نجحت المصرفية الإسلامية في تحويل عقود التمويل الى صيغ تمويلية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية وتجاوز التمويل الإسلامي في المملكة حاجز ال83% من اجمالي التمويل المقدم من البنوك السعودية، ساهمت 4 بنوك إسلامية بمحافظ تمويلية متوافقة مع الضوابط الشرعية بنسبة 100% استثمرت فيها 682 مليار ريال تمثل أكثر من 33% من اجمالي قيمة محفظة التمويل في البنوك السعودية كما أن البنوك التقليدية حولت الجزء الأكبر من تمويلاتها الى تمويل إسلامي، على سبيل المثال البنك الأهلي السعودي 84% من محفظته التمويلية متوافقة مع الشريعة، بنك الرياض 66% البنك الفرنسي 73% كما أن الصيغ التمويلية التي استخدمتها البنوك متنوعة وتلبي احتياجات شريحة الشركات والأفراد، المرابحة كانت هي الصيغة الأكثر استخداما بتمويل يزيد عن 748 مليار ريال بنسبة 45% من اجمالي التمويل الإسلامي، ثم صيغة التورق بحوالي 703 مليارات ريال وبنسبة 42% من اجمالي المحفظة، يليها الايجار التمويلي بحولي 184 مليار ريال بنسبة 11% ثم المضاربة والمشاركة والصيغ الأخرى التي تشمل تمويل البطاقات الائتمانية بحوالي 29 مليار ريال، هذا التنوع في الصيغ التمويلية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية لاشك أنه أسس قاعدة قوية يُمكن المصارف التقليدية من تحويل جميع منتجاتها التمويلية الى منتجات متوافقة مع الشريعة دون التأثير على سير أعمالها، كما أن التقنية البنكية المتطورة مكنت المصارف من تنفيذ عقود التمويل الإسلامية بجميع صيغها في زمن قياسي لا يقل عن الزمن الذي يستغرقه التمويل التقليدي، المرابحة يمكن استخدامها في التمويل وأيضا تستخدم بديلا عن الودائع لأجل، وهي نوعان، إذا كان البنك يملك السلعة المباعة فتكون مرابحة بسيطة، وإن كانت غير متاحة لديه ويشتريها من السوق بمعرفته ثم يضيف ما اتفق عليه مع العميل من ربح فتكون مرابحة للآمر بالشراء، ويمكن أن تتم المرابحة بإحدى صورتين وهما: المرابحة البسيطة: وهي أن يمتلك البنك السلعة ثم يبيعها للعميل مع تحديد الربح ومدة السداد، أما المرابحة للآمر بالشراء: وتسمى أيضا المرابحة المركبة، وهي قيام من يريد شراء سلعة معينة بالطلب من البنك بأن يشتري له تلك السلعة، مع الوعد بأن يشتريها منه بربح معين، ويسمى من يريد السلعة بالآمر بالشراء، بينما البنك يسمى المأمور بالشراء أو البائع، ويقوم الآمر بالشراء بدفع الثمن للبنك مؤجلا، إما على أقساط أو دفعة واحدة في نهاية العقد، وفي حال استخدام المرابحة كبديل للوديعة لأجل فإن البنك يصبح الآمر بالشراء والعميل هو المأمور بالشراء، أما التمويل التأجيري فهو عقد يجيز للمستأجر الانتفاع بالأصل مقابل اقساط يدفعها دوريا خلال فترة زمنية محددة تنتهي بتملكه للأصل ويجيز العقد للمؤجر شراء الاصل خلال مدة العقد، وهذه الصيغة يكثر استخدامها في تأجير السيارات الجديدة التي أصبحت تشكل أكثر من 70% من مبيعات شركات السيارات، الصيغة التمويلية الأخرى هي (التورق) ولا تختلف كثيرا عن المرابحة الا أنها تستخدم في التمويل الشخصي مثل التمويل بالأسهم أو بالسلع، المشاركة والمضاربة من الصيغ التمويلية التي تستخدمها البنوك الا أن استخداماتها قليلة، التمويل بواسطة بطاقة المرابحة الائتمانية تطور كثيرا خلال السنوات الماضية وأصبح بديلا شرعيا عن البطاقات الائتمانية المؤجلة الدفع كما أنه من أكثر التمويلات المدرة للأرباح والتي تتجاوز 26% في السنة، وقد تم تكييفها لتتوافق مع الشريعة حيث تقوم فكرة البطاقة على تمويل بالأسهم أو السلع من خلال تنفيذ عملية مرابحة بين البنك والعميل وبعد انهاء اجراءات التعاقد يتم إضافة المبلغ في البطاقة الائتمانية سواء كانت فيزا أو ماستر كارد والمبلغ المضاف هو الحد الائتماني للبطاقة الذي اتفق عليه الطرفان، العميل لا يدفع أي رسوم أو أرباح على المبلغ الا عند السحب الفعلي من رصيد البطاقة ومرور ثلاثون يوما على عملية السحب، وإن تم السداد قبل ذلك يتم استرداد الأرباح كاملة لحساب البطاقة، أما إذا تأخر السداد بعد الموعد المحدد يتم احتساب نسبة ربح 2% شهريا وللسداد خيارين إما سداد كامل المبلغ أو بقسط شهري بنسبة 5% كحد أدنى من المبلغ، ومع أن نسبة الربح التي يحصل عليها البنك عالية جدا الا أن هنالك مبررا لهذا الارتفاع وهو أن البنك عند تنفيذه عملية المرابحة من أجل اتاحة المبلغ في البطاقة لاستخدام العميل لا يأخذ عليها رسوم أو أرباح ولو افترضنا أن العميل لم يستخدم البطاقة فهذا يتسبب في خسارة للبنك لعدم استفادته من المبلغ حيث اصبح في ذمة حامل البطاقة حتى انتهاء صلاحيتها. يبقى السؤال الذي يُطرح دائما، هل الصيغ التمويلية الشرعية حيلة لتفادي الربا؟ والحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع أن بعض الخيارات الأكثر مثالية في التمويل ليست متاحة للبنوك لتنفيذها لأن هنالك أنظمة وضوابط وحوكمة تحد من أنشطة البنوك لحمايتها من المخاطر التشغيلية وهذا جعل خيارات التمويل محدودة في الصيغ المتاحة الآن ولكن هذه الصيغ وافقت عليها لجان شرعية معتبرة وقام بمراجعتها علماء شرعيون متخصصون عملوا جنبا الى جنب مع البنوك منذ أكثر من 40 سنة حتى أصبحت المصرفية الإسلامية واقعا ملموسا ولاعبا مهما في الاقتصاد العالمي.