عراقة الشعوب تعتمد على تاريخها المسجل والموثق، في «22 يناير 1999» احتفلت بلادنا بالذكرى المئوية لاسترداد الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - لمدينة الرياض، ليعيد هذا التاريخ رسم التاريخ الأساسي المرتبط بتأسيس الدولة السعودية منذ ثلاثة قرون، ليكون تاريخ «22 فبراير 2022» هو العمر الخاص بدولة عريقة عمرها ثلاث مئة عام. الارتباط الثقافي بمثل هذه الاحتفاليات هو العنصر الأهم لأنه يجسد إرث الأمم وحضارتها وثقافتها، الموروث الثقافي والفني السعودي غني جدا، رغم الصعوبات التي واجهت هذا الإرث من ناحية اجتماعية وثقافية واستغلال أحيانا الدين في طمس هذه الهوية والتعامل معها بجهل متعمد، لأسباب عديدة اعتمدت على اللعب على وتر الدين بطريقة غير صحيحة وفيها تجهيل للمجتمع وبصورة استمرت لعقود من الزمن للأسف الشديد. الكثير ينظر للبدايات الأولى من الثلاث مئة عام التي انطلقت منها الدولة السعودية، بكونها بداية لما أصبح الكثير يلمز بلادنا فيها من كونها بمفهوم «الوهابية» وأعتقد أن الاحتفال بيوم التأسيس فرصة كبيرة لنا لإزالة هذا المفهوم الخاطئ عن بلادنا، واعتبار الوهابية كمصطلح هي امتداد لمقومات الدولة الإسلامية التاريخية في أهمية الارتباط الديني للمجتمع، وأن العلاقة السياسية والاجتماعية والدينية علاقة مترابطة ولا انفصال بينها، كون الدين الإسلامي منهج حياة وليس كما حاول البعض أن يصور الدعوة الوهابية بمعلومات مغلوطة ومنافية للحقيقة، فنحن أمام فرصة ثقافية دينية لإعادة هذا المفهوم والتعامل معه إعلاميا بصورة علمية بعيدة عن مهاترات الكثيرين واجتهادات البعض غير المناسبة والتي كان لبعضها انعكاسات سلبية في وقتا سابق. يوم التأسيس مناسبة ثقافية إعلامية بصورة كبيرة، لا بد أن نفرق ما بينها وبين مناسبة توحيد المملكة، فالخلط لدى البعض موجود، الموروث الثقافي والفني لا بد من إبرازه، كون أن الأمم تقاس حضارتها بهذا الموروث، نعم كان من الصعوبة للظروف المادية والاجتماعية نقل مرحلة الثلاث مئة عام بصورة تتواكب مع تلك المرحلة، ولكن بالبحث وتخصيص كل عام منحنى ثقافي حضاري يتم التطرق له بصورة علمية وتعامل اعلامي يليق به، لأن البعض وهذا ستلاحظونه قبل وأثناء الاحتفال بيوم التأسيس بالتعامل مع كاحتفال وطني عادي، رغم أنه من الأهمية الكبيرة والتي تعكس عراقة الدولة السعودية وعراقة المجتمع داخل هذه الدولة، وتكويناته الثقافية المتنوعة رغم الظروف المادية والاجتماعية وحتى البيئية التي كونته. الموروث الثقافي والفني لا بد أن يكون حاضرا بصورة مواكبة للجانب التثقيفي في علاقة تأسيس الدولة السعودية، والتطرق بشفافية لجميع الظروف التي واجهتها بدايات التأسيس وأيضا تكون هذه المرحلة والتي تليها هي العنصر الأساسي في تدريس وتثقيف أجيالنا، وألا تكون مجرد لمحات بسيطة في مناهجنا كما هي حالياً.