله رسالة شكر على حسن الضيافة التي حظي بها ولي عهده من الملك عبدالعزيز، وكان لتلك الزيارة دور كبير في تعزيز العلاقات بين المملكتين. كما استضافت الأردن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله -، في عام 2017م إلى الأردن، وتوقيع 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم شملت العديد من مجالات التعاون بين الجانبين والتي تهدف إلى خدمة مصالح البلدين المشتركة. ومع تطور العلاقات والمصالح المشتركة بين الجانبين، تعددت الزيارات المتبادلة بينهما، من القادة والمسؤولين من كلتا المملكتين وبشكل دوري، وذلك لتبادل المعلومات والخبرات التي تهم مصلحة البلدين. العلاقات الثنائية بدعم وتوجيه من خادم الحرمين وولي عهده - حفظهما الله -، والملك عبدالله الثاني، بالارتقاء بالعلاقات بين البلدين، حيث تم تأسيس مجلس التنسيق السعودي الأردني عام 2016، بترأس ولي العهد للمجلس، وذلك يعكس اهتمامه - حفظه الله - بالعلاقات مع الأردن، إذ يتولى المجلس الإشراف على إعداد وتجهيز الاتفاقيات ومذكرات التفاهم ومتابعة تنفيذ البرامج والمشروعات المشتركة، لما تتطلع له قيادتا البلدين وشعبيهما الشقيق، وتناول آفاق تعزيز العلاقات التاريخية العميقة بين المملكتين، وتطورات الأوضاع على الساحة الإقليمية والدولية. وتتسم المملكتان بقوة وتأثير وثقل على المستوى الإقليمي والدولي، ليدفع ذلك البلدين بتبادل الآراء السياسية والاقتصادية، لمواجهة العوائق المشتركة. وفي عام 2007 أكد سفير خادم الحرمين لدى الأردن عبدالرحمن بن ناصر العوهلي، أن السعوديين يحتلون المراتب الأولى في حجم الاستثمارات في الأردن، مشيرًا إلى أن عدد الطلاب والطالبات آنذاك سبعة آلاف طالب. وفي عام 2019م وقع نائب رئيس مجلس إدارة الصندوق السعودي للتنمية والعضو المنتدب د. خالد بن سلمان الخضيري، اتفاقية قرض ميسر، مع وزير الدولة للشؤون الاقتصادية الأردنية د. محمد، لتمويل مشروع إنشاء وتجهيز مدارس حكومية في مختلف المناطق في الأردن، وذلك بقيمة 50 مليون دولار، وشددت المملكة على أنها ستستمر في دعم الأردن مؤكدة على روابط الأخوة التي تجمع على مر العصور. التبادل التجاري تطورت العلاقات بين البلدين ليصبح حجم استثمارات المملكة في الأردن إلى 13 مليار دولار وذلك في قطاع النقل والبنية التحتية والقطاع المالي والتجاري وأيضًا قطاع الإنشاءات السياحية، في المقابل بلغ حجم الصادرات الأردنية في المملكة إلى 5.84 مليارات دولار، تشمل قطاعات الصناعات التحويلية والتشييد والمعلومات والاتصالات. حيث تتمتع الأردن بموقع جغرافي استراتيجي، كما أن لديها إمكانيات سياحية تجعلها موطن للاستثمارات في مجال السياحة والعقارات، كما تحرص القطاعات الخاصة في كلا البلدين إلى تبادل الاستثمار. الاستثمار السعودي الأردني في عام 2017 تم الإعلان خلال زيارة الملك سلمان للأردن، عن إنشاء صندوق الاستثمارات السعودي - الأردني، برأس مال بلغ ثلاثة مليارات دولار، كما أطلق الصندوق مشروعا للرعاية الصحية، حيث يبلغ حجم الاستثمار فيه قرابة 400 مليون دولار، يحتوي على مستشفى جامعي، وجامعة طبية. كما أسهم صندوق التنمية السعودي ب62 مشروعاً مشتركاً بين المملكتين، بقرابة 5.4 مليارات ريال، ويوجد 38 مصنعًا أردني في المدن الصناعية السعودية، في المجالات: صناعة المعادن والأجهزة الكهربائية والتصنيع الغذائي، المطاط والبلاستيك، الصناعات الطبية وغيرها الكثير. وتسعى المملكتان إلى الاستفادة من فرص التعاون بين البلدين في مجالات النقل، حيث تم توقيع اتفاقية تعاون في مجال النقل البحري، وإطلاق مشروع اتفاقية قرض إعادة هيكلة وتأهيل وإنشاء الطرق الصحراوية. تحتل المملكة المرتبة الثانية كشريك تجاري لصادرات الأردن، والمرتبة الثالثة كشريك تجاري لواردات الأردن، كما تشمل مجالات التعاون بين البلدين: قطاعات النقل، والخدمات، والبنية التحتية، والطاقة، والقطاعين المالي والتجاري، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال الفترة من 2016 إلى 2021، 81 مليار ريال، وتخطى حجم صادرات المملكة غير النفطية في 2021 حاجز الخمسة مليارات ريال. ولقد عملت المملكتان جاهدتين على تعزيز التعاون في مجال الاقتصاد الرقمي، وذلك من خلال منظمة التعاون الرقمي التي تم إطلاقها في نهاية 2020 بشكل مشترك بين البلدين، ولزيادة مهارات التقنية وتنمية رأس الاتصالات وتقنية المعلومات، حرص البلدان على تطوير برامج تدريبية مشاركة لبناء القدرات في مجال المعلومات. شملت مجالات التعاون بين المملكة والأردن المجال الطبي، وضم ذلك مشروع مدينة العلاج والتأهيل الطبي، بقيمة تصل إلى 320 مليون دولار، وإنشاء شركة سعودية - أردنية في مجال تطوير وتنظيم الخدمات الطبية بما يقارب 54 مليون دولار. بقيمة 70 مليون دولار، دخلت شركة ( أكوا باور) المملكة كشريك في تنفيذ مشروع الريشة لتطوير وبناء وتشغيل محطة شمسية بقدر 50 ميغاواط، وذلك في منطقة الريشة شرق الأردن. وتربط المملكة والأردن علاقات اجتماعية مشتركة، وعادات وتقاليد وأعراف متشابهة، تحفز بكثرة زيارات السعوديين للأردن والعكس كذلك، حيث زار الأردن في عام 2019م، مليون ونصف المليون سعودي. وتحرص المملكة على دعم للأردن في مواجهة وصد جميع التحديات التي تقف بين علاقات البلدين الشقيقين، حيث بادرت المملكة في عام 2019 إلى إيداع 334 مليون دولار في البنك المركزي الأردني. كما وقعت المملكتان مذكرة تفاهم للربط الكهربائي بينهما في عام 2020م، حيث وضحت دراسة الجدوى الاقتصادية والفنية إلى إمكانية تبادل الطاقة الكهربائية بين البلدين وذلك مبني على مرحلتين، بواقع 500 ميغاوات لكل مرحلة. المشروعات بين المملكتين شهدت العقود الماضية العديد من المبادرات والتعاون والمشروعات المشتركة بين المملكتين، أبرزها مجال العمل الخيري الرسمي والشعبي، سواء عبر الدور الذي يؤديه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، أو الشراكة بين مدينة الأمير سلطان الخيرية ومؤسسة الحسين للسرطان، وكذلك عبر المركز السعودي لتأهيل وتدريب الكفيفات الذي تم تأسيسه في عام 1974م، وتتحمل وزارة التعليم تأمين ميزانيته الكاملة والإشراف الإداري والفني عليه، فيما تقدم وزارة التنمية الاجتماعية الأردنية التسهيلات اللازمة لعمل المركز.