المحسن بن هنية كاتب تونسي معروف، كتب الرواية والقصة والبحث، عضو في اتحاد الكتاب التونسيين منذ عام 1998، انتخب رئيساً لفرع اتحاد الكتاب لثلاث دورات، ترجمت له العديد من الأعمال إلى الفرنسية والإنجليزية. اشتغل في التوثيق لمؤلفي وكتاب المغرب العربي، كتاب وشعراء، وظهر جلياً تعلقه في مجال الإبداع الأدبي بشتى أنواعه ومنها السرد الروائي. صدر له العديد من الكتب، ويصدر له قريباً معجم روائي الخليج، وهو عبارة عن سير وتراجم روائيين وكتاب معروفين من الخليج العربي، حرصنا في زاد المعرفة على استضافته للحديث عن هذه التجربة الثرية. * لماذا تحملت رحلة التوثيق التعريفي في سير وتراجم الروائيين العرب ولماذا هذا الجانب بالذات؟ * كان ذلك بسبب حبي للمجالات الإبداعية بشتّى أنواعها وبالأساس السرد الروائي، وذلك ما دفعني إلى خوض التجربة، ولم أجهد نفسي في العودة للدراسة المنهجية اللازمة، بل انطلقت من سبل دأبت عليها، وهي تصب في منهج الإبداع السردي. وقد عمدت في البداية إلى النظر فيما كتب حول تراجم الكتاب، أدباء وشعراء... فوجدت تجارب وجهوداً تذكر فتشكر، شحنت رغبتي فانكببت عليها لأحصل على ما أحتاجه من معلومات ومادة لإنجاز عملي هذا. وحرصت على عدم اتباع السابقين في أساليبهم لاعتقادي أن السير أوسع كمفهوم، ويمكن لها أن توصلني لما أريد. * كيف استطعت كروائي التوفيق بين البحث والتدوين وكتابة الرواية، وهل برأيك يمكن أن يكون الأدب وثيقة؟ * أتوخى الأسلوب الإبداعي في عملي البحثي لتلك الوشائح المتقاربة، بين البحث وتدوين سير الشخصيات، أي أنك تتحدث عن شخصية متخيلة وأخرى حقيقية، فالأولى تنطلق من التخييل والتصور والثانية من المعلومات والمراجع محملة بنفس إبداعي، أما هل يمكن للأدب أن يكون وثيقة فهذا أمر له وجهين قد لا يعتمد كوثيقة تاريخية، لكنه وثيقة إضافية، أو هي أكثر تفاصيل لدقائق لا يكتبها المؤرخ، وأعتقد أن الأدب بالرغم من كونه مشدوداً للخيال وإلى فرع الإنسانيات، هو النسخة الأكثر مشروعية والأكثر صدقاً. * كيف وجدت الروائيين الخليجيين، وأنت تبحث في أعمالهم الإبداعية؟ وهل نالت البيئة والمكان حيزاً في أعمالهم؟ * الحقيقة حصلت لي صدمة المفاجئة بعد أن انخرطت في البحث والتدوين للروائيين الخليجيين، فالوسائل الإلكترونية الحديثة التي فتحت باب الاطلاع، أضعفت دور الموسوعات حيث تظل الموسوعات هي النافذة الكبيرة التي ينظر منها المتابع، فالرواية في الخليج لا تختلف عنها في المغرب العربي الكبير، وهناك قامات شامخة بدءاً بالجيل المؤسس الذي انتحى وساير الظواهر الروائية في مصر ولبنان ثم بعد ذلك، في فلسطين والعراق، لذلك نجد أن سير وتراجم الروائيين الخليجيين تسلط الضوء على جلّ من كتب الرواية منذ الجيل الأول حتى جيل الشباب الآن، وقد وجدت أن التجارب متنوعة وآخذة أبجديات هذا الفن بجدارة. أما البيئة المكانية والزمانية فهي حاضرة بقوة لدى كتّاب الرواية في الخليج وللإشارة لبعضها، وليس الحصر نذكر ثلاث تجارب من بينها: تجربة عبد الله النعيمي في روايته "شاهندة" وتجربة خالد اليوسف في "نقاء الطين الأبيض" ورواية "ساق البامبو" للكويتي سعود السنعوسي. مثل هذه التجارب وثقت لأكثر من حالات التوثيق بل يعد وثائق لأوضاع مختلفة قد لا يوثقها المؤرخ بتلك البيئة المكانية وحتى الزمانية حضورها بارزاً. * مع انتشار التكنولوجيا ووسائل التواصل هل برأيك ظهرت مفاهيم جديدة للأدب وتأثير الكلمة؟ * هناك واقع جديد، وتحولات ثقافية، واقتصادية، ومعرفية، حولنا، بدأت خلال القرن الماضي وانتشرت مع بدايات هذا القرن، حدثت ثورة في المفاهيم والمعارف وتسارع وانقلاب في المعارف في معظم الجوانب، ومنح الأدب حالة تشكل جديدة، ونحن كمتابعين ومتفاعلين مع هذه التغيرات وتأثيراتها، ومن خلال رصدنا للتجارب المختلفة، نجد أن الكلمة باتت جزءاً من الكل، وأصبح من الممكن الكتابة بأشكال أخرى، بالصور والحركة والصوت والمشهد السينمائي. سير وتراجم روائيي الخليج غلاف سير وتراجم روائيي المغرب الكبير غلاف