أكدت الدكتورة سلمى القحطاني استشاري الأعصاب واختصاصي اعتلالات الحركة بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض أن مرض باركنسون أو ما يعرف سابقاً بالشلل الرعاشي يعد أحد الأمراض المزمنة التي تصيب الجهاز العصبي المركزي منوهة إلى أن من أسبابة الرئيسة ضمور الخلايا المصنعة لمادة الدوبامين بجذع الدماغ وهي من المواد الأساسية للإنسان للتحرك بشكل سلس وطبيعي. جاء ذلك على هامش احتفال العالم باليوم العالمي للشلل الرعاشي (باركنسون) الذي يقام في الحادي عشر من أبريل كل عام. وأشارت الدكتورة سلمى إلى أنه وفي عام 1817 أي قبل أكثر من 200 سنة أصدر الطبيب الجراح البريطاني جيمس باركنسون أول نشرة علمية عن الأعراض الأساسية للمرض حيث قدّم مقالتهُ المشهورة الشلل الرعاشي Shaking Palsy، التي ذكر فيها أن هناك ست حالات تتشارك في ظهور نفس أعراض المرض ومنها بطء الحركة وتقارب خطوات المشي والرعشة وانحناء الظهر، موضحةً أن مرض الرعاش يصيب غالباً الأعمار فوق الخمسين بينما توجد نسبة بسيطة يصيبها المرض قبل هذا العمر، مؤكدةً أن الأعراض الحركية تعد من المؤشرات الرئيسة للمرض منها ما أشارت إليه سابقاً من بطء الحركة، وأيضا التخشب والرعشة، علماً بأن هذه الأعراض الحركية قد تظهر في جهة أكثر من الأخرى وقد تسبقها بعض الأعراض غير الحركية مثل الإمساك المزمن ومن ذلك أيضاً تغير حاسة الشم وبعض اضطرابات المزاج كالقلق أو الاكتئاب إضافةً أيضاً إلى بعض اضطرابات النوم، موضحة إلى أن المرض أكثر شيوعا عند الذكور منه عند الإناث. كما أشارت القحطاني إلى أن الأبحاث الطبية في الوقت الحالي أظهرت أن الكثير من الأدوية المتوفرة أدت إلى التُحسن بشكل كبير في الأعراض المرضية لداء باركنسون وأحدثت ثورة طبية حين اكتشافه. وعن أسباب المرض قالت: إنها في أغلب الحالات غير معروفة، لكن هناك بعض الأسباب التي تزيد من نسبة حدوث المرض، منها التعرض لبعض المواد الكيمائية السامة مثل المبيدات الحشرية، الإصابة المتكررة للرأس أو في حالات قليلة بعض الأسباب الوراثية. مشيرة إلى ما نوهت إليه إحصاءات الجمعية السعودية للأعصاب من أن نحو 7000 مريض يعانون حالياً من مرض الشلل الرعاش بالمملكة مؤكدة إلى ما أوردته الجمعية السعودية لمرضى باركنسون من أن 5 % من عوامل الإصابة تعود للوراثة بجانب دراسات أخرى أكدت أن نسبة الإصابة بالمرض في الشرق الأوسط تبلغ 3 مصابين لكل ألف شخص. وأبانت بأن الإحصاءات تقدّر عدد الأشخاص المصابين بمرض باركنسون بنحو 7 ملايين شخص حول العالم مضيفةً أن في الولاياتالمتحدة ما يقرب من مليون مريض بالشلل الرعاش يصاب منهم نحو 2 - 10 في المئة قبل سن الخمسين ويطلق عليه مرض «الشلل الرعاش» الشبابي. وفي سؤال حول ما إذا كان مرض باركنسون وراثياً أم لا قالت: بأن الغالبية العظمى من حالات المرض ليست موروثة مشيرة إلى أن الباحثين اكتشفوا عدة جينات من الممكن أن تسبب المرض لعدد قليل من الأسر، مستطردة بأن البحوث على هذه النماذج الوراثية النادرة تساهم إلى حد كبير في استيعاب التفاصيل وفهم جميع أشكال المرض علماً بأن العلماء لا يزالون يعكفون على طرق جديدة لتحديد المؤشرات الحيوية للمرض التي قد تؤدي للتشخيص المبكر مع التوصل إلى علاجات أكثر فاعلية في إبطاء عملية تطور المرض. وحول الرسائل المهمة لليوم العالمي للمرض في هذا العام فقد لخصتها الدكتورة سلمى في عدة نقاط منها تكثيف التوعية الصحية عن المرض مع زيادة الوعي وسط المرضى المصابين وعائلاتهم والمجتمع بشكل عام للتعرف على طبيعة المرض وأسبابه وأعراضه مع ضرورة التعريف بوسائل العلاج دوائياً وجراحياً للمرضى إلى جانب أهمية العناية التمريضية والعلاج الطبيعي وكذلك مشكلات التخاطب والبلع عند المريض وأيضاً التأكيد على أهمية التعايش مع المرض وكيفية التعامل مع المريض. ونصحت المرضى بضرورة تفهم المرض وتطوراته ومتابعته بانتظام مع الطبيب المعالج واتباع نصائحه حول طرق استخدام الأدوية مؤكدة أن الكثير من الناس يجهلون كيفية التعايش مع المرض والطرق الصحيحة لاستخدام الأدوية المتاحة لتحسين أعراضه، ووجهت بضرورة طلب المشورة الطبية والتشخيص المبكر والعلاج إذا لزم الأمر مؤكدةً على أن عدم التحكم في الأعراض بشكل صحيح يؤدي إلى سوء حالات المرض كما حثت العائلات على التثقيف الذاتي لأنفسهم والاطلاع حول هذه الحالة والاستفادة من فرص العلاج المتاحة ليكونوا في أفضل وضع لدعم مريضهم. واختتمت حديثها قائلة إن مع التطور العلمي تم الوصول إلى طرق أخرى لتحسين الحالات في بعض المرضى المصابين بالباركنسون ومن ذلك استخدام بعض الأدوية كمضخات تؤخذ للأمعاء عن طريق أنبوب مباشر أو على شكل إبر تحت الجلد، بجانب وسائل أخرى لتحسين الحالات ومنها عمليات الدماغ أو ما يسمى بتحفيز الدماغ التي تجرى في عدد من المستشفيات حالياً بالمملكة العربية السعودية.