نعلم جميعاً أن سنة الله في خلقه جارية. وأن زواج الأبناء من أساسيات وأولويات الحياة وسننها العظيمة. كما أن الزواج يمنح الأبناء الاستقلالية والاعتماد على النفس، وبالزواج يستمر النسل. وجل ما يتمناه ويطمح إليه الآباء أن يجدوا أبناءهم وبناتهم سعداء في حياتهم فرحين. ومن المؤكد أن زواج البنات خصوصاً ذو طابع خاص، وله مشاعر مختلفة لدى الآباء. ومن أكثر ما يجول في خاطر الأب أو الأم يوم عرس ابنتهم الشعور بالفرح والسرور وكذلك الإحساس بألم الفراق. حيث يتصدر أذهانهم في ذلك الموقف بعضاً من المشاهد المؤثرة والذكريات المتنوعة، بدءًا من لعبها صغيرة ومرحها وضحكها، وارتداء مريولها، وترتيب غرفتها، وتنظيم أغراضها. وما دعاني إلى سرد ما ذكرته آنفا هو طينا كأسرة لإحدى الصفحات المشرقة من حياتنا وذلك بالتجهيز لمغادرة ابنتنا منزلها، في يوم عرسها الموافق 11 / 6 / 1443، لتخوض تجربة جديدة وفصلاً مختلفاً من فصول الحياة. حيث إن الله قد يهب لأحد الأبناء أو البنات صفات نادرة تميزه ليصبح أثمن وأغلى هبات الله للأهل والأسرة. ومع امتنان الإنسان وشعوره بالفرح عند زواج ابنه أو ابنته إلا أنه يخالج نفسه مشاعر طبيعية من ألم البعد والفراق خصوصاً إذا كان يتصف هذا الابن أو تلك الابنة بخصال وسمات جذابة كالحصافة والذكاء والتواصل الصادق والفعال مع الأهل والآخرين. فمنهم من وفقه الله للدين والإيمان، ومنهم عُرف بالإبداع والتميز في دراسته وفي تنظيم شؤون بيت أسرته، وكذلك في ترتيب شؤون والديه الخاصة بدءًا من متطلباتهم الأساسية كتنسيق واختيار وطلب الملابس لهم وترتيب أوراقهم وسفرياتهم ومواعيدهم ومرورا بمراعاة مشاعرهم والسعي إلى برهم. وقد أراد الله أن تكون تلك العروس جامعة لكثير من الصفات الإيجابية مما جعلها تصبح عنواناً للنور والسعادة في منزلنا، وأيقونة إصلاح نادرة لما يعتري نظام الأسرة من خلل في التوازن. واشتهرت بقدراتها الفذة على بث روح التسامح وتسوية الخلافات التي قد تنشأ بين أفراد عائلتها، مما أنار طريق حياة الأسرة وعم أفرادها التفاؤل فغمرت السعادة كل أركان المنزل. وها هي الآن تودع منزلها وأهلها تاركتا ذكراها الحسنة وبصماتها البيضاء، استعداداً للانضمام إلى فارس أحلامها لتكمل مشوارها في التميز والنجاح بإذن الله في إحدى محطات الحياة، ترسم وتخطط لمستقبلها المشرق في طاعة الله ثم زوجها وتحمُل مسؤولياتها وبناء بيتها بقيادة ومشاركة زوجها حتى يكملان رسالتهما وأهدافهما ليكونا أسرة صالحة تسودها القيم والمبