الأخلاق نبتة لا بد من ريّها باستمرار لتعطر مملكتنا الحبيبة بقيمنا الإسلامية، فإنني أبادل الاحترام لكل فرد سواء يخالفني الرأي أو يوفقني الرأي، احترام غير الصفة تندرج ضمن المعايير الإنسانية للأفراد، حيث إن الاحترام من أسمى الصفات الإنسانية الواجب التحلي بها مهما اختلفت منزلته الاجتماعية أو التعليمية. إن الإنسان ليس بغناه أو نجاحه أو نفوذه ليعامل الآخرين باحترام، فديننا وإسلامنا وعقيدتنا جميعها توجهنا إلى الاحترام المتبادل، تستطيع بمنتهى البساطة أن تدخل في قلوب الآخرين دون أي فعل تقدمه له، يكفيك سلوكك الناطق بكل معاني الاحترام والأخلاق الفاضلة، حيث إن احترامك للآخرين يفيض عليك بمحبتهم ولا ينتقص من هيبتك إطلاقاً. للأسف مع متغيرات العصر اختلت بعض موازين الاحترام وأصبحت الألقاب ليست في عين الاعتبار، بمعنى أن هناك من لا يقيم لبعض الناس من الكبار في أعمارهم أو مواقعهم العلمية أو المهنية أي اعتبار. فمن المفروض أن يؤتى كل ذي فضل فضله من أهم سماتنا كمسلمين، ومن أهم القيم التي حث عليه الدين الإسلامي، بالطبع هناك تفاوتًا كبيرًا بين الناس وبعضها البعض، حيث أن الله - عز وجل - فاوت بين درجات العباد حتى في الجنة، فمنا من سيكون في الفردوس الأعلى، ومنا من هم أقل درجة، ومنا من يكون في أخر درجات الجنة، كل صاحب فضل لا بد أن يؤتى فضله وقدره. لكن دعني أوضح لك أن "إنزال الناس منازلها" يعني إعطاء كل شخص قدره بما يتماشى مع حالة سنه أو دينه أو علمه أو شرفه، والحض على تقدير مراتب الناس ومناصبهم وإيثار بعضهم على بعض في المجالس، هذا من أنبل شيم الإسلام. مما لا شك فيه أن هذا ليس بتكبر أو تعاليًا من ذوي الفضل باعتزازهم بألقابهم ومكانتهم وعلمهم أو ألقابهم التشريفية. يُعاشر القوم وفقًا لمنازلهم فالكبير لا بد أن نكن له كامل التوقير والاحترام، فالصحابة مثلًا مشتركون في الفضل ولكنهم متباينون ولكل فرد منزلته، يعد "أبوبكر" أفضل الصحابة ومن بعده "عمر" ثم "عثمان" وبعده "علي" رضوان الله عليهم أجمعين، فهذا إضفاء منزلة لكل واحد منهم التي أنزله الله بها شرعًا وفضلًا وقدرًا. وأذكر لكم أن كم من إخوان تقاطعوا وتخاصموا بسبب إهدار هذه القيمة والخصلة النبيلة، ففلان يتجنب لقاء أخ له في الله لما من المحتمل أن يسببه له من إحراج أمام الجمع بمبالغته في المزاح معه أمامهم دون تمييز بين مجالسهم العامة والخاصة، فبذلك التصرف أهدر احترام ووقار ومنزلة أخاه أمام الآخرين، فرُب كلمة توغل في صدر أحدهم. أنصح نفسي وإياكم أن نعود ألسنتنا على أطايب الكلام كما يطيب له أن يسمع من غيره، وأن نسعى دائمًا إلى تهذيب أنفسنا والسعي الدائم للتمسك بالمبادئ الحسنة، واحترام الألقاب ولا نجعل الناس على حد سواء في فضلهم وتقديرهم، بل مفاضلتهم من حيث مراتبهم في الدين والسن والوظائف، فمنا الأمير والوزير والعالم والقاضي له حق، والطبيب كل له حق، فالجار له حق، والوالدين لهم حق، لكل إنسان حق وفضل يتناسب مع قيمته وفضله وليس تقليلًا منك أبدًا احترام الغير بل احترامًا لذاتك ودينك هي لن تنتقص من صاحب اللقب، ولكن لن ترفع من قدرك بعدم احترامك للقبه.