البيئة التشريعية في المملكة شهدت تغييرات وتحولات ستنعكس بالتالي على آلية عمل الجهات الحكومية (وزارات، هيئات.. الخ) من ناحية تطبيق وتفعيل تلك الأنظمة بشكل صحيح. وبالتالي ستظهر الحاجة إلى استحداث أو تفعيل إدارات الالتزام داخل كل منشأة حكومية. الهدف من وجود إدارة الالتزام في المنشأة الحكومية هو ضمان الالتزام بالأنظمة واللوائح والتعليمات الصادرة من الجهات الحكومية ولضمان عدم وجود أي تجاوزات أو عدم التزام، وعند النظر إلى إدارة الالتزام في القطاع الحكومي قد نجدها حديثة ولا أعتقد أنه يوجد نموذج عمل موحد أو متشابه في جميع القطاعات الحكومية حتى الآن، لعدة تحديات تواجهها أهمها تتمثل في عدد الأنظمة واللوائح الكبيرة التي تحدث أو تصدر بسبب التغيرات الحاصلة في البيئة التشريعية في المملكة مما يصعب حصرها وأيضا تواجه بعض الجهات الحكومية الجديدة صعوبة في التعرف على التعاميم السابقة أو حصرها وصعوبة في تحليل وتحديد اللوائح والمواد التي تنطبق على الجهة، لذا أعتقد أن بناء نموذج العمل لأي جهة وخاصة خلال السنة الأولى من تفعيل أو إنشاء إدارة الالتزام سيكون نقلة تطويرية لأي جهة، لهذا السبب قد تستعين بعض الجهات بمكاتب استشارية. عند مقارنة إدارات الالتزام مع القطاع الخاص وخاصة الاستثماري أو البنكي والذي يعتبر جدا ناضجا بحكم وجود مشرعين ومن أهمهما البنك المركزي السعودي والذي لعب دورا مهما في تنظيم القطاع البنكي وإصدار عدد من اللوائح والأنظمة، وتفعيل إدارة الالتزام بالشكل الصحيح داخل المنظومة البنكية للتأكد من أن الأعمال تتم وفق اللوائح والأنظمة. من المتوقع أن إدارة الالتزام في القطاع الحكومي قد تشهد نقلة نوعية وستتطور في السنوات القادمة وستكون أكثر نضج وكفاءة وقد نرى جهات حكومية ستكون رائدة في تطبيق نموذج يحتذى به في معايير الالتزام. حيث إن وجود إدارة الالتزام في القطاع الحكومي يعني تفعيل وتطبيق الأنظمة والتشريعات بشكل تام. نطمح أن تكون إدارات الالتزام في جميع القطاعات الحكومية تعمل بنفس التناغم في تطبيق الأنظمة واللوائح بدون وجود تفاوت في التطبيق، وخاصة أن تطبيق الالتزام في القطاع الحكومي مختلف عن القطاع الخاص، كون أكثر الجهات الحكومية هي بالأصل تلعب دورا رقابيا، وبالتالي هي جهات رقابية، وبنفس الوقت عليها التزامات من جهات رقابية أخرى. الأنظمة واللوائح هي الدعامة الرئيسة في ضبط وتيسير أعمال أي منشأة، ويمكن أن تكون أداة فعالة في تحقيق أهداف الجهة ورفع مستوى أدائها. لذلك لا بد من التوعية بالثقافة القانونية وبالتالي ستصبح الأنظمة واللوائح عاملا مساعدا في التنمية الاقتصادية والإدارية.