انطلقت مفاوضات جديدة الثلاثاء في إسطنبول بين كييف وموسكو فيما تؤكد أوكرانيا أنها استعادت السيطرة على الأرض خصوصا قرب كييف، بعد أكثر من شهر على بدء الغزو الروسي. وبدأت المحادثات بين الوفدين الروسي والأوكراني في اسطنبول بعد الساعة 10,30 صباحا (07,30 ت غ) بقليل الثلاثاء، كما ذكرت وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية، وهي تجري في قصر دولما بخشة في اسطنبول حيث توجد مكاتب للرئاسة التركية. وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الثلاثاء لدى استقباله الوفدين، إن لدى روسياوأوكرانيا "مخاوف مشروعة"، داعيا الجانبين إلى "وضع حد لهذه المأساة" التي أدت إلى فرار حوالى 3,9 ملايين شخص من البلاد بحسب الاممالمتحدة. روسيا تتعهد بخفض العمليات العسكرية وأوكرانيا تقترح تبني وضع محايد وتعهدت روسيا في محادثات السلام الثلاثاء بتقليص عملياتها العسكرية بشكل كبير حول كييف ومدينة تشيرنيهيف بشمال أوكرانيا، في حين اقترحت أوكرانيا تبني وضع محايد مقابل ضمانات دولية لحمايتها من التعرض لهجوم. قال مفاوضون أوكرانيون إنهم اقترحوا وضعا لا تنضم بموجبه بلادهم إلى تحالفات أو تستضيف قواعد لقوات أجنبية، لكن أمنها سيكون مضمونا بعبارات مشابهة لما ورد في "المادة 5"، وهي بند الدفاع الجماعي في حلف شمال الأطلسي. وحددوا إسرائيل، إلى جانب كندا وبولندا وتركيا أعضاء حلف الأطلسي، كدول يمكن أن تساعد في تقديم مثل هذه الضمانات. وقال المفاوضون للصحفيين في إسطنبول إن المقترحات ستشمل أيضا فترة مشاورات مدتها 15 عاما بشأن وضع شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا ويمكن أن تدخل حيز التنفيذ فقط في حالة وقف إطلاق النار الكامل. وقال ألكسندر فومين، نائب وزير الدفاع الروسي، إن موسكو قررت تقليص الأعمال القتالية قرب كييف وتشيرنيهيف لتهيئة الظروف للحوار. أوكرانيا: الضمانات الأمنية شرط أساسي لإنهاء الحرب وقال فلاديمير ميدينسكي، كبير المفاوضين الروس، إنه سيدرس المقترحات الأوكرانية ويبلغ بها الرئيس فلاديمير بوتين. والمحادثات التي تعقد في إسطنبول اليوم هي أول لقاء مباشر بين الجانبين منذ 10 مارس آذار. وبدأت روسيا غزوها لأوكرانيا في 24 فبراير شباط، وأخفقت في السيطرة على أي مدن أوكرانية كبيرة بعد أن واجهت مقاومة شرسة. ومقترحات أوكرانيا هي الأكثر تفصيلا وواقعية التي تعلنها كييف. وقال المفاوض الأوكراني أولكسندر تشالي "إذا أمكننا تثبيت هذه البنود الرئيسية، وبالنسبة لنا هذا أهم شيء، فإن أوكرانيا ستكون عندئذ في وضع يوطد فعليا وضعها الحالي كدولة غير عضو في أي تكتل وغير نووية في صيغة الحياد الدائم". وأضاف "لن نستضيف قواعد عسكرية أجنبية على أراضينا، والأمر نفسه بالنسبة لنشر وحدات عسكرية على أراضينا، ولن ندخل في أي تحالفات عسكرية سياسية". وستُجرى التدريبات العسكرية بموافقة الدول الضامنة. وفي منتصف اليوم، لخّص نظيره الأوكراني ميخايلو بودولياك على تويتر الشروط التي حددتها كييف "ضمانات أمنية غير مشروطة لأوكرانيا ووقف إطلاق النار وقرارات فعالة بشأن الممرات والقوافل الإنسانية واحترام الجانبين قوانين الحرب وأعرافها" واصفا المفاوضات بأنها "صعبة". ومساء الاثنين أشار وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا إلى أن "الشعب والأرض والسيادة غير قابلة للتفاوض". -أبراموفيتش وسيط- وكان رومان أبراموفيتش الذي يحاول القيام بدور الوسيط بين موسكو وكييف حاضرا أيضا في افتتاح المفاوضات بحسب صورة نشرتها الرئاسة التركية تظهره وهو يستمع لكلمة إردوغان. وبعد اجتماع في العاصمة الأوكرانية في مارس الجاري، أظهر الملياردير علامات تشير إلى تعرضه للتسمم. من جانبه، قال الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف خلال مؤتمر صحافي إن "أبراموفيتش يلعب دورا لإعادة الاتصالات بين الطرفين الروسي والأوكراني" نافيا معلومات صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية ومصادر أميركية أشارت الى أن أبراموفيتش ومفاوضين أوكرانيين اثنين عانوا عوارض تدفع إلى الاعتقاد باحتمال حصول تسميم بعد جولة سابقة من المحادثات. وهذه المرة الأولى التي يلتقي فيها وفدا البلدين اللذين وصلا في اليوم السابق إلى تركيا، بعد جولات عدة من المحادثات عبر الفيديو. وأكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأحد في مقابلة عبر الإنترنت مع وسائل إعلام روسية نقلتها قناة الإدارة الرئاسية الأوكرانية على تلغرام أن من النقاط الرئيسية في المفاوضات "الضمانات الأمنية والحياد والوضع الخالي من الأسلحة النووية لدولتنا". * استعادة السيطرة - ميدانيا، اعتبر وزير الدفاع الروسي أن "أهداف المرحلة الأولى ( للهجوم الذي بدأ في 24 فبراير ) تحققت". وقال سيرغي شويغو "قلّصت الإمكانات العسكرية للقوات المسلحة الأوكرانية بشكل كبير ما سمح بتركيز الاهتمام والجهود على الهدف الرئيسي: تحرير دونباس". وأعلنت السلطات الأوكرانية الإثنين أنها "حررت" إيربين التي شهدت قتالا عنيفا على مسافة 20 كلم شمال غرب كييف. وفي رسالة مصوّرة بثّت مساء الإثنين قال زيلينسكي إنّ "المحتلّين يُطردون من إربين، يُطردون من كييف. لكن، من السابق لأوانه التحدث عن أمن في هذا الجزء من منطقتنا. المعارك مستمرة. القوات الروسية تسيطر على شمال منطقة كييف، ولديها موارد وقوى بشرية". وبدا الوضع هادئا نسبيا الثلاثاء في هذه المنطقة حيث سمع دوي إطلاق نار متقطع، بحسب مراسلي وكالة فرانس برس. لكنّ جنودا منعوا وصول الصحافيين إلى الجسر المدمر الذي يؤدي إلى المدينة، قائلين إن القوات الأوكرانية ما زالت تنفذ عملية "تطهير" في المنطقة. وقال رومان كوفاليفسكي (48 عاما) وهو من سكان المدينة كان متوجها على دراجته إلى كييف لجلب الوقود لوكالة فرانس برس "أعتقد أنه تم تحرير حوالى 70 إلى 80 % من المدينة، وما زالت الحدود الخارجية في قبضة الروس". وفي السياق، يزور رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي أوكرانيا لمناقشة "سلامة المنشآت النووية في البلاد وأمنها" على ما ذكرت الوكالة الثلاثاء. -هجوم مضاد- وفي ميكولاييف، استهدفت ضربة روسية الثلاثاء مقر الإدارة الإقليمية في المدينة القريبة من أوديسا على ما أعلن حاكم هذه المنطقة الواقعة في جنوبأوكرانيا على فيسبوك، وقد أسفرت عن مقتل سبعة على الأقل. وروى دونالد وهو كندي متقاعد يبلغ 69 عاما لوكالة فرانس برس في ميكولاييف "كنت أتناول الإفطار في شقتي. سمعت صفيرا، ثم دويّا وانفجر زجاج نافذتي". وأضاف "إنه أمر مخيف. كنا محظوظين هنا في ميكولاييف إذ لم نشهد الكثير من الانفجارات في وسط المدينة" كما هي الحال في مدن أخرى. من ناحية أخرى، دعت سبع دول في الاتحاد الأوروبي بينها فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، الاثنين مواطنيها إلى الامتناع عن الانخراط كمتطوّعين لمساندة الأوكرانيين في القتال ضد الروس، في إعلان صدر عن وزراء العدل في هذه الدول. وفي شمال شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو عام 2014، أكد المسؤول العسكري لمدينة كريفيي ريه مساء الثلاثاء أن القوات الروسية "دفعت ما بين 40 و60 كلم خارج المدينة". وأعلنت أوكرانيا الثلاثاء استئناف عمليات إجلاء السكان عبر ثلاثة ممرات إنسانية، خصوصا من مدينة ماريوبول المحاصرة، بعد تعليقها يوما خشية من "استفزازات" روسية. وقالت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني إرينا فيريشتشوك في مقطع فيديو نشر على تلغرام "تم الاتفاق على ثلاثة ممرات إنسانية لليوم". -حصار ماريوبول- وندد زيلينسكي الأحد بالحصار التام لماريوبول، وهي مدينة ساحلية استراتيجية على بحر آزوف يحاول الجيش الروسي السيطرة عليها منذ نهاية فبراير. وقال رئيس بلدية المدينة فاديم بويتشنكو إن حوالى 160 ألف شخص ما زالوا عالقين فيها. وقالت مستشارة الرئاسة الأوكرانية المكلفة حاليا ملف الممرات الإنسانية تيتيانا لوماكينا لوكالة فرانس برس عبر الهاتف "دُفن حوالى خمسة آلاف شخص (في ماريوبول) لكن عمليات الدفن توقّفت قبل 10 أيام بسبب القصف المتواصل". وأضافت أن عدد القتلى الفعلي قد يكون وصل إلى 10 آلاف شخص، نظرا إلى تقدير عدد الأشخاص العالقين تحت الركام. سيتحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الروسي فلاديمير بوتين هاتفيا مرة جديدة الثلاثاء عند الساعة 16,30 (14,30 ت غ)، خصوصا بشأن عملية إجلاء إنسانية في مدينة ماريوبول الأوكرانية المحاصرة، ستنظم بالتعاون بين فرنسا واليونان وتركيا، وفق الإليزيه. وقال زيلينسكي الثلاثاء إن الحصار الروسي لمدينة ماريوبول الساحلية يشكّل "جريمة ضد الإنسانية". وأضاف أمام البرلمان الدنماركي في خطاب عبر الفيديو "ما تفعله القوات الروسية بماريوبول هو جريمة ضد الإنسانية، وهو أمر يحدث على مرأى العالم حاليا". تتشارك منظمة العفو الدولية هذا الشعور مع زيلينسكي. فقد صرحت الأمينة العامة للمنظمة أنييس كالامار لوكالة فرانس برس الثلاثاء "ما يحدث في أوكرانيا هو تكرار لما رأيناه في سوريا". وأضافت "نحن أمام هجمات متعمّدة على بنى تحتية مدنية ومساكن" وقصف لمدارس، متّهمة روسيا بتحويل ممرات إنسانية إلى "مصيدة للموت". -عقوبات وإعفاءات- من جهة ثانية، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاثنين أن موسكو تحضّر مرسوما لفرض قيود على دخول المتحدّرين من دول قامت بأفعال "غير صديقة" إلى الأراضي الروسية، وسط موجة من العقوبات على موسكو منذ بداية غزوها لأوكرانيا. وأصدرت السلطات الروسية بعد هجومها على أوكرانيا قوانين عدة تنص على عقوبات قاسية قد تصل إلى السجن 15 عاما لنشر ما تعتبره السلطات "معلومات مضللة" عن الجيش. ويعرّض استخدام كلمة "حرب" من جانب وسائل إعلام أو أفراد لوصف التدخل في أوكرانيا، للملاحقة القضائية إذ يستخدم الكرملين ووسائل الإعلام التابعة له مصطلح "عملية عسكرية خاصة". والثلاثاء، أعلنت روسيا إعفاء الشباب العاملين في قطاع التكنولوجيا الفائقة من الخدمة العسكرية من أجل التعامل مع هجرة العقول الناجمة عن الهجوم الروسي على أوكرانيا. من جهته، قال مستشار بارز للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للصحفيين في اسطنبول إن إقرار ضمانات أمنية دولية لأوكرانيا ما زال يعد قضية أساسية قبل أن توافق كييف على وقف إطلاق النار. ونقلت وكالة الأناضول التركية للأنباء عن ميخايلو بودولياك القول عقب مباحثات استمرت نحو أربع ساعات إن القضية الاساسية هي التمكن من الاتفاق على ضمانات أمنية لأوكرانيا، بالاضافة لأمور أخرى. وأضاف" بهذه الطريقة فقط، يمكننا أن ننهى الحرب وفقا لاحتياجات أوكرانيا" مشيرا إلى أن من بين القضايا التي تمت مناقشتها خطوات لحل القضايا الإنسانية وتبادل سجناء الحرب. وأوضحت شبكة تي ار تي التركية أنه من المقرر استئناف المباحثات غدا الأربعاء.