المقالات الصحفية وكتب التاريخ والروايات والأفلام والفكاهات والنوادر والمسرحية الإيمائية والرقصات والأقاويل وجلسات التحليل النفسي تعد جميعها جزءًا من طرق السرد الروائي التي تخترق حياتنا. ولكن، ما هو السرد الروائي؟ وما هو الأدب الروائي؟ وكيف يختلف عن باقي الأنواع الروائية الأخرى؟ وما العوامل التي تحول النص من نص إنشائي يُراد به الخطاب إلى نص روائي؟ إن الأدب الروائي المعترف به على نطاق واسع بأنه من أهم وأبرز الأنواع في مجاله يولي الكثير من الاهتمام للإجابة عن هذه الأسئلة وعلى غيرها من الأسئلة. وكثيرًا ما نتساءل: ما الذي يجعل القصيدة الخماسية التالية تدخل ضمن الأدب الروائي؟: "يُحكى أنه كان هناك سيدة من النيجر؛ ركبت على ظهر النمرثم ابتسمت. وعندما عادوا من التجوال؛ انقلبت الحال وقدمت السيدة وقد التُقمت. وعلى وجه النمر ابتسامة قد ارتُسمت". ولماذا يعتبر النص التالي خطابًا إنشائيًا؟" "الأزهار حمراء. والبنفسج زرقاء. السكر حلو. وكذلك أنت". وثمة أسئلة متتابعة عن الأدب الروائي، وكيف يختلف عن الأنواع الأخرى من أنواع السرد الروائي؟ ووفقًا لأي معايير يُصنّف التقرير الصحفي مثل: "احترق بالأمس متجر في الشارع الثاني" على أنه ضمن أسلوب السرد الروائي وليس في الأدب الروائي؟ وما العوامل التي تحوّل الأسلوب الإنشائي الى نص روائي؟ وما المجالات الأساسية في الأدب الروائي، وكيف تتفاعل وتتداخل مع بعضها البعض؟ كيف يبدو نصٌ روائي معين منطقيًا لشخصٍ ما، وكيف يصفه إلى الآخرين؟ هذه الأسئلة وغيرها يوليها كتاب: "الكتابة الأدبية الروائية" ل: شلوميث ريمون كينان (Shlomith Rimmon-Kenan) غاية الاهتمام الذي ركز على دراسة السرد الروائي في أدب الأحداث والمواقف. وشلوميث ريمون- كينان أستاذة الأدب والأدب المقارن في الجامعة العبرية بالقدس، ومن بين أحدث مؤلفاتها : نظرة لا تساورها شكوك A Glance Beyond Doubt ؛ والسرد الروائي والتمثيل الروائي والموضوعية (1996)؛ وإعادة قراءة النصوص Re-Reading Texts؛ وإعادة التفكير في الافتراضات النقدية Re-Thinking Critical Presuppositions وهذه النسخة نقحت وروجعت في عام 1997؛ ومشروعها الحالي يهتم بمفهوم السرد الروائي في مختلف الزوايا والجوانب (التحليل النفسي والتاريخي والدراسات القانونية والدراسات الطبية البشرية). وقد نظّمت الكتاب ليتحدث عن الموضوعات والقضايا التي تثير جدلاً، مثل الأحداث والزمن والشخصيات والسرد الروائي والنص وقراءته، أكثر من الاهتمام بأصحاب النظريات أو اتجاهاتهم وتعاملاتهم. ومن خلال هذا التركيب وهذه الرؤية فإن الكتاب يعرض مجموعة عوامل جوهرية وأساسية للأدب الروائي، تتضمن النقد الحديث والمصطلحات وتركيب النص وبنيته، ويطرح أيضًا آراءً مختلفة حول التعديلات لهذه النظريات، مقدمًا في الوقت نفسه تحليلاً للنظام المتحكم في مختلف الأنواع الأدبية الروائية سواء كان ذلك في قالب الرواية أو القصة القصيرة أو القصيدة الروائية. ومع دقة الكتاب ومنهجيته إلا أنه لم يُعنَ بالسرد الروائي اللفظي والسرد غير الأدبي مثل الأحاديث الشفهية، والثرثرة، والأقاويل، والإشاعات، والشهادات القانونية، والمقالات الإخبارية، وكتب التاريخ، والسيَر الذاتية، والخطابات الشخصية، وغيرها.