تلك الألماسة التي نورها يأخذ بالألباب كان حصيفًا أميرها حين فكر في جعلها تضيء لكل الأقطار، وهجها المضيء كان مصدر خوفه الجبار عليها حتى لا تدركها الأبصار، وحده ذاك الفارس المغوار أخرجها من صومعة الفرقة والأغلال، حررها من براثن القيود وزوبعة الأفكار، عانق عينيها ومنهما الكل غار وتوقف عن مطاردة نورها من خلف الستار، كيف استطاعت تلك الألماسة أن تلتقي به وتشع له وحده وتجعلهم في احتيار! وكيف أضحت بعدما كانت حجرًا ماسيًا عصفورة تغرد له بالأشعار؟ وكيف تمكن هو أن يكتب على أناملها كلمات تقرأها في العشي والإبكار، تسأله يا أميري المغوار: أين سيكون مكاني بين الأمصار؟ هل ستتركني أضيء أم أضيع وأنت من أشعلت الغرام ونقلتني من عالم الشغب والانهيار لعالم الوحدة والتوحيد والسلام.. بك وحدك عشقت الحياة أيها الأمير المطعم بالعزة والشموخ سليل الفرسان وأسد الشجعان وحكيم الزمان موسوم بالعقل وحذاقة اللسان، ممنهج بالقرآن والسنة وكريم الخصال، مقروءٌ مادام التاريخ لنا عنوان، مجهولٌ مختبئ بين الكهوف رجلٌ وشيخٌ حنون، قصة من أعشاب برية وأشجار طلح وسنديان وجلسة مقيل وسمر وحوار غربة وارتحال، عالم من الفقد والمكاسب، رجل يهوى ويخاف المخاطر، حينًا ينزوي وحينًا يغامر، يعيش كل اللحظات ويموت في اللحظة آلاف المرات، هو الحياة وهو الموت، هو الحقيقة وهو التأسيس وهو الأمل وهو الألم الذي عاشه من بعده حتى الحلم اكتمل! حين تتذكره لابد أن تتذكر معه (يوم التأسيس) لمملكة سعودية قامت وتأسست على يد أميرها محمد بن سعود لتكون كما نراها اليوم ألماسة هذا الكون، مهوى قلوب الملايين، وحبها مغروس بين الوتين، يوم الثاني والعشرين من فبراير يوم نوشمه في القلوب ليكون تذكار ود، ومحبة، وانتماء، وشغفاً ومسؤولية عاشق مفتون، يهوى مدينته ويطرز محبتها في قلبه وعقله، يعرف عراقتها، ويستلهم من شعارها قيمه وأفكاره ليكون واجهة هذه الحضارة التي بوحدة الدين والأخلاق أُسست، وبنزيف العظماء تكونت، وبكل شبر وطعنة في أجساد مؤسسيها تربعت، ليلٌ لا يعرف السكون وقلوبٌ لذة الموت لها فنون، فإما أن تكون أولا تكون! لكنها كانت وصارت وأصبحت وتألقت، وتأنقت نماء وحياة وكرما، فروسية وبطولة، وحدة وتناغما وحراكا اقتصاديا وثقافيا ورؤية وهمة طويق. يوم التأسيس يومٌ يذكرنا بسعوديتنا الأولى حين تولى أميرنا الإمام محمد بن سعود في 22 /2/ 1727 فيها حكم الدولة السعودية الأولى ومنها انطلق لتوحيد أراضي شبه الجزيرة المترامية على عقيدة إسلامية صحيحة، وها نحن اليوم نتذكر هذا اليوم ليكون ميثاق قوة وتمكين لنا وللقادمين واعتزاز بهذا الوطن الثمين تاريخٌ يُدرس وموروثٌ به يفتخر، وحضارة تدوم، ومن لم يكن له ماضٍ عريق فليس له حاضر مجيد. وفق الله ولاة أمورنا ملكنا سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان وجميع ولاة أمورنا وحامي نهضتنا ومواطنينا ومقيمينا للحفاظ على هذا الوطن، ورب اجعل هذا البلد آمنا وارزق اهله من الثمرات، وسائر بلاد المسلمين، ورحمات تظلل أمير التأسيس ومن بعده وملك الوحدة عبدالعزيز ومن والاه وجميع موتى المسلمين.