جدد وزير الطاقة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان التأكيد على فحوى استراتيجية المملكة للطاقة، وذلك خلال مشاركته في المنتدى الاقتصادي العالمي، دافوس في جلسة حوارية بعنوان "التعامل مع تحولات الطاقة"، أمس الأول، حيث اطلق مدير الجلسة دانييل ييرغين، نائب رئيس مجلس الإدارة لشركة "أي اتش اس ماركت" تساؤلاً فبينما شرع العالم في رحلة تحول طموحة للطاقة، محفوفة بأضرار محتملة للدول والشركات والاسواق والشعوب، فما الذي يمكن فعله لضمان أن التحول لا يتحقق فحسب، بل يكون سلساً ومتوقعاً ومنصفاً قدر الإمكان؟ وقال وزير الطاقة في معرض إجابته: "إن كل استراتيجية للطاقة يجب أن تكون قائمة على ثلاث ركائز وهي أمن الطاقة، ونمو الاقتصاد وازدهاره واستدامته، والتغير المناخي". مشددا التوجيه "ويجب ألا نخل بواحدة من هذه الركائز لأجل أخرى"، مضيفاً، "وتختص مبادرة السعودية الخضراء بتحقيق طموحات المملكة، أما مبادرة الشرق الأوسط الأخضر فهي مبادرة نحاول من خلالها تحقيق ما يطمح إليه الشرق الأوسط بأكمله". وأوضح الأمير عبدالعزيز بن سلمان بأن "الركيزة الرئيسة لمبادرة السعودية الخضراء هي نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي ندعو إليه منذ نوفمبر 2019، ومن خلاله سنحقق أهدافنا دون الإخلال بالركائز الثلاث للطاقة"، ملخصاً سموه القول بأن "الاقتصاد الدائري للكربون قائم على أربعة محاور هي الخفض، وإعادة التدوير، وإعادة الاستخدام، والإزالة، والمملكة تعمل على جميع هذه المحاور"، مبرراً بأن "هناك دافعا اقتصادي كبير لتحقيق مستهدفاتنا في التحول بمجال الطاقة"، مستفهماً "ولا أعرف بلدا آخر بإمكانه أن يثبت مثل ذلك". وشرع وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان في التنبيه "وعلينا ألا نكون متحيزين وانتقائيين فيما يخص استخدام مصادر الطاقة، بل علينا أن ندع هذا القرار لكل دولة لتتخذه حسب ما تراه مناسب وبناء على مواردها الطبيعية وإمكانياتها". متمنياً سموه الا يفرق العالم بين مصادر الانبعاثات قائلاً، "وأرجو أن يكون الجميع متفقين على الحد من انبعاثات جميع غازات الاحتباس الحراري والاستفادة من كل تقنية موجودة، وابتكار تقنيات جديدة لتحقيق هذا الهدف"، مستفهما "وعلينا أن نسأل أنفسنا بكل صراحة، هل نحن نسعى حقا للحد من انبعاثات جميع غازات الاحتباس الحراري، أم أن ذلك ذريعة فقط للمطالبة بالتخلص من المواد الهيدروكربونية والوقود الأحفوري؟". مزيج الطاقة الأمثل وتطرق سموه لمزيج الطاقة الأمثل "الذي يستهدف الاستغناء عن السوائل في إنتاج الكهرباء والتحول إلى الغاز والطاقة المتجددة في توليد الكهرباء، بنسبة 50% لكل منهما". فيما أثار وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان الحديث ملفتا "وهناك من لا يعجبه أن يرى المملكة مهيمنة في مجال الهيدروجين الأخضر، لكننا سنكون كذلك، ولدينا الإمكانات لنكون أقل دولة في العالم في تكلفة إنتاجه". وكان وزير الطاقة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان قد أعلن وبكل ثقة في حشد دافوس الأخير بقوله "لدينا موارد واسعة من البترول والغاز واشعة الشمس ونعمل على استغلال الموارد الثلاثة وكافة أنواع المتجددة مع القدرة على استخدام الطاقة النووية في 2030، ونريد التأكد من أن العالم يهتم بكل مصادر الطاقة وتوفيرها من كل مصادرها"، ومع ذلك، شدد سموه القول "ولكننا أيضاً يجب ان نعمل على الحد من جميع الانبعاثات" الضارة من جميع أشكال الصناعة والمباني والاعمال الإنتاجية الضخمة المختلفة، والذي تبنته المملكة باعتزاز وبالكاد تعمل على تطوير مفاهيمه وأسسه وتقنياته ومشاركة العالم تجربتها الفريدة في مشاريع استغلال الكربون وتحويله لقيمة اقتصادية من خلال