لاقت المقاطعة الأميركية للوقود الأحفوري الروسي وأهمها وأكثرها تأثيرا النفط الذي بلغ إجمالي وارداته أكثر من 250 مليون برميل في 2021، ما يعادل 700 ألف برميل يوميا تستوردها الولاياتالمتحدة من روسيا التي أمر الرئيس الأميركي جو بايدن بحظرها أمس الأول، ترحيبا عالميا واسعا محاطاً بمحاذير تجدد أزمة طاقة أميركية من كبح إمدادات الطاقة الروسية وما قد ينتج عنها من قلة وفورات الوقود وبالتالي مزيداً من ارتفاع الأسعار على المستهلكين. وأعلن الرئيس جو بايدن يوم الثلاثاء أن الولاياتالمتحدة ستحظر على الفور واردات النفط والغاز الطبيعي المسال والفحم الروسي ردًا على حربها على أوكرانيا، واصفًا التدفقات بأنها "الشريان الرئيس للاقتصاد الروسي" بينما توقع أن تؤدي السياسة إلى زيادة أسعار الوقود العالمي والأميركي. وارتفعت العقود الآجلة للنفط بعد التقارير التي تفيد بأن الحظر وشيك ولكنه تراجع بعد الإعلان. واستقر سعر خام نايمكس لشهر أقرب استحقاق عند 123.70 دولارًا للبرميل في 8 مارس، مرتفعًا 4.30 دولارات، في حين استقر خام برنت لشهر أقرب استحقاق عند 127.98 دولارًا للبرميل، مرتفعًا 4.77 دولارات. واعتبر بايدن هذا الإجراء مهما يلقى دعما واسعا من الحزبين وسيحرم الرئيس بوتين إلى درجة أكبر من الموارد الاقتصادية التي يستخدمها لمواصلة الحرب غير الضرورية التي اختارها، وقال بايدن لقد اتخذت الولاياتالمتحدة هذا القرار بالتشاور الوثيق مع حلفائنا وشركائنا في مختلف أنحاء العالم، وكذلك مع أعضاء الكونغرس من الحزبين الديموقراطي والجمهوري. ملفتاً إلى أن الولاياتالمتحدة قادرة على اتخاذ هذه الخطوة بالنظر إلى بنيتنا التحتية القوية من الطاقة المحلية، ونحن ندرك أن حلفاءنا وشركاءنا ليسوا جميعا في وضع يتيح لهم الانضمام إلينا في هذه الخطوة حاليا، ولكننا متحدون مع حلفائنا وشركائنا في العمل معا لتقليل اعتمادنا الجماعي على الطاقة الروسية والحفاظ على الضغط المتزايد على بوتين، وذلك مع اتخاذ خطوات نشطة في الوقت عينه للحد من التأثيرات على أسواق الطاقة العالمية وحماية اقتصاداتنا. وأضاف الرئيس الأميركي، ويبني هذا الإعلان على التكاليف الاقتصادية غير المسبوقة التي فرضتها الولاياتالمتحدة وحلفاؤها وشركاؤها على روسيا، وقد أصبحت روسيا منبوذة مالياً واقتصادياً بشكل عالمي نتيجة لتنسيقنا التاريخي متعدد الأطراف، وقد أعلنت أكثر من 30 دولة تمثل أكثر من نصف اقتصاد العالم عن عقوبات تفرض تكاليف اقتصادية فورية وشديدة على روسيا وتقطع طريق وصولها إلى التكنولوجيا المتقدمة وتضعف إمكانات نموها وتضعف جيشها لسنوات قادمة، وباتت قيمة الروبل الروسي تبلغ الآن أقل من بنس واحد، وقد سجل أدنى مستوى له على الإطلاق بعد أن فقد نصف قيمته تقريبا منذ أن أعلن بوتين غزوه لأوكرانيا، وقد قمنا بنزع سلاح صندوق بوتين من الاحتياطيات الأجنبية من خلال عزل البنك المركزي الروسي وأكبر البنوك الروسية عن النظام المالي الدولي، وتركنا بوتين يتخبط في محاولة للتخفيف من وطأة عقوباتنا. وتؤثر ضوابط التصدير التي فرضتها الولاياتالمتحدة وحلفاؤها على الإنتاج الصناعي في روسيا والطيران التجاري الروسي وقطاعات رئيسة أخرى من الاقتصاد الروسي، وتطارد الولاياتالمتحدة والحكومات في مختلف أنحاء العالم أصدقاء بوتين وعائلاتهم من خلال تحديد الأصول التي يمتلكونها في ولاياتنا القضائية وتجميدها. ويحظر الأمر التنفيذي الصادر عن البيت الأبيض يوم الثلاثاء استيراد النفط الخام وبعض المنتجات البترولية والغاز الطبيعي المسال والفحم الحجري من روسيا إلى الولاياتالمتحدة، في وقت استوردت الولاياتالمتحدة في العام الماضي ما يقرب من 700 ألف برميل