تمثل جولة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز الخارجية أهمية سياسية لا تقل عن أهميتها الاقتصادية، حيث تقوم على ترسيخ العلاقات السعودية مع دول العالم، التي تمثل عمقًا مهماً، وتسعى هذه اللقاءات دائماً لتكون لقاءات خير وبركة، وتخرج بنتائج مثمرة وبنّاءة، وتخدم قضايا المنطقة. وجاءت زيارة ولي العهد التي بدأت بمصر وشملت الأردن واختتمت في تركيا.. في ظل أحداث سياسية وتغيرات جيوسياسية مضطربة على مستويات الاقتصاد والأمن والتوترات التي يشهدها العالم. وهي تعزيز للشراكات الاستراتيجية، وتدارس للمواقف المشتركة والتي تأتي ضمن التنوع والتوازن في العلاقات السعودية والشراكات، وهو نهج بدأه ولي العهد منذ خمس سنوات للتنوع في العلاقات والشراكات الخارجية. وكسبت الجولة أهمية كبيرة من حيث التوقيت والأهداف والمخرجات المتوقعة سواء كان في الجوانب الثنائية الاقتصادية والسياسية والاستثمارية والنفطية. حيث بدأت زيارة الأمير محمد بن سلمان لمصر، في مطلع جولته، لما يربطها بالمملكة العربية السعودية من علاقات أخوية تاريخية، ومن منطلق توحيد الرؤى بين القيادتين السعودية والمصرية. كما أن اللقاء الذي جمع سمو ولي العهد وفخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية وبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية واستدامة الشراكة بين البلدين في مجالات التعاون الثنائي، بما يحقق المصلحة المشتركة والمنفعة المتبادلة بين البلدين، وتكثيف التشاور والتنسيق حيال عدد من الملفات والقضايا الإقليمية والدولية في ضوء التحديات الراهنة، وما تستدعيه من ضرورة تضافر الجهود بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية غير مسبوقة في جميع مجالات التعاون. وقد ارتقت العلاقات الثنائية بين المملكة ومصر، بدعم وتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، نائب رئيس مجلس الوزراء، وأخيهما فخامة رئيس جمهورية مصر العربية السيد عبدالفتاح السيسي. ولا تقل زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى الأردن أهمية عن زيارة مصر، وفي تلك الزيارات حرص ولي العهد على استعراض أوجه العلاقات مع عمان، وفرص تطويرها في مختلف المجالات. إن تعميق وتعزيز علاقات المملكة مع الدول العربية، تأكيد على أهمية ودور المملكة وما تشكله من عمق استراتيجي في المحيطين الإقليمي والعربي، وانعكاس على الروابط الأخوية الراسخة والتاريخية التي تجمع بين البلدين الشقيقين، ووحدة المصير المشترك. كونها تعمل على نقل العلاقات السعودية الأردنية نقلة نوعية ومرحلة جديدة مزدهرة ومتقدمة تنعكس على البلدين الشقيقين وتطلعات شعبيهما، وتعمل على مزيد من التقارب والتعاون والتكامل والانسجام في الملفات المشتركة كافة. واختتم صاحب السمو الأمير محمد بن سلمان جولته الإقليمية من خلال محطته الثالثة والأخيرة الجمهورية التركية، بعقد مباحثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.. في القصر الرئاسي بالعاصمة أنقرة، وتم تناول ملفات سياسية واقتصادية، وشهدت هذه الزيارة الرسمية توقيع اتفاقيات في مجالات مختلفة ومتنوعة أيضاً. كما أنها تظهر العلاقات التاريخية التي تجمع البلدين الفاعلين في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي والتي تتنامي في المجالات كافة.. وتعد أول زيارة رسمية للأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز إلى تركيا، وتأتي بعد أقل من شهرين من أول زيارة يجريها الرئيس أردوغان للسعودية منذ سنوات والتي أجريت في 28 أبريل الماضي. وتجمع تركيا والسعودية علاقات تاريخية لا سيما على مستوى دعم قضايا الأمة الإسلامية والتعاون الثنائي في المجالات كافة خاصة الاقتصادية، ومنذ زيارة أردوغان التاريخية للمملكة قبل شهرين بدأت تتنامى في مختلف المجالات. جولة ولي العهد تكتسب أهمية خاصة، كونها تأتي قبيل أقل من شهر من قمة جدة المقرر عقدها في 16 يوليو المقبل، التي تجمع الرئيس الأميركي جو بايدن، مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي الست، وملك الأردن الملك عبدالله الثاني، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، تلك القمة أراد ولي العهد التحضير لها جيداً، عبر التنسيق المسبق مع قادة بعض الدول، لضمان تحقيق أفضل المكاسب لدول المنطقة وشعوبها، بما يخدم مصالح البلدين ويصب في مصلحة المنطقة وتعزيز الأمن والاستقرار فيها.