تصاعدت اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه ضد مدينة القدس وأهلها خلال العام الجاري، بوتيرة متسارعة، وسط تنامي مخططات التهويد والاستيطان بحق المقدسات الإسلامية، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك. وطالت انتهاكات الاحتلال مناحي مختلفة في حياة المقدسيين، منها محاربة المرابطين الفلسطينيين في المسجد الأقصى، ومحاولة إبعادهم عنه، للاستفراد به أثناء تنفيذ المستوطنين لاقتحاماتهم المتكررة، أو أدائهم الطقوس التلمودية. وخلال العام الجاري، أصدرت سلطات الاحتلال أكثر من 42 قرار إبعاد عن المسجد الأقصى ومدينة القدس، واستهدفت عمليات الإبعاد الناشطين المقدسيين ومن الداخل الفلسطيني. وكانت آخر قرارات الإبعاد، الخميس الأخير، حينما أبعد الاحتلال الناشطة هنادي حلواني عن المسجد الأقصى لأسبوع؛ تمهيدًا لتسليمها قرار تمديد قد يصل إلى ستة أشهر. وإمعانًا في الانتهاكات، أبعدت قوات الاحتلال، الخميس، أسيرين محررين بعد الإفراج عنهما من سجونه، حيث أبعدت الأسير المقدسي معاوية علقم إلى أريحا لأسبوع، عقب الإفراج عنه بعد أن أمضى ست سنوات ونصفًا. كما وأبعدت قوات الاحتلال الأسير المحرر محمد فيراوي عن البلدة القديمة لأسبوع، بعد الإفراج عنه بيومين من سجونها، والتي أمضى فيها ثماني سنوات. وتواصلت السياسة التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية والمتمثلة في العقاب الجماعي ضد أهالي القدس، فقد استشهد خمسة مقدسيين برصاص وقنابل جنود الاحتلال خلال 2022، منهم الصحفية شيرين أبو عاقلة، والتي ارتقت خلال تغطيتها الإعلامية لاقتحام جيش الاحتلال منطقة جنين بالضفة الغربية. وضمن ممارستها العدائية والانتقامية، نفذت قوات الاحتلال اعتداءات عدة بحق المقدسيين وممتلكاتهم، ولاحقت التجار ومفاقمة الوضع الاقتصادي، بفرض غرامات وضرائب باهظة، لأجل استنزاف عملهم وجيوبهم، بهدف إجبارهم على الرحيل وتهجيرهم من القدس. وتراجعت الحركة التجارية في البلدة القديمة بالقدس، جراء الحواجز العسكرية التي يقيمها جيش الاحتلال، لمنع أهالي الضفة الغربية والداخل، وعرقلة وصولهم إلى البلدة. وعلى صعيد التهجير القسري، فرضت قوات الاحتلال سياسات خانقة؛ سعيا في تهجير المقدسيين، ونفذت سلطات الاحتلال وبلديتها نحو 60 عملية هدم واستيلاء على الممتلكات ومنشآت ومنازل لمقدسيين منذ بداية العام الجاري. وشنت قوات الاحتلال حملات اعتقال واسعة طالت المقدسيين خلال تصديهم لاقتحامات المستوطنين للأقصى واعتداءات جيش الاحتلال على المصلين والمرابطين في المسجد. في السياق قالت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، إنها وثقت 22 اقتحاما للمسجد الأقصى المبارك من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين خلال شهر مايو الماضي، فيما تم منع رفع الأذان في الحرم الابراهيمي 50 وقتا. وأوضحت الوزارة، في تقريرها الشهري، أن أكبر عدد للاقتحامات سُجّل في التاسع والعشرين من شهر مايو الماضي، حيثُ اقتحم المسجد الأقصى أكثر من 1700 مستوطن، تزامناً مع احتفال المستوطنين بذكرى احتلال الشطر الشرقي للقدس. وأشار وزير الأوقاف الشيخ حاتم البكري، إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي منعت رفع الأذان في الحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل، خمسين وقتاً وشرعت بتركيب أجزاء من المصعد الكهربائي بعد قصِّ "الدرج الأبيض"، في خطوة خطيرة تتعرض للتراث الإسلامي في هذا المكان الذي يتعرض بشكل يومي لانتهاكات تمسُّ بمكانته الدينية والروحية للمسلمين صاحبي الحق الوحيد في استخدامه مكاناً للعبادة لحصرية سيادتهم عليه. وأوضح أن سلطات الاحتلال واصلت الحفريات في استراحة الحرم الإبراهيمي، ولا تزال تمارس التشويش على سماعاته، واقتحمت منطقة الباب الشرقي ووضعت طاولات وكراسي لعقد اجتماعات لجنودها. وأكد البكري على خطورة الانتهاكات المتزايدة التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي ضد المقدسات الإسلامية والمساجد في عمل منظم وممنهج لضرب مشاعر المسلمين. حيث هدم الاحتلال مسجداً في تجمع "عرب الرماضين" الجنوبي في قلقيلية، وهاجم مستوطنون بلدة عوريف وحطموا نوافذ مسجد الرباط، واقتحم وفتش جنود الاحتلال مسجد "التقوى" بالتوانه بيطا، فيما اقتحمت أعداد كبيرة من قطعان المستوطنين محيط مسجد النبي يونس في حلحول تحت حراسة مشددة من قوات الاحتلال، وحاولوا خلع شبابيك المسجد، وأطلق جيش الاحتلال النار بكثافة، مستهدفا مئذنة المسجد أثناء رفع أذان الفجر. كما اقتحمت قوات الاحتلال مبنى مديرية أوقاف شمال الخليل في حلحول والملاصقة لمسجد النبي يونس، وكذلك مبنى مدرسة وروضة جيل الأمل التابعة للجنة زكاة حلحول. ووثق تقرير أعدته وزارة الأوقاف، إصابة العشرات من المرابطين المتواجدين بالمسجد الأقصى المبارك، بالاختناق ورصاص الاحتلال المعدني المغلف بالمطاط، فيما حطم رصاص الاحتلال زجاج منبر صلاح الدين الأيوبي.