يوميا من النفط الخام والمنتجات البترولية المكررة من روسيا، وسيحرم هذا الإجراء روسيا من عائدات بمليارات الدولارات من السائقين والمستهلكين الأميركيين سنويا. كما يتضمن الحظر الاستثمارات الأميركية الجديدة في قطاع الطاقة الروسي، مما سيضمن عدم قيام الشركات الأميركية والمستثمرين الأميركيين بتأمين جهود فلاديمير بوتين لتوسيع إنتاج الطاقة داخل روسيا، كما يمنع الأميركيون أيضا من تمويل الشركات الأجنبية التي تستثمر في إنتاج الطاقة في روسيا أو تمكينها. وقال البيت الأبيض "لقد أدت حرب بوتين الوحشية إلى ارتفاع أسعار الطاقة وزيادة التكاليف على الأميركيين في داخل الولاياتالمتحدة، وأوضح الرئيس بايدن اليوم أنه سيواصل العمل لتخفيف الألم الذي تشعر به العائلات الأميركية عند تعبئة الوقود وتقليل اعتمادنا على النفط الأجنبي والوقود الأحفوري"، ومن الإجراءات المتخذة، سبق أن التزمت الإدارة بالإفراج عن أكثر من 90 مليون برميل من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي في خلال هذا العام المالي، وأعلنت عن بيع طارئ ل30 مليون برميل الأسبوع الماضي، وقد وافقت الدول الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية على الإفراج الجماعي عن 60 مليون برميل من النفط الخام من احتياطيات البترولية الاستراتيجية، وذلك بعد تنسيق مكثف ومشاورات على مدار الساعة من قبل الرئيس بايدن، ويشمل ذلك التزام الولاياتالمتحدة بنصف هذه الكمية في عملية البيع الطارئ، فيما تجرى محادثات مع مجموعة من منتجي الطاقة والمستهلكين حول الخطوات الإضافية التي يمكننا اتخاذها لضمان إمدادات عالمية مستقرة من الطاقة. ويقترب إنتاج النفط والغاز في الولاياتالمتحدة من مستويات قياسية، في حين تبقى الآلاف من تصاريح التنقيب على الأراضي الفيدرالية غير مستخدمة، ولا تحد السياسات الفيدرالية من إنتاج النفط والغاز، بل على العكس من ذلك، فقد كانت إدارة بايدن واضحة لناحية ضرورة أن يتماشى العرض مع الطلب على المدى القصير، سواء في الداخل الأميركي أو حول العالم، بينما نتحول إلى مستقبل آمن للطاقة النظيفة، وقال البيت الأبيض: "نحن أحد أكبر المنتجين في العالم ونمتلك صناعة نفط وغاز محلية قوية"، مع إنتاج الغاز الطبيعي أعلى اليوم من أي وقت مضى، ومن المتوقع أن يصل إنتاج النفط الخام إلى مستوى مرتفع جديد العام المقبل. ولا ينبغي لشركات النفط والغاز والشركات المالية التي تدعمها استخدام حرب بوتين كذريعة لزيادة الأسعار المرتفعة أو حشد الأرباح. وكشف البيت الأبيض بأنه وحتى قادة شركات الطاقة الكبرى أنفسهم، قالوا أن لديهم الموارد والحوافز التي يحتاجون إليها لزيادة الإنتاج في الولاياتالمتحدة أكثر مما مضى. وتتمثل الطريقة الملائمة لتجنب ارتفاع أسعار الغاز على المدى الطويل في تسريع انتقالنا إلى مستقبل طاقة نظيفة مستدامة. ولا يمكننا الابتعاد عن اعتمادنا على سلعة عالمية تسيطر عليها جزئيا دول أجنبية وقادتها، بما في ذلك بوتين. وتتمثل الطريقة الوحيدة للقضاء على قدرة بوتين وكل دولة منتجة أخرى على استخدام النفط كسلاح اقتصادي بتقليل اعتمادنا على النفط، لذلك، حتى مع قيام الرئيس بايدن بكل ما في وسعه على المدى القصير للتأكد من حصولنا على النفط والغاز الضروريين بسهولة لحماية المستهلكين في الولاياتالمتحدة والدول الحليفة، بما في ذلك من خلال زيادة الإنتاج المحلي الأميركي الذي من المتوقع أن يصل إلى مستويات قياسية في العام المقبل، تعزز هذه الأزمة عزمنا على جعل الولاياتالمتحدة مستقلة في مجال الطاقة، مما يعني تقليل اعتمادنا على الوقود الأحفوري. وهذا هدف مشترك مع حلفائنا الأوروبيين وسنعمل معا على تحقيقه.