ننطلق هنا من تأكيد معالي وزير التعليم، د. حمد بن محمد آل الشيخ على أهمية التهيئة النفسية للطلبة، وخاصة بعد قرار الوزارة استئناف الدراسة الحضورية في المرحلتين الابتدائية ورياض الأطفال مِمَنْ هم أقل من 12 عامًا، وجزء كبير منهم حتى الآن لم يعتادوا على البيئة المدرسية ولا يعرفونها بسبب انقطاعهم عن الحضور في ظل استمرار مخاطر جائحة فيروس كورونا ومتحوراته لضمان سلامة الطلاب من أي إصابة أو مضاعفات لا سمح الله أو لكي لا يكونوا جزءاً من عملية انتشاره بين الطلاب أولاً ثم إلى أسرهم وما تحويه من حالات حرجة قد يلحق بهم مخاطر كبيرة، واكب هذا القرار بلا شك قلق كبير عند أولياء الأمور حيث أصبح هذا الموضوع حديث الناس وانعكس ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي وانقسموا بين داعمين العودة إلى مدارسهم أو معارضين له خوفًا من زيادة عدد المصابين أو يكون هؤلاء الطلاب مصدر تفشي لهذا الفيروس وتصبح المشكلة والتكلفة أكبر من فائدة تعويض الفاقد التعليمي الذي يعتبر مهمًا جداً وتعيش الوزارة هاجس محاولة تعويضه في ظل الصرخات التربوية والنفسية المتزايدة لما يسببه هذا الانقطاع الحضوري عن المدرسة من نقص في المهارات المعرفية والوجدانية والسلوكيات الإيجابية التي تتطور وتنمو داخل البيئة المدرسية من خلال التعلم والاندماج مع الأقران وما يولده لديهم من تعزيز الدافعية والتنافس والنمذجة أو من خلال تدريس هذه المقررات بتواصل المباشر مع المعلم وما يكسبه للطلاب من معارف ومهارات عن طريق التبسيط والتوضيح والشرح والتعديل، بالإضافة إلى ما تقدمه المدرسة من خدمات أخرى إرشادية وتوجيهية أو الأنشطة اللاصفية التي تنمي لدى الطلاب المهارات الاجتماعية والشخصية وتعزز لديهم الثقة بالنفس ومهارات القيادة والعمل ضمن روح فريق الأقران.. مهارات كثيرة كانت مفقودة في الفترة الماضية في ظل استمرار التعليم عن بعد. ولكن تبقى النقطة الأهم كبداية انطلاق لهؤلاء الأطفال خاصة من هم في المراحل الابتدائية أو رياض الأطفال في العودة الحضورية هي التهيئة النفسية السليمة من خلال الأسابيع التمهيدية، من منطلق أن غالبية الأطفال غير معدين ولا مهيئين للالتحاق بالمدرسة وانتقالهم من حضن الأسرة الحانية إليها وبالتالي ليس غريبًا أن يظهر على الكثير منهم مظاهر الخوف والارتباك وعدم التوافق والتكيف والانزعاج منها ممزوجة بمشاعر الرهبة من المجتمع المدرسي الجديد، وإدراكًا لأبعاد هذا الموقف النفسي الحرج وأثره في حياة الطفل مستقبلاً ولجعل هذه التجربة سارة في حياتهم وانعكاسها على صحة الطفل النفسية وأولياء أمورهم في التعامل معها، أقترح أن يكون هناك برنامج تربوي مميز يعد ويقرر من الوزارة ويترك للمدرسة تنفيذه يتكون من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع تمهيدية، يكون الأول منها ترفيهياً بالكامل (مفتوحاً) والأخرى يتخللها بعض الحصص الخفيفة لاستقبالهم ومساعدتهم على تحقيق التكيف التربوي اللازم. * متخصص في الإرشاد النفسي