تحقق في الأسبوع الحالي، ما كان تترقبه الأوساط الاقتصادية العالمية لزيادة أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأمريكي بنسبة 75، وثاني ارتفاع عقب الزيادة التي أقرت في شهر مايو الماضي، وتعد هذه الزيادة حدثا تاريخيا في الاقتصاد الأمريكي الذي ترتبط به معظم بنوك وأسواق العالم، حيث أنها الأكبر من نوعها منذ 1994 وفي هذ الشأن أوضح ل»الرياض»، الدكتور خالد رمضان، الخبير الاقتصادي، رئيس المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، أن القرار الأخير للاحتياطي الفيدرالي بزيادة أسعار الفائدة بنسبة 75 نقطة أساس أظهر أن البنك المركزي الأمريكي عازم بكل قوة على اتخاذ أي إجراء استثنائي لوقف التضخم الأسوأ خلال أربعة عقود، متوقعاً أن يصبح الركود الضحل أمراً واقعاً خلال الربع الثالث، لأن دورة رفع الفائدة الحادة ستدفع إلى الركود، وهو أمر حدث مرارًا وتكرارًا في الماضي، ولهذا، لا ينبغي التوسع في شراء الأسهم والأصول التي تنطوي على مخاطرة، مستبعداً في ذات الوقت استمرار أمد المعاناة الاقتصادية، والتحول للسوق الصاعدة في العام المقبل. ويرى الخبير الاقتصادي، أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيعاود خفض أسعار الفائدة في عام 2023 من أجل إعادة تشغيل الاقتصاد بمجرد السيطرة على التضخم، وهذا الأمر سيمكن الاقتصاد الأمريكي من الخروج من دائرة الركود، ومن ثم تحقيق نمو ذا مغزى، مضيفاً أن عدوى الركود الأمريكي قد تتحول إلى ركود عالمي بنسبة كبيرة قد تصل إلى 75٪، لافتاً إلى أن تشديد السياسة النقدية للفيدرالي تجعلنا نرجح أن الركود القادم سيكون سطحيًا، لأنه مسعر بالفعل في بعض الأصول، ومنوهاً إلى أن البنوك المركزية لديها القدرة على الحد من الأضرار الاقتصادية عقب نجاحها في ضبط معدلات التضخم عند المستوى المستهدف. وأضاف الخبير الاقتصادي أن توسيع فروق أسعار الفائدة بين الولاياتالمتحدة والأسواق الناشئة سيؤدي إلى زيادة هروب الرساميل من هذه الأسواق، وعندها سيكون التحدي الرئيس لبنوك الاقتصادات الناشئة متمثلاً في وفرة السيولة النقدية في النظام المصرفي، ووجود رؤوس أموال وقائية، لأن الأسواق الناشئة تظل كغيرها غير قادرة على الهروب من ضغوط التضخم، لا سيما ارتفاع أسعار المواد الغذائية، ولهذا نتوقع أن تقوم البنوك المركزية في الاقتصادات الناشئة بإجراءات إضافية من أجل مكافحة التضخم، وإغراء الاستثمارات الأجنبية على البقاء وعدم المغادرة إلى الأسواق الأمريكية. أما عن السعودية ومنطقة الخليج عموماً، فقد أوضح رمضان أن أساسيات الاقتصاد الخليجي مختلفة عن الاقتصادين الأمريكي والأوروبي، حيث تستفيد دول الخليج من ارتفاع أسعار النفط على عكس التأثير السلبي لارتفاع أسعار الطاقة في أمريكا وأوروبا، مشيراً إلى أن إقدام البنوك المركزية الخليجية على رفع معدلات الفائدة عقب قرار الفيدرالي الأمريكي أمر متوقع ولا يشكل أية مفاجأة، نظراً إلى أن البنوك الخليجية المركزية تربط عملتها بالدولار، لافتا إلى أن رفع أسعار الفائدة في دول الخليج سيضغط على الرهون العقارية، وقد يؤدي لتباطؤ وتيرة البيع والشراء في قطاع العقار، بسبب زيادة قيمة الأقساط، وقد تتأثر أرباح الشركات سلباً بسبب زيادة تكلفة الاقتراض، إلا أن هذه الزيادة ستنعكس إيجاباً على أرباح البنوك الخليجية. وبالنسبة للبنوك السعودية، رجح الخبير الاقتصادي، أن تستفيد هذه البنوك من زيادة أسعار الفائدة، ففي مقابل كل زيادة بنحو 100 نقطة أساس، سيرتفع صافي دخل البنوك السعودية بنسبة 13 %، إلا أن زيادة سعر الفائدة سيؤدي في المقابل إلى إبطاء نمو العملية الائتمانية، لأن كثيراً من المقترضين سيؤجلون عملية الشراء حتى تهدأ الأسعار، كما ستقل الرغبة في الحصول على قروض عقارية بسبب زيادة أعباء خدمة الدين على الأسر مع ارتفاع تكلفة الرهون العقارية. د. خالد رمضان