تستند العلاقات السعودية الأردنية إلى التاريخ والمصالح المشتركة والمصير الواحد، وعمق العلاقات الثنائية التي تربط المملكة العربية السعودية بالمملكة الأردنية الهاشمية، وإلى سبل تعزيز العلاقات وروابط التعاون بين البلدين بكافة المجالات الاقتصادية، وفرص زيادة التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين، ودعم الاستثمارات البينية في ضوء رؤية المملكة العربية السعودية 2030، والتي توفر العديد من الفرص الواعدة وخاصة في التقنية والابتكار والطاقة المتجددة. ويُنتظر أن تكون زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد للأردن بمثابة قوة دفع كبيرة للعلاقات بين البلدين، وتفسح المجال أمام مزيدٍ من الشراكات التجارية والاستثمارية بين قطاعي الأعمال السعودي والأردني، ومواجهة التحديات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط، بما يسهم في تعزيز العلاقات سيما في المجالات الاقتصادية التي ستعود بالفائدة على الدولتين الشقيقتين وستكون نواة لتعزيز التبادل التجاري والعربي بما يسهم بالنهوض الاقتصادي. العلاقات السعودية الأردنية تعد نموذجاً متميزاً للعلاقات العربية ومثالاً فريداً للتكامل الاستراتيجي في جميع المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتي تزداد قوة وثباتاً مع مرور السنوات، بفضل رؤية وإرادة القيادتين الحكيمتين في كلا البلدين، خاصة وأن الاستثمار السعودي يحتل موقعاً متقدماً في قائمة المستثمرين في الاردن مع حجم استثمار تجاوز عشرة مليارات دولار في قطاعات النقل والبنية التحتية والطاقة والقطاع المالي والتجاري وقطاع الإنشاءات السياحية، وتعد المملكة الشريك التجاري الاول للأردن بحجم تبادل تجاري بين البلدين بلغ 1ر4 مليارات دولار خلال العام الماضي، حيث شكلت نسبة الصادرات الأردنية إلى السعودية نحو 24%، من إجمالي الصادرات للدول العربية فيما شكلت المستوردات الأردنية من السعودية ما نسبته 17%، من إجمالي المستوردات، ناهيك عن الاستفادة من الإمكانات الاستثمارية المتاحة في كلا البلدين، والسعي الى تنفيذها عبر مشاريع من خلال فتح شراكات جديدة وتوسيع مجالات التعاون والاستثمارات المتبادلة لتنعكس إيجابا على التنمية المستدامة التي تنشدها اقتصاديات البلدين، في الوقت نفسه، يستطيع ممثلو القطاع الخاص في السعودية والأردن لعب دور مهم بالتوازي مع الدور الرسمي الاستراتيجي لقيادتي وحكومتي البلدين والمضي بتوقيع المزيد من الاتفاقيات التي من شأنها تيسير التبادل التجاري، وإقرار المزيد من التشريعات والقوانين والبروتوكولات التي تخفف من الاعباء والعراقيل التي تواجه المستثمرين، وتعزيز فرص التعاون الواعدة على الصعد الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والتركيز على التكنولوجيا والاقتصاد المعرفي والذكاء الاصطناعي ومجالات أخرى في التقنيات المتطورة. وتصدّر مجلس التنسيق الأعلى واللجنة الحكومية المشتركة ومجلس الأعمال السعودي الأردني ولجان الصداقة البرلمانية وغيرهما من المؤسسات المشتركة، إحدى ثمار هذه الجهود كان إطلاق شركة صندوق الاستثمار السعودي الأردني، المملوك لصندوق الاستثمارات العامة، الشركة وقعت مؤخرا اتفاقية استثمار وتطوير لتنفيذ مشروع استثماري في قطاع الرعاية الصحية بحجم استثمار يصل نحو 400 مليون دولار، ويتكون من مستشفى جامعي بسعة 300 سرير و60 عيادة خارجية ومبنى للرعاية الإسعافية، وجامعة طبية بسعة 600 مقعد، بمعدل 100 مقعد لكل عام دراسي، كما وقعت نفس الشركة، مذكرة تفاهم بشأن مشروع السكك الحديدية الذي يربط العقبة بعمان، الذي يعد من أكبر الاستثمارات المقامة في الأردن على الإطلاق، في حال تم الاتفاق على تنفيذه. تزامنًا مع هذا المشروع النوعي أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي، ومجموعة كابيتال بنك، أحد أكبر البنوك العاملة في الأردن