عديد معامل النفط والغاز التابعة لأكبر شركة بترولية في العالم، أرامكو السعودية، ومن أضخم قلاع البتروكيميائيات، شركة "سابك". ويقول خبراء الطاقة في العالم أن المملكة تتجه لتكون المشرعة في توجهات الطاقة النظيفة وتنفذ البلاد حالياً عدة تقنيات منها تقنية استخلاص الكربون ويجري تطوير هائل لهذه التقنيات، فيما قدمت المملكة أخيراً مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون الذي تعتبره الحل المناسب، حيث قال سموه "اننا إذ كنا نستطيع استخلاص الكربون ففي امكاننا ان نستغله، فالكربون عبارة عن مادة ويجب ان نقدر حقيقة اننا نتعامل مع شيء له قيمة وإذا أمكننا تصنيعه والاستفادة منه ومن ثم تحقيق أرباح مالية من هذه المادة فسوف يكون هذا وضعاً مربحاً لجميع الأطراف". وتؤكد المملكة ما تقوله فعلاً في تحولها الضخم للطاقة النظيفة وهي تستشهد بإنشاء مدينة نيوم المواكبة للثورة التكنولوجية الإلكترونية النظيفة التي تقوم على الطاقة الهيدروجينية وقوداً لوسائل النقل معززة بذلك جهود العالم لحماية المناخ وطبقة الغلاف الجوي لكوكب الأرض من خلال استخدامها للطاقة النظيفة بكافة اشكالها الصديقة للبيئة. ويدعم صفوة خبراء ومسؤولو الطاقة في العالم وجهة النظر السعودية حول أهمية الموازنة بين متطلبات الطاقة العالمية والاحتياجات البيئية، حيث أن العالم بحاجة إلى طاقة أكبر مع تزايد عدد السكان والناس يريدون التنمية الاجتماعية والاقتصادية، في حين يكمن التحدي في كيفية إنتاج المزيد من الطاقة مع تقليل الانبعاثات. وحينما طالب وزير الطاقة، الأمير عبدالعزيز بن سلمان، العالم في مؤتمر دافوس أن يكون نزيها واكثر حياداً في تحديد كافة مصادر الطاقة المسببة للتغير المناخي والتي لا تقتصر على صناعة النفط فحسب، التي تجد العداء الدائم من بعض ساسة الطاقة في العالم، بل تشمل كافة الصناعات إجمالاً، مستغرباً سموه هذا التجاهل الذي يظهر مدى العداء الموجه لنفط الشرق الأوسط فقط وما يحمله المشهد من اجندات يحركها بعض الساسة، مشدداً سموه بان المملكة ستصبح من أكبر منتجي الطاقة النظيفة من مواردها الطبيعية من النفط والغاز والصناعات الأخرى بحلول 2030، ومع ذلك لم تجد أدنى إشادة او تشجيع من أولئك الساسة. وناشد وزير الطاقة وزراء نفط العالم وتنفيذيو الطاقة وساستها لزيارة المملكة للاطلاع عن كثب على حجم الجهود الجبارة التي تنفذها المملكة في استثماراتها الضخمة في استغلال غاز ثاني الكربون وتحويله للقيم لإنتاج مواد ذات قيمة، إضافة إلى البرنامج الضخم لكفاءة الطاقة ومنها نجاحها بخفض الاستهلاك وخفض الكثافة الكربونية لأدنى النسب. وتقوم بتحويل وسائل النقل مثل السيارات لأفضل أنواع الوقود في العالم كالهيدروجين فالمملكة هي الأفضل دون منازع، وبدأت الكثير من الدول تقتدي بها حيث أنشأت أول محطة لتزويد السيارات بوقود الهيدروجين في المملكة حيث اثبتت المملكة أن الهيدروجين لديه إمكانات هائلة للحد من الانبعاثات الكربونية الصادرة من قطاعات الطاقة المختلفة، وهي خطوة مهمة نحو التوسّع في استخدامات النفط والغاز كمصادر لاستخراج الهيدروجين وبالتالي استخدامه كوقود في وسائل النقل والمواصلات المستدامة ذات الأثر البيئي النظيف وغير المؤثر في مجال التغير المناخي، وهذا يمثل فرصة كبيرة للمملكة لتكتشف بشكل أكبر إمكانات وقود الهيدروجين وتحقيق هدفها الساعي لتوفير مصادر طاقة خضراء عملية ومستدامة لمستقبل الوقود النظيف. والمملكة لم تغفل أمر كفاءة الطاقة بأهمية بالغة في خفض الطلب الإجمالي على الطاقة، مع تفادي هدرها وزيادة إنتاجيتها، والإنجازات التي حققها التعاون بين مجموعة العشرين في مجال كفاء الطاقة، وتشجيع التعاون الدولي المستقبلي للاستفادة الكاملة من إمكانات كفاءة الطاقة.