يجول في بالي سؤال حول فقه الحداثة؟ وهل نحن جادون في تصورها؟ هل الحداثة شعرية أم أدبية؟ هذه الأسئلة تدور لكي تشخص لنا مسرح الشعر والأدب في اللغة العربية، هذه اللغة الجميلة التي تسبغ على الموجودات أسماءها. تظهر الحداثة جلياً في أعمال جورج برنارد شو وصموئيل بيكيت إلى ت. س. إليوت الذي طالب بمخاطبة مستويات مختلفة من الوعي والإدراك وإبقاء النص بلا موسيقى تذكر. يقول الشاعر العربي محمود درويش عن الحداثة وقصيدة النثر "أريحونا من هذا الشعر"، وقد كانت القصيدة العربية عمودية خليلية ذات ولادة شرعية، وأما القصيدة المعاصرة فقد تحولت إلى فتح ورمح ولغة تشترك والثقافة. الحداثة في التاريخ كانت إرهاصات لأعمال جيمس جويس وجان جاك روسو، ثم يأتي بعد ذلك دستويفسكي صاحب (الأخوة كارمازوف)، ونيتشة صاحب كتاب (أفول الأصنام)، وجميع هؤلاء قد درسوا التراث وتناولوه كتجربة إلى أن تجاوزوه لكي يكتبوا لنا أدباً حداثياً. ليس من قبيل المصادفة أن يكون القرن العشرون قرن الثورات العلمية والعلوم الطبيعية، فقد شهد هذا القرن ميلاد ألبرت أينشتاين الذي اكتشف النسبية، وغيره الكثير من العلماء الذين سعدت بهم البشرية. وصف أحد المفكرين ما بعد الحداثة بأنها (المنطق الثقافي المهيمن للرأسمالية الحديثة)، وقد أحكمت هذه الفلسفة سيطرتها على الأدمغة والعقول، فمن حصاد فهمنا لها أننا رأينا النور والسرور أو لمحنا شيئاً من الأمل في عتمة الليل وشدة اليأس والانتقام. أكثر النقاد والباحثين في الحداثة هي سوزان برنار، التي كتبت كثيراً عن فلسفة الحداثة وقصيدة النثر، وتعد أول من صاغ مصطلح قصيدة النثر ونشره في الأدب الحديث. قصيدة النثر حاضرة وبقوة في المشهد الشعري السعودي بدءاً بالصيخان والثبيتي. وهؤلاء الشعراء يحاولون خلق لغة جديدة، وابتكار مفردات جديدة، وعلى العموم فهي ما تزال قريبة من النخبة وبعيدة عن الناس.