انتهت البارحة أولى ليالي العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك والتي لها مكانة خاصة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته، إذ ثبت في الصحيحين "عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شدَّ مئزره، وأحيا ليله وأيقظ أهله"، واستقبل المسجد النبوي الشريف العشر الأواخر وزواره يشتاقون للصلاة في الروضة الشريفة وزيارة النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضوان الله عليهما، وأداء صلاة التراويح والقيام حيث تهدأ النفوس بعيدا عن صخب الحياة وتمتلئ الروح بالسكينة والطمأنينة، ويقف المصلون بثبات كجسد واحد، متراصي الأقدام والأكتاف، متآلفي الجِنان، مؤتمين خلف الإمام مرددين معه في كل ركعة آمين رجاء إجابة الدعوات، ضاربين أجمل الصور لتماسك المؤمنين وتراصهم كالبنيان المرصوص، تُغفر في الليالي المباركة الذنوب وتتضاعف الحسنات، قال صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيماناً واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"، وفي شهر الخيرات يتزود المؤمنون بالطاعات والقربات ومنها إحياء الليل بالصلاة والدعاء وقراءة القرآن. وقد بدأت هذه الشعيرة المباركة والسنة المؤكدة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صحابته الكرام رضوان الله عنهم، روت عائشة رضي الله عنها: أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَرَجَ لَيْلَةً مِن جَوْفِ اللَّيْلِ، فَصَلَّى في المَسْجِدِ، وصَلَّى رِجَالٌ بصَلَاتِهِ، فأصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَاجْتَمع أكْثَرُ منهمْ فَصَلَّى فَصَلَّوْا معهُ، فأصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَكَثُرَ أهْلُ المَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَخَرَجَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَصَلَّى فَصَلَّوْا بصَلَاتِهِ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ المَسْجِدُ عن أهْلِهِ، حتَّى خَرَجَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى الفَجْرَ أقْبَلَ علَى النَّاسِ، فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: أمَّا بَعْدُ، فإنَّه لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكَانُكُمْ، ولَكِنِّي خَشِيتُ أنْ تُفْتَرَضَ علَيْكُم، فَتَعْجِزُوا عَنْهَا، فَتُوُفِّيَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والأمْرُ علَى ذلكَ"، ثم استمر الناس بالقيام وحدهم، وفي عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه جعل لها إماما موحدا يصلي بالناس، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ"، وعمر بن الخطاب ثاني الخلفاء الراشدين، ومن فقهاء الصحابة، فعُمل بسنته منذ بداية عهده إلى وقتنا الحالي يرفع صوت التراويح بآيات الله بعد كل صلاة عشاء في رمضان. ولوكالة شؤون المسجد النبوي جهود كبيرة في تيسير وتنظيم دخول المصلين لصلاة التراويح والقيام، ويبلغ عدد المصلين في أيام الشهر المبارك أكثر من نصف مليون مصل، كما يتم العناية بتهيئة المسجد وساحاته ومرافقه من حيث التكييف وتخصيص مراوح الرذاذ في الساحات لتلطيف الجو، والعناية بمستوى الإضاءة والصوت وخدمات السجاد والتنظيف والتعقيم والسقيا، فمنذ أن يدخل الزائر إلى المسجد النبوي يرى كافة العاملين يقومون بخدمته ويحرصون على أداء عملهم على أتم وجه، فيشاهد عند قدومه للمسجد النبوي خدمة العربات الكهربائية والكراسي المتحركة لتسهيل حركة كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة، بالإضافة لتهيئة مرافق الوضوء وخدمات الإرشاد وتهيئة الممرات لضمان سهولة دخول الزائر للمسجد النبوي، فعند قدومه تستقبله نفحات البخور والطيب لتطيبه بأزكى العطور وأجود أنواع البخور، وعلى طول ممرات المسجد وساحاته يروي الزائر عطشه ويتبارك بشرب زمزم المبارك، ليقوي نفسه على القيام والعبادة، ثم يقف المصلي على السجاد الأخضر الأفضل على مستوى العالم حيث يغطي جميع أرجاء المسجد، لينعم المصلون بالراحة والخشوع ويؤدوا صلاتهم بكل يسر وسهولة. وتولي وكالة شؤون المسجد النبوي حركة الحشود داخل المسجد النبوي عناية فائقة، فهيأت ممرات لدخول وخروج المصلين حيث تبلغ 38 ممرا رئيسا و14 ممرا فرعيا و38 مدخلاً من مواقف السيارات و30 سلماً عادياً و12 سلماً كهربائياً، ويبلغ عدد الحواجز المتحركة 1000 حاجز، بالإضافة لدعم ذلك بالعربات الكهربائية لتسهيل حركة المصلين بمتوسط 821 رحلة يومياً، يأتي ذلك ضمن جهود وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي في تسخير كافة الخدمات لقاصدي الحرم الشريف والتطوير المستمر لمنظومة الخدمات من خلال استقبال اقتراحات الزوار ورصد كافة الملاحظات للتحسين المستمر وضمان تقديم أرقى الخدمات للزائرين وتحقيق تطلعات القيادة الرشيدة - حفظها الله - في تهيئة المسجد النبوي للمصلين والزائرين. إحياء الليالي المباركة بالدعاء زوار المسجد النبوي ما بين دعاء ورجاء