الكتابة عن تاريخ البلدان هي عشق الكثير من المؤرخين والمثقفين وخاصة من اهتم بالدراسات الاجتماعية والجغرافية والمكانية، وهنا عرض كتاب "الخبراء ورياض الخبراء تاريخ وجغرافيا وموروث" للدكتور محمد الصالح العبدالله العريني، كتاب عرض فيه المؤلف تاريخ المنطقة وتطور البلدان عبر التاريخ ودراسة لعمارتها، ووضع التجارة والأسواق وأبرز التجار وأهم الصناعات، مع وقفات عند التحولات التي طرأت على الحياة منذ قيام الدولة السعودية الحديثة، كما شرح المؤلف حديثاً شائقاً عن العقيلات وعرض للحياة الاجتماعية والتراث والشعر وملامح التطور. الكتاب يقع في 486 صفحة من القطع الكبير، طباعة مميزة وغلاف كرتوني اشتمل على برج طيني من المنطقة، وصدر عام 1443ه، ويشتمل على عدة أبواب منها: الباب الأول عن تاريخ النشأة والحدود والحمى، ومعالم مدن الخبراء ورياض الخبراء، ومعالمها الجغرافية، وخرائط متنوعة، وأشعار وقصائد قديمة وحديثة، وجاء الباب الثاني؛ عن الحركة العلمية والمدارس القديمة والكتاتيب والمدارس النظامية والأوقاف والمكتبات مثل مكتبة الخضير والنويصر ومتحف السحيباني والميمان والعبري. والباب الثالث: عن الطراز المعماري والجوامع والتجار قديماً والأسواق والعقيلات والجماميل. الباب الرابع: عن الزراعة والمزارعين والنباتات والحيوانات والآلات القديمة وتكوين المزارع والنخيل والأثل والقمح ويوميات فلاحة والمسميات الزراعية وآلة السواني والمكائن. الباب الخامس: المجتمع النجدي والطفرة الاقتصادية والتكافل الاجتماعي، ومظاهر الزواج والحلي والملابس والضيافة والعادات والتقاليد. الباب السادس: عن الموروث الشعبي والأهازيج والسوالف والكلمات القديمة واللهجات، وقد أجاد الكاتب في انتقائها حسب الحروف الهجائية. الباب السابع: الاعلام والشعر والأدب والطب الشعبي، وهناك ملاحق رائعة خرائط ووثائق تزيد على عشرين وثيقة عن البيع والشراء وهبات الخيول وأسبال المساجد، منها أقدم وثيقة ورد فيها اسم رياض الخبراء عام 1231ه، ووثيقة جد المؤلف عبدالله الحسن الصالح العريني، ذكر فيها الصرف على المساجد والمدارس والكتب. وفي آخر الكتاب صور قديمة تراثية منها مرقب رباح بالخبراء، وآبار مطوية بالحجارة وصور عن الرحى والنقيرة والمقرصة وصوبة التمر وقرو بازان وصور عن الليوان القديم وبايكات وصور للأسوار وساحة السوق القديم في رياض الخبراء والخبراء القديمة. والحقيقة أن في هذا الكتاب متعة وفائدة ومعلومات كثيرة أمضى فيها المؤلف زمناً طويلاً في جمعها وترتيبها موثقة المعلومات وقوية المادة العلمية ومتنوعة في اختيار الموروث الشعبي والعادات والتقاليد والحكايات ورصد لكلمات وتعبيرات كانت سائدة وهي ذات أصل عربي فصيح، والكتاب أقرب إلى الدراسة النثروبولوجية من حيث اشتماله على مظاهر عدة في حياة البلدان وجغرافيتها. أهداني أخي الدكتور محمد الصالح العريني كتابه المتنوع والرائع ودراسته التاريخية عن جزء غالٍ من بلادنا فأعجبني تنوع مصادره ودراساته الشاملة وصور تراثياته والوثائق المشروحة والموضحة في ثنايا الكتاب، وكذلك الصور، ومن حقنا أن نفخر بهذا العلم البارز والمتخصص في تاريخ البلدان ورجل التميز والعطاء، الذي بذل جهداً بارزاً فيجمع معلومات وتاريخ وجغرافيا للخبراء ورياض الخبراء، وما حولهما من مدن وقرى ومعالم وأهلها ورجالها الأوفياء، فله منا حق الثناء وحق التقدير.