يعج العالم بالأحداث والمتغيرات المستمرة منذ تشكل النظام العالمي الجديد بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وتوقيع ميثاق الأممالمتحدة في العام 1945م، ومن ثم التحول لأحادية القطبية المتشكلة في الولاياتالمتحدة الأميركية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في العام 1991م، ومن حينها لم يتوقف العالم من توالد أزماته الطارئة والمفتعلة سواء كانت أزمات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، إلا أن في خضم كل هذا الزحام كان للمملكة دور محوري مهم ومؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على الساحة الدولية، فاسم السعودية له ثقل لا يستهان به منذ أن وحدها المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز، فهو من القادة الذين كانت تجمعه مباحثات مع القوى العالمية على رأسهم فرانكلين روزفلت ووينستون تشرشل، بالإضافة إلى الوفود الرسمية التي كان يبعثها الملك لتمثيل المملكة في وقت كانت فيه غالبية الدول يتحدث باسمها المستعمر، وعلى الرغم من حداثة نشأة الدولة إلى أن حكمة قادتها جعلت لمكانتها موضع قدم أساسي لا يمكن تجاهله، فالمملكة اليوم هي عاصمة القرار، وأفخر بأن أسميها بذلك، فعند النظر إلى الاقتصاد العالمي نجد أن الدول التي تسمي نفسها بالعظمى لا يمكن أن تتجاهل دور المملكة في أهم عامل يعيش عليه العالم وهو النفط، الذي أرى بأنه عمود العالم الفقري، فهو لا يقتصر على الطاقة فقط، كون النفط كمادة خام ينتج منها العديد من المنتجات المهمة والاستهلاكية اليومية التي يحتاجها الأفراد على مستوى العالم، فاليوم حين تشتعل الأزمة بين روسيا وأوكرانيا نجد أن الاتصالات الدولية والزيارات تتجه صوب الرياض في سبيل المباحثات التي من شأنها الخروج بحلول تساهم في حل الأزمة، فالمملكة ليست من ضمن أقوى عشرين اقتصاد عالمي فقط، بل هي أحد المحركات الأساسية لاقتصاديات الدول، ولعلي أضرب أقرب مثال حي حدث في العام 2020م عند نزول أسعار الطاقة لمستويات متدنية وسط ذروة جائحة كورونا التي تضرر منها العالم أجمع، كان للمملكة الدور الرئيس في اتفاق أوبك+ الذي نتج عنه خفض الإنتاج لضمان استقرار الأسعار، ويرجع ذلك الإنجاز التاريخي إلى جهود سمو ولي العهد الذي تتجه الأنظار اليوم إليه في سبيل زيادة الإنتاج من أجل القدرة على التعامل مع الارتفاع في الأسعار الذي أصبحت تعاني منه الدول الغربية بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية، فلا بد لنا أن نفخر بأننا نعيش ونرى تلك الأيام التي لولا قيادتنا لكنا مجرد دولة هامشية تستند بظهر من هو أقوى منها، وقرارها مجرد تأييد أو استنكار لا أكثر، فحين نقول «ارفع رأسك أنت سعودي» نحن نعني ما نقول. * عضو الجمعية السعودية للعلوم السياسية