العفو والصفح والتسامح من شيم الرجال الكرام ومن أخلاق الرجال العظماء التي يحث عليها ديننا الإسلامي الحنيف وأخلاقنا العربية الأصيلة. ولا شك أن توفيق الله سبحانه وتعالى هو أساس كل شيء ولن يتم أمر أو فعل إلا به، ونحن كمجتمع مسلم نفرح ونسعد بمواقف العفو والتسامح، ونقدر ونجل أهل هذه المواقف لأننا مجتمع يحب مكارم الأخلاق سيراً والتزاماً بنهج الدين الحنيف، قال تعالى خُذِ العَفوَ وَأمُر بِالعُرفِ وَأَعرِض عَنِ الجاهِلينَ. وقال صلى الله عليه وسلم: (يُنادِي مُنادٍ يومَ القِيامةِ: مَن كان له أَجْرٌ على اللهِ عزَّ وجلَّ فليَقُمْ فلْيَدْخُلِ الجَنَّةَ. قالوا: ومَنِ الَّذي أَجْرُه على اللهِ عزَّ وجلَّ؟ قال: العافِينَ عنِ النّاسِ، ثمَّ قرأَ: {فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلى اللهِ). ولا شك أن مواقف العفو كثيرة والأخيار أكثر والقضايا والخلافات أزلية، تتفاوت مواقف الناس فيها بين عاف ِِومحتسب للأجر والثواب، ومنتقم وآخذ لحقوقه، وحسب ظروف وملابسات كل قضية، ولله في خلقه شؤون. وقبل أيام قلائل عفا الشيخ سالم بن نصار السبيعي وأبناؤه الكرام عن قاتل ابنهم لوجه الله، فوجد ذلك صدى واسعاً لدى المجتمع الذي رحب وقدر موقفهم، وانهال عليهم المجتمع بالدعاء والتمجيد والتكريم، مما يدل على مكانة العفو وحب المجتمع له ومكانة فاعله في قلوب الناس، فلعل ذالك يكون من السنن الحسنة التي يقتدي بها الناس ويثاب فاعلها وتختفي من الساحة مبالغ الديات التي أشغلت الناس وأثقلت كاهل المجتمع، قال تعالى: مِن أَجلِ ذلِكَ كَتَبنا عَلى بَني إِسرائيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفسًا بِغَيرِ نَفسٍ أَو فَسادٍ فِي الأَرضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النّاسَ جَميعًا وَمَن أَحياها فَكَأَنَّما أَحيَا النّاسَ جَميعًا وَلَقَد جاءَتهُم رُسُلُنا بِالبَيِّناتِ ثُمَّ إِنَّ كَثيرًا مِنهُم بَعدَ ذلِكَ فِي الأَرضِ لَمُسرِفونَ.