باتت الفنون بمختلف قطاعاتها جزءاً لا يتجزأ من ثقافة الصحة النفسية والاستشفاء خلال العقود الماضية، واليوم تحتل دوراً مهماً على مستوى المملكة عبر تجاربها الاستثنائية تحت مفهوم العلاج الفني، كأداة للعديد من ممارسات المستشفيات ومراكز إعادة التأهيل التي تخدم بها فئات متعددة في المجتمع خاصةً أطفال مرضى السرطان، ويمثل الفن التشكيلي وسطاً تعبيرياً غير لفظي يحاول الإنسان من خلالها أن يسرد ما فيه ذاته ودواخله وما يحيطه،إذ هو نشاط يتجلّى في كيفية رؤية الأشياء وطريقة ترجمتها بشكل مختلف، وتجسيد المشاعر والدواخل إلى قيم بصرية ملموسة. وقد بلورت الطفلة العنود علي البالغة من العمر 13 عاماً تجربتها في محاربة سرطان الدم عبر طرق متعددة تتمثل بالرسم والإيمان والإبداع المتدفق بريشتها وألوانها المضيئة بعد اكتشاف والدتها لموهبتها الفريدة والمميزة، حيث سجلت حضورًا مبكراً في وعاء الفن بعمر العاشرة لتقدم على امتدادها 100 لوحة فنية رافقتها خلال مدة جلساتها العلاجية المختلفة مواصلة بها جلاء طاقتها الفنية الكامنة، وإقامتها معرضاً نوعياً احتضنته الجمعية السعودية للفنون التشكيلية في الرياض هذا الأسبوع. وتروي والدتها أمل الشريف قصة إلهام طفلتها وانغماسها في الفن التشكيلي وإنتاجها نماذج فنية حية تماثل مرآة مكنونها الفني الداخلي، فابتدأت حديثها قائلةً: "اكتشفت إصابة ابنتي بمرض السرطان في عمر الأربعة أشهر وشخصت حالتها بسرطان الدم في عمر العشرة أشهر، وكانت المرحلة الأولى للعلاج بالتنقل من مدينة إلى أخرى حسب الظروف تم من خلالها إصابتها بجلطات بالدم متفاوتة الأوقات حتى واصلت مرحلتها الثانية في مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض. وتابعت: استطاعت العنود ابتكار أكثر من 50 لوحة إبداعية خلال الستة أشهر ساعدها ذلك في تفريغ المتاعب والآلام التي استشعرتها فترة العلاج الكيميائي والجلسات المتتابعة، واختتمت "أستمد قوتي من الله سبحانه وتعالى، وأشدد أن أحد أهم أسباب شفاء طفل مريض السرطان بعد الله صحته النفسية بالتسلية والترويح عنها بالطريقة التي يفضلها".