أعاد إعلان يوم تأسيس الدولة السعودية 1727م على يد الإمام محمد بن سعود إلى أذهاننا سيرة ومسيرة خالدة لدولتنا، ثرية بثقافتها، متجذرة بأصالتها ومكانتها، تقف على إرث كبير يمتد إلى ثلاثة قرون من وضع مداميك دولتنا والولوج نحو الاستقرار والبناء المؤسسي في كل مناحي الحياة. ومشاركة في الاحتفاء بيوم التأسيس سأحاول تسليط الضوء على مكونات هوية يوم التأسيس وما تضمنته من رموز (الراية، والتمر، والمجلس، والخيل العربي، والسوق)، وهي المكونات التي حددت في دليل الهوية التجارية ليوم التأسيس 1727م. وتعكس تلك الرموز التحول والتنوع في تراثنا منذ التأسيس حتى يومنا، وسأحول تحليل تلك الرموز إلى أبعادها وكشف دلالاتها على النحو الآتي: يعد رمز (الراية) الذي تضمنته هوية يوم التأسيس تجسيدًا للدولة وسيادتها والانقياد لها، وإعلان انضواء الجميع تحت الراية السعودية التحول نحو العمل المؤسسي والقيادة الواحدة. أما (التمر) فيظهر أنه استخدم رمزًا للضيافة والكرم الأصيل فينا، وارتباطه بمجالسنا، إضافة إلى كونه يرمز إلى الاعتماد على الذات والاهتمام بالزراعة كمقوِّم من مقومات الحياة والأمن الغذائي، فضلًا عن أن التمر مرتبط بالنخيل الذي هو رمز الشموخ والترفع عن الأحقاد (كن كالخيل عن الأحقاد مرتفعًا). وثالث تلك الرموز هو (المجلس)، ولعله يرمز إلى الوضع الاجتماعي الذي عاشه آباؤنا وأجدادنا، وما ساد فيه من تماسك وتقارب، وفيه كذلك تجسد لقيم اجتماعية أصيلة في مجتمعنا السعودي، وتذكير بوضعنا وعادتنا وعمقنا التاريخي. ويأتي رمز (الخيل) مرتبطًا بالبطولة والشجاعة والفروسية التي كان عليها آباؤنا، وما زالت ممتدة في أجيالنا وستستمر، وهي ثقافة متوارثة، ترتبط بها قيم الإقدام والرياضة. ويحمل (السوق) رمزية اقتصادية مهمة، ويكشف عن حركة البيع والشراء، والتبادل التجاري، والاحتكاك بالآخرين في معاملات اقتصادية. وهذه المكونات الخمسة مرتبطة ببعضها في انتظام جميل، إذ متى وجدت الدولة وفرضت رمزيتها، صاحب ذلك استقرار اقتصادي واجتماعي، وأسهم في تعزيز القيم السامية فينا. وإن عمقنا التاريخ الممتد زمنيًا لثلاثة قرون يوازيه عمق ومحبة في نفوسنا، ومكانة تمتد في تعاريج أوردتنا، وتملأ قلوبنا، وتظهر في مشاعرنا وولائنا لهذا الوطن الكبير. *جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن