لطالما كانت المرأة جُزءا لا يتجزأ من المُجتمع وما زالت لأنها بذرةُ الأساس في ابتداء التكوين، فهي الأُم، والأُخت، والخالة، والعمة، والصديقة، والزميلة، والرؤوفة الحبيبة التي تُعد المُحرك الذي يُحفز ويُعطي الأمان ويبعثُ الراحة لأفراد الأسُرة بأكملها، بدءا برب الأُسرة الأب وتوقفا بالأبناء. مصدر عطاء المرأة مصدر لا ينضب من العطاء الذي يُقدم مُحملا بالحُب ومُكللا بالاهتمام، لاسيما أن المرأة دوما ما تكون سباقة بالاحتواء، كما أنها معروفة في عملها كمُدججة معطاءة، فهي تُعطي دون مُقابل ولا تنتظر حتى تأخذ وهذا ما يجعلها مُتفردة في كونها الركيزة الأُم وراء قيام الحضارات والأُمم، فمن دونها لن يكون هناك علماء ومؤثرون في تحوير مفهوم الواقع كليا، من مجرد واقع ملموس نعيش به، إلى مستقبل واعد صاعد يعرف بعُلو شأنه وصيته بين كافة المجتمعات، التي سوف تؤول فيما بعد للظفر بجيل جامح وطامح للعمل في خدمة الدين والوطن، بالإضافة إلى أن المرأة تشغل حيزا كبيرا داخل المجتمع، وذلك لما لها من دور مستفيض ذي تأثير عالي الوضوح في جانبيي التربية والتوجيه، في المقابل يليهما أيضا جانبا الدعم المادي والمعنوي الذي يعد في ثقليهما، والذي يساهم أيضا في القفز مباشرة إلى النجاح الذي يعتبر آخر حلقة للوصول لتحقيق الهدف الأسمى وهُو التنشئة الإسلامية الصحيحة. اكتساح المرأة ومع مرور الوقت أثبتت المرأة جدارتها وكفاءتها في أن تتكيف مع شتى الظروف الصعبة التي كانت تحيط بها، وتارة خلف تارة توالت الأيام إلى أن وصلت المرأة لمحطتها المنشودة وهي مرحلة التطور الملحوظة التي تعيشها المرأة الآن في عصرنا الحالي، وخاصة في المجال الطبي الذي يعد أبرز المجالات العلمية، والذي لطالما كان له دور أساسي ضخم على مستوى العالم بأكمله وفي المملكة خصوصا، لأنهُ يتعلق بسلامة سكانها صغارا كانوا أم كبارا، لا سيما أن القطاع الصحي يشمل جميع التخصصات الطبية، سواء كانت، طبيبة، أو ممرضة، أو استشارية، أو حتى عاملة في ذات المجال، بجانب أن هُناك العديد من الأمثلة التي تبرهن اكتساح المرأة واعتلاءها في المجال الصحي، الذي تمكنت منه المرأة بفرض نفسها في المجال، بجانب أن المرأة استطاعت من تسجيل نجاحات تاريخية في إدارة بعض من المستشفيات والمراكز الصحية، وهذه بحد ذاتها خطوة ساهمت في نهوض القطاع الصحي إلى ذروة نهضة القطاع الصحي. إنجازات عظيمة التاريخ شهد على وقفاتهن الشامخة وأسمائهن التي خلدت بالذاكرة وتم تسجيلها بالزمن المحمل بإنجازاتهن العظيمة التي جعلت منهن مثالا لصفوة الطبيبات منذُ بدايتهن وحتى الآن، وليس هذا فحسب بل أنهن اجتهدن ووصلن لمرحلة التميز، التي خطت به أسمائهن اللامعة في قائمة فريدة النوع والمحتوى، الذي اعتلت به د. أسماء عبدالعزيز السلطان، حيث تصدرت القائمة، بكونها واحدة من أبرز الطبيبات اللاتي نلن لقبا من الألقاب الذهبية، التي تكمن حول مهنتها كطبيبة سعودية، إضافة إلى حيازتها على لقب الاستشارية في قسم قلب الأطفال والأجنة، والذي يتمثل بحصولها الرسمي على لقب الاستشارة في تخصصها الدقيق، بالإضافة إلى كونها المديرة على البرنامج السعودي لقلب الأطفال، كما أنها تقوم أيضا بإلقاء المحاضرات، وورشات العمل المتعلقة في تخصص قلب الأجنة سنويا، الماثلة في مدينة الملك فهد الطبية. أصعب التحديات د. أسماء السلطان كونها واحدة من أميز الطبيبات السعوديات التي حصلن على لقب ثمين، وهو يمتثل في أنها أصبحت استشارية في تخصص قلب الأطفال والأجنة، والتي تحدثت بإسهاب عن مواجهتها لأصعب التحديات في مسيرتها العلمية والعملية معا، قائلة أكبر التحديات التي واجهتها كانت في معرفة كيفية تحقيق التوازن في كفة العمل نظرا لتقمص شخصيتين مختلفتين وهما العمل كمهنة طبيبة، والأخرى كأُم وزوجة، حالها كحال نسائنا في العالم العربي عامة، وفي المجتمعات الخليجية خاصة. وأضافت قائلة إلى أنه من المتوقع مننا أن نحمي أسرنا أولا، وقبل كل هذا علينا أن نتحمل على عاتقنا كامل المسؤوليات لتحقيق الشعور بالأمان والاستقرار داخل المنزل، ولكن هذا غير منطقي وصعب التحقيق نظرا لطبيعة عملنا الذي يمتد لساعات طويلة خارج المنزل، فنحن نحتاج إلى المساعدة والتعاون في داخل المنزل وخارجه، وذلكّ بسبب القوانين واللوائح التي تشكل حواجز بالنسبة لنا نحن النساء اللائي يعملن خارج المنزل بصفة مهنية، يليها التحدي الآخر الذي ذكرته د. أسماء وهو أنها اضطرت للدراسة في شيكاغو، وتحديدا ولاية إلينوي في الولاياتالمتحدة، وتكمن الصعوبة في أنني كنت أدرس وأرعى أطفالي الستة دون وجود زوجي وهذا ما جعل الموضوع شاقا علي في بادئ الأمر، حيث كنت في فترة التدريب في تخصصي الفرعي والتي كانت مدته عامين، فبين العمل كطبيبة وبين تربية الأطفال والمراهقين شصب جسيم وذلك كونهم يحتاجون للوقت والرعاية وهذا ما كان مستصعيا في البداية، و لكنني تجاوزت هذه المعضلة ولله الحمد.