والعراق والمنطقة، عن توقيع اتفاقية اكتتاب، يصبح الصندوق بموجبها مستثمراً استراتيجياً في المجموعة، حيث سيتم إصدار نحو 63 مليون سهم لمصلحة الصندوق عند إتمام الصفقة، وذلك بنسبة 23.97 % من رأس مال المجموعة بقيمة نحو 695 مليون ريال، يضاف الى ذلك، المشاريع الحيوية التي نفذها الصندوق السعودي للتنمية على مدى نصف قرن في الأردن وبلغت تكلفتها نحو 8 مليارات ريال، خصصت لبناء المدارس، الجامعات، المستشفيات والطرق، ويتبين أن مجمل قيمة هذا التبادل وصل خلال عام 2021 إلى 4.2 مليارات دولار، فقد بلغت قيمة الصادرات السعودية إلى الأردن نحو 3.2 مليارات دولار خلال عام 2021، فيما بلغت قيمة الصادرات الأردنية إلى المملكة العربية السعودية خلال العام 2021 حوالي 1 مليار دولار. وتعتبر الاستثمارات السعودية إحدى أعلى نسب الاستثمارات الخارجية في المملكة الأردنية بقيمة تتجاوز 12 مليار دولار، موزعة على قطاعات النقل والبنية التحتية والطاقة والقطاع المالي والتجاري والإنشاءات السياحية، وقد لعبت هذه الاستثمارات دوراً هاما على المستوى الاقتصادي والاجتماعي مشَكِّلةً قيمة مضافة للاقتصاد الأردني، وموفرةً للعديد من فرص العمل للأردنيين. ويعمل البلدان على تعزيز آفاق التعاون وترسّخ العلاقات الثنائية، وتزوّد المصدّرين السعوديين بالفرص المتاحة في السوق الأردنية في جميع القطاعات، وتحديداً في قطاعي مواد البناء والأغذية، حيث بلغت قيمة الصادرات السعودية غير النفطية إلى الأردن 6,9 مليارات ريال في العام 2021م، مقابل 4,7 مليارات في العام 2020، وتأتي هذه الخطوة استكمالاً لجهود «الصادرات السعودية»، وسعيها الدائم إلى تيسير الرحلة الشاملة للمصدرين وتحديد وترويج فرص الأعمال التجارية الدولية وربط المصدرين بالمشترين وتسهيل وصول المنتجات الوطنية إلى الأسواق العالمية، وزيادة الصادرات غير النفطية ورفع نسبتها من 16% إلى 50% من إجمالي قيمة الناتج المحلي غير النفطي، تماشياً مع خطط تنويع الاقتصاد ومصادر الدخل التي تنتهجها المملكة، وفقاً لمستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تشكل زيادة الصادرات غير النفطية أحد أركانها الرئيسة. وتضمنت الاتفاقيات والمذكرات خلال قمة عمان التأسيس لشركة الصندوق السعودي الأردني للاستثمار المساهمة العامة المحدودة، للقيام باستثمارات في الأردن في العديد من القطاعات الحيوية، ومن المتوقع أن يصل حجمها إلى نحو ثلاثة مليارات دولار، وتمت الموافقة على تسجيل هذه الشركة القائمة بشراكة بين صندوق الاستثمارات العامة السعودي وشركة مجموعة البنوك التجارية الأردنية للاستثمار وشركة البنوك الإسلامية الأردنية للأنشطة الاستثمارية، وفقاً لقانون صندوق الاستثمار الأردني، والذي يوفر جميع المزايا المطلوبة لإنجاح استثمارات الصناديق السيادية العربية في الأردن، ولتمكينها من تحقيق المردود المناسب للمستثمرين، واستغلال الفرص والإمكانات الاقتصادية لتحفيز النمو الاقتصادي، وتوفير فرص عمل للشباب الأردني في مختلف القطاعات والمحافظات، ومشروع اتفاقية قرض إعادة إنشاء وتأهيل الطريق الصحراوي (عمان – العقبة) بقيمة ما يقارب 105 ملايين دولار، ومشروع اتفاقية في مجال حماية البيئة والمحافظة عليها، ومشروع برنامج تنفيذي للتعاون في مجال الشؤون الاجتماعية، ومشروع برنامج تنفيذي في مجال الثقافة، ومشروع مذكرة تفاهم في مجال الخدمات البريدية بين شركة البريد الأردني ومؤسسة البريد السعودي، ومشروع مذكرة تفاهم بين وزارتي الصحة في المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة العربية السعودية للتعاون في المجالات الصحية، ومشروع مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الإسكان بين وزارتي الإسكان في البلدين، ومشروع اتفاقية التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات بين حكومتي البلدين، ومشروع عقد البحث والتطوير في مشروع تعدين خامات اليورانيوم في منطقة وسط الأردن بين مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة السعودية وبين هيئة الطاقة الذرية الأردنية، ومشروع مذكرة تفاهم لدراسة الجدوى الاقتصادية لبناء مفاعلين بتقنية المفاعل ذي الوحدات المدمجة الصغيرة في المملكة الأردنية الهاشمية لإنتاج الكهرباء وتحلية المياه، ومشروع مذكرة تفاهم وتعاون إخباري بين وكالة الأنباء السعودية واس ووكالة الأنباء الأردنية بترا، ومذكرة تفاهم لمشروع مدينة العلاج والتأهيل الطبي في الرياض بقيمة تقدر بحوالي 320 مليون دولار، ومذكرة تفاهم لإنشاء شركة سعودية أردنية في مجال تطوير الخدمات الطبية بقيمة تقارب 54 مليون دولار، ومذكرة تفاهم لمشروع الريشة لتطوير وبناء وتشغيل محطة شمسية بقدرة 50 ميغاوات على الحدود الشرقية للأردن بقيمة 70 مليون دولار. والاتفاق على مجموعة من العناصر المشتركة كتعزيز التعاون بين الإدارات البحرية وآلية التحقق من الشهادات، وتبادل الخبرات ونقل المعرفة في مجالات النقل البحري، وتوسيع نطاق التعاون المشترك فيما يتعلق بالتعليم والتدريب البحري من خلال الكليات والأكاديميات المعتمدة في البلدين، إضافة إلى تنمية حركة التبادل التجاري وتسهيل الإجراءات في موانئهما من خلال التطبيق الأمثل للاتفاقيات الدولية ذات العلاقة والاستفادة من التجربة السعودية بهذا المجال. وتعد المملكة أحد أبرز الشركاء التجاريين للأردن والشريك الأول على مستوى العلاقات الأردنية مع الدول العربية حيث تتجه حوالي 11 %، من صادرات المملكة الاردنية للسوق السعودية، وان حجم الفرص التصديرية غير المستغلة التي تملكها المنتجات الأردنية للسوق السعودي وفقاً لدراسات مركز التجارة العالمي تقدر بحوالي 400 مليون دولار، ويتطلّب العمل سويا لازالة بعض العوائق التي تعرقل التبادل التجاري المشترك ورفع فرص تبادل السلع والمواد الاولية التي تحتاجها الصناعات في البلدين لتعزيز التكامل المشترك، والاستفادة من بيئة الاعمال الجاذبة والفرص الكبيرة خاصة في مجال التصدير لدول الاتحاد الأوروبي، وأن العلاقات المميزة بين البلدين اقتصاديا واستثماريا ساهمت بنمو حجم التجارة بينهما ليصل إلى ما يقارب 13 مليار ريال. ومكّن الدعم التنموي المقدم من المملكة العربية السعودية الحكومة الأردنية من تنفيذ المشروعات التنموية ذات الأولوية، ومواجهة التحديات الاقتصادية والمالية المرتبطة بانتشار فيروس كورونا، وإنفاذ توجيه خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد عن صرف وزارة المالية الدفعة الرابعة البالغة قيمتها 50 مليون دولار أمريكي، من المنحة التي قدمتها لدعم الموازنة العامة للأردن بقيمة 250 مليون دولار على مدى خمس سنوات (2022 - 2018) ضمن إطار مخرجات قمة مكةالمكرمة 2018م. ومساهمة المملكة في المنحة الخليجية من خلال قيامها بتخصيص منحة بقيمة 1.25 مليار دولار لتنفيذ مشروعاتها الاستراتيجية وذات الأولوية القصوى للحكومة الأردنية في مختلف قطاعات، ومساهمتها في تقديم حزمة مساعدات للأردن في إطار قمة مكةالمكرمة، بالإضافة إلى دعم الجهود التي تبذلها الحكومة الأردنية لتقديم الخدمات الضرورية للاجئين السوريين والمجتمعات المستضيفة، من خلال تقديم منح بلغت قيمتها الإجمالية 130 مليون دولار، مولت تنفيذ مشروعات في قطاعات الصحة والتعليم والمياه والصرف الصحي والطرق، يضاف الى ذلك تقديم الصندوق السعودي للتنمية قدم قروضاً ميسرة خلال السنوات الماضية، من خلال تمويل 19 مشروعاً ذات أولوية اقتصادية واجتماعية بلغت قيمتها حوالي 545 مليون دولار أمريكي خلال الفترة (1975 - 2021م)، حيث توزعت المشروعات التي تم تمويلها على قطاعات البنية التحتية، وقطاع المشاريع الاجتماعية كالصحة والتعليم، وقطاع المياه، وقطاع الطاقة بالإضافة إلى دور الصندوق في إدارة المنح المقدمة من حكومة المملكة للأردن.