تأخذُنا الحياة تارة إلى حيثُ نهوى، وأخرى إلى أماكن لا تنتمي إلينا، نتوهُ في الطرقات، نقَع على غيرِ أشكالنا أحيانًا، نُحلِّق في غيرِ سمائِنا، يتزعزع الثبات الذي بداخلنا، تمرُّ الأيام ونحنُ مُدركون تمامًا للخلل الحاصل؛ لكنّنا غير قادرين على اتخاذ قرار مناسب يُخلّصنا، نظنُّ بلحظةِ يأس أنّنا سنعيشُ بقيّة حياتنا بأنصاف أشياء وبمحدودية أُفُق، ثمّ تحدُث صُدفة تُغيّر الحال، مثل المطر بعد إجدَاب الأرض، فرحة تحفّنا من حولنا، تُضيء عالمنا، ولا ندري كيف عُدنا إلى مسارنا الصحيح وقتئذٍ! مَن الذي أعادنا؟ ومتى عُدنا؟ كل ما نعرفه أنّنا عُدنا، وأنّ شيئًا ما كان يُثقل صدرنا قدْ أُزيحَ تمامًا، ولمْ يعد يُثقلنا بوجوده. إشراقةٌ جديدة تُعيدُ ترتيب الأحداث في حياتنا، تُعيدنا إلى رُشدنا، وتُكسِبنا اتّزاننا؛ لنكون إثرها كمن خرَج من الظلامِ إلى النور. مهما عصفت بنا الحياة نحنُ نقاوم، بإدراكٍ تام أو بدونه لا يهمّ؛ لكنّنِي على يقينٍ تام بأنّنا نقاوم، ونحبُّ أن نبدأ من جديد، غير آبهين لما حدَث سابقًا، متغافلين تمامًا، لا نعرفُ سوى أنّنا لا نرغبُ بالخسارات ولا نحبُّ المكوث في القاع! مهما عصفت بنا الحياة، مهما اشتدت العاصفة، مهما حرّكتنا نحو اتجاهاتٍ لا نرنُوا إليها، تجدُنا نَصمُد ونَرسَخ، وإنْ امتدت العاصفة إلى حدوث كارثة تودي بنا لاقتلاعنا من جذورنا، لمجرّد أنْ نجِد تُربة أخرى تحتضننا، سنحاول الانسجام معها؛ لتتمدّد بها جذورنا وتَثبُتْ ونبدأَ من جديد، لا شيء في هذه الحياة يمنعنا من أنْ نعودَ مجدّدًا، إلّا إذا أردنا ألّا نعود! وحاشانا من اليأسِ والقنوط.