يبدو أن جائحة كورونا ستتسبب في فقدان الثقة في المهن الحرة والدخول في مشاريع ذات أحجام صغيرة، حيث اتضح أن هذين النوعين من الأعمال هما أول الضحايا لمثل هذه الجوائح. أصحاب المهن الحرة والمستثمرون في المشاريع الصغيرة، يعتمدون في أعمالهم على الحراك الاقتصادي الذي تقوده المنشآت والشركات الكبيرة، وحينما يتعرض الاقتصاد لبعض المشاكل، وتتأثر تبعاً لذلك الشركات الكبيرة، تبدأ هذه الشركات في تقليص احتياجها وتقليل اعتمادها على من يقدم عملاً مهنياً أو صاحب منشأة صغيرة يقدم خدماته إلى شركة أكبر حجماً منه. قد يقود ذلك إلى ازدياد الضغط على طلب الوظائف، حكومية وخاصة، ويتسابق الناس عليها هروباً، أو تجنباً، لما قد يحدثه المستقبل من جوائح وهزات اقتصادية، وذلك من أجل ضمان مستقبلهم المعيشي. وهذا التوجه، إذا تم، له آثاره السلبية، ليس على الأفراد فقط، وإنما على الحكومات واقتصاداتها، والتي لن تكون قادرة على خلق ما يحتاجه مواطنوها من وظائف وفرص عمل. وتحسبا لذلك، فإن هذا يحتاج نظرة مستقبلية بعيدة المدى، يحسن بالدول التفكير فيها، والعمل من أجلها، وتحمل تبعاتها. هذه النظرة تحتاج العمل على محورين، أولهما طمأنة ودعم وتشجيع وتحفيز أصحاب المهن الحرة والأعمال الصغيرة لبدء أعمالهم، وتقديم العون لهم، بما يشمله ذلك تقديم المساعدات والحلول عند التعرض لأمور خارجة عن إرادة أصحاب تلك الأعمال، ويأتي في مقدمة ذلك الجوائح والهزات الاقتصادية. أما الأمر الآخر فيتمثل في الاهتمام بما يعرف بالتنمية الاجتماعية بما تشمله من عناية ودعم للمواطنين والمحتاجين للدعم ومساعدتهم في إيجاد فرص عمل لهم بعيداً عن الاعتماد على الطرق التقليدية للدعم والمساعدة.