لا يمكن أن نتفق على نظام واحد في الحياة، أو سلوك موحد، أو حتى ردات فعل متشابهة، فأن تعيش معناه أن تقبل شروط الحياة بكل ما فيها من مد الأمل وجزر اليأس. وطرق تقبلنا للحياة مختلفة من شخص لآخر، فمنا من يطمح للعيش بشكل جيد والعكس، ولكن أن تعيش بشكل جيد لا يعني أن تتحول إلى كائن أناني لا يتفاعل مع ما حوله، لا يتعاطف، لا يحس بالآخر، كن مثل عين مجردة ترصد كل ما حولها بمصداقية، مثل عدسة الكاميرا التي تلتقط الصورة بلا تنقيح أو تمدد أو محاباة لصالح صاحب الصورة، فالحيادية أصل فينا، لذلك يجب أن يكون لديك مدار خاص بك، فلا تدور حول أحد أو تتبع أحداً، ولا تتعثر بتقلبات الظروف المحيطة بك، فتتمدد مثل موجة البحر حسب جاذبية قمر الآخر. دعك ممن يهاجمك بمسمى الخطأ والعيب الاجتماعي، ويتقاطع معك بكل عنف وقسوة، هذا النوع موجود في كل مرحلة من حياتك ولا يدوم بقاؤه طويلاً والتاريخ شاهد على ذلك، وزواله أكيد، إلا أن هناك مصطلحاً لا أعلم هل سبقني أحد إليه أم لا وهو (جرائم الجهلة)، لأن ثرثرة الجاهل بكل شيء هي نوع من أنواع السلطة على الآخر، قد يكون انتهازياً يفكر بمصالحه الشخصية من دون وعي أو معلومة حقيقية يستند عليها، هنا سوف يرتكب الكثير من الجرائم في حق مجتمعه ونفسه. لذلك حاجتنا لوعي حقيقي يقف بعيداً في الحياد، يرصد ويفكر، ويحلل الواقع كما هو، يفكر بشمولية ويطرح علينا آراءه من دون فرض ويدع لنا حرية الاختيار. أذكر قصّة ل(زوربا) مع الكرز، كان يحبّ الكرز كثيراً وقرّر أن يُشفى من حبّه إيّاه بأن يأكل منه كثيراً.. كثيراً حتّى يتقيّأه، بعد ذلك أصبح يعامله كفاكهة عاديّة. هي طريقة طريفة في الشفاء ممّا استعبده، ونحن نحتاج أن نكون مثل (زوربا) بكل ما به من حدية وتطرف وحزن وفلسفة وانتصار وهزائم ولكنه قوي وعاش حياته بلذة وذكاء ووعي، فقط دعونا نقرأ التاريخ جيداً ونتعظ مما يدور حولنا، ونوسع أفق تفكيرنا ونحاول رفع حرارة الوعي فينا، وننظر إلى الحياة بأنها هبة عظيمة من الخالق يجب أن نستمتع بجمالها ونتجنب مواطن قبحها.