يجب التنبه إلى ضرورة الفصل بين الحياة الشخصية والاجتماعية، فالشخصية لك أن تفعل فيها ما تشاء وحسابك ليس لأفراد المجتمع دخل فيه، أما حينما تنقل حياتك الشخصية إلى الفضاء العمومي فأنت عرضة للحساب والنقد والعقوبة إن لزم الأمر. من إشكالات مواقع التواصل أنها ميّعت هذا الفصل المهم بين الحياتين، وجعلتهما شيئًا واحدًا باسم الحرية، وعند النظر لا نجد إلا تمردًا على العقد الاجتماعي ومحاولة جادة في جعل الرغبات الشخصية قاعدة اجتماعية، ولعل الفضول عند الإنسان هو السبب في تطورها وتفعيلها واقعياً. الإنسان محكوم عليه بالحرية كما يقول سارتر، لكن الحرية تقتضي منه المسؤولية الكاملة عن أفعاله وتحمل نتائجها، وأن يعلم يقيناً أن هذا الطريق لن يكون إلا بمصاحبة القلق، وعليه؛ لا يصح ولا يحق للحر أن يسقط ما بنفسه على غيره كي يتخلص من تأنيب الضمير أو القلق، والأسوأ من ذلك أن يصل بين تمرده وبين القيم الكبرى كالدين والوطن والأخلاق ويطرحها بأسلوب شعبوي انفعالي يجلب من خلاله مجموعة من التابعين المماثلين في تمردهم له، في هذه الحالة -كما عند سارتر- يكون هذا المتمرد داخل مرحلة الانفعال لا الوجود. مرحلة الانفعال تتميز بعدم الثبات، وبأنها كالشهوة التي تتجدد باستمرار دون منطق يجعلها قادرة على الانتقال من حيز الفرد إلى الجماعة، مما يكبلها في ماهيتها ولا يحررها من رغباتها، فلا يصح وفق هذا المبدأ أن تكون قاعدة اجتماعية. نهاية المطاف؛ حياتك لك وحدك، وليست سقفاً يستظل به المجتمع.