تمر باكستان بمرحلة دقيقة في تاريخها، إثر أزمة دستورية غير مسبوقة، و ما زالت مفاعيل الأزمة السياسية مستمرة رغم انتخاب شهباز شريف رئيساً للوزراء بعد حصوله على أغلبية أصوات البرلمان، في ظل رفض رئيس الوزراء المخلوع عمران خان رفع المنديل، ومحاولته تحريك الشارع بالحديث عن مؤامرة خارجية لإسقاطه، وهو ما قد يفتح الأزمة على احتمالات لا يمكن حصرها حتى الساعة. لا شك أن الأزمة السياسية في باكستان، تحظى باهتمام إقليمي ودولي واسع نظراً للطبيعة الاستراتيجية المهمة لهذه الدولة، وموقعها الجيوسياسي المؤثر، فمن جهة تتبوأ باكستان موقعاً بارزاً في التأثير على الوضع في أفغانستان، كما أن علاقتها المتوترة بالهند تمثل هاجساً إقليمياً مزمناً، وفيما يخص العلاقة بالصين تجد باكستان نفسها في خضم صراع استقطاب حاد، في ظل تذبذب العلاقة مع الولاياتالمتحدة بعد فترة مثالية من التقارب والتنسيق، ولكل هذه الأسباب وغيرها فإن أي تغيير سياسي أو أزمة في باكستان تثيران قلقاً إقليمياً ودولياً، ومراقبةً حثيثة للتغيرات التي قد تطرأ على توجهات إسلام أباد فيما يتعلق بالقضايا الخارجية. غير أنه يبدو مطمئناً توجه رئيس الوزراء الجديد لحل الإشكالات الداخلية من خلال حوار وطني، شدد عليه في خطابه الأول وعلى التفاهم لمعالجة المشكلات والقضايا التي تواجه البلاد. المملكة من جانبها حريصة على استقرار باكستان وأمنها، وتضطلع بدور بارز في مساعدتها على تجاوز أي أزمة قد يمر بها، نظير مكانتها الراسخة كقائدة للعالم الإسلامي، وركيزة دولية للاستقرار والأمن، وهو ما أكد عليه شهباز شريف عندما ثمن دور خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد - حفظهما الله - ودعمهما الدائم لباكستان ووقوفهم لجانب الباكستانيين في جميع المحن التي تمر ببلادهم، وهو ما يضيف برهاناً جديداً على الأدوار التاريخية للمملكة في خدمة الأمة الإسلامية، وتعزيز الاستقرار الإقليمي والدولي.