لقد قيّض الله لهذه البلاد المباركة قيادةً، إصلاح معاش الناس وأمنهم هو جلُّ غايتِها، ومن أهم ما يصلح للناس معاشهم الاهتمام بصحتهم وتحسين نوعية حياتهم وتحسين جودة الخدمات المقدّمة لهم والاهتمام بأن تقدم تلك الخدمات قيمة مضافة من خلال احتواء التكاليف وتخفيضها على المواطنين وتوجيه المزيد من الاستثمارات نحو القطاع الصحي. فصحة الإنسان وسلامته كانت وما زالت أولى أولويات قيادتنا الرشيدة، وكان من اهتمام مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو سيدي ولي عهده الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله - بالقطاع الصحي إنشاء برنامج تحول القطاع الصحي كأحد البرامج المستحدثة ل «رؤية المملكة 2030»؛ وذلك لضمان استمرار تطوير خدمات الرعاية الصحية في المملكة وتركيز الجهود في هذا القطاع المهم؛ لأن التحول في القطاع الصحي يحقق إنجازات ومستهدفات استراتيجية تطور من هذا القطاع المهم ليواجه التحديات المختلفة. ومنذ تأسيس مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، وهو يسعى إلى تحقيق التميز والكمال في كل ما من شأنه أن يخدم الجانب الصحي للإنسان، ويعنى بتطوير الرعاية الصحية ومهنة الطب في المملكة؛ لتجنيب المواطن عناء السفر للخارج؛ بحثًا عن العلاج التخصصي، وقد حقق في ذلك نجاحات عديدة توجت بشهادات الاعتماد والتميز على مدى تاريخه لتصبح الأبرز في المنطقة، حيث قدم وما زال يقدم رعاية صحية رائدة وعالمية المستوى، ويطمح أن يصبح أحد أفضل المراكز الصحية التعليمية في العالم، وذلك عبر خطط مدروسة للتحول همها الأول يتلخص في «تجربة المريض»، وتوفير بيئة العمل الداعمة للنجاح والعمل على استقطاب المزيد من أفضل الكفاءات المحلّية والعالمية. إن الجهود المخلصة المبذولة من جميع منسوبي مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث خلال الفترة الماضية عززت من مكانته وساهمت في إثراء تجربة المريض. فقد تمكن العاملون من زيادة عدد المرضى المحولين إلى المستشفى بنسبة 60 %، وتقليل مدة انتظار المراجع بنسبة 33 %، وزيادة السعة السريرية بنسبة 15 %، بالإضافة لزيادة السعة التشغيلية بنسبة 18 %. كما حصل المستشفى على 10 اعتمادات أكاديمية عالمية جديدة؛ ليصبح لدى مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث 43 اعتمادًا أكاديميّاً عالميًا، إضافة إلى حصوله على عدة جوائز في مجال الابتكار الصحي التقني. ولقد بذل مجلس الإدارة جهدًا كبيرًا في الإشراف والمتابعة لتحقيق هذه إنجازات والوصول الى أهداف برنامج التحوّل واسع النطاق وتبنّي نهج التطوير المستمر لمنسوبي المؤسسة، ما انعكس على تحسين سعة المستشفى وإمكاناته؛ لتقديم المزيد من الرعاية الصحية المميزة للمرضى ولخدمة المجتمع. وما كان لهذه الإنجازات أن تتحقق إلا بالدعم الكبير الذي حظي به القطاع من سمو سيدي ولي العهد الذي آمن بقدرات العاملين في المجال وطموحاتهم، فكانت رؤيته وتخطيطه حافزا لنا على تحقيق الإنجازات. لقد قمنا منذ صدور الأمر الملكي الكريم والقاضي بتحويل المؤسسة العامة لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث إلى مؤسسة مستقلة ذات طبيعة خاصة غير هادفة للربح ومملوكة للدولة، على إعداد الإجراءات القانونية والمالية والتنظيمية والمتطلبات الأخرى للتحول لتعزيز قدرات المؤسسة بأكثر الطرق فعالية بما يحقق الاستقلالية والمرونة اللازمتين لتطوير خدماتها. كما أن تلك الاستقلالية ستمكننا من تحقيق خطط التوسع والتطور، وهي خطوة تمهّد لانطلاق برنامج تحوّل شامل لتطوير خدماتنا وسعة المستشفى وإنتاجها البحثي. كل ذلك يتماشى مع رسالتنا التي تتمثل في توفير أعلى مستويات الرعاية الصحية وأفضل تجربة للمرضى في بيئة تعليمية وبحثية متكاملة، إضافة إلى مواكبة أهداف برنامج تحول القطاع الصحي ليكون نظامًا صحيًا شاملًا وفعالًا ومتكاملًا يقوم على صحة الفرد والمجتمع. وفي الختام أسأل الله أن يحفظ قيادتنا الرشيدة، وأن يمكّن لها، لمواصلة مسيرة البناء والتنمية الشاملة المستدامة، وتعزيز مكتسبات الوطن وإنجازاته على الصعيدين المحلي والدولي. * المشرف العام التنفيذي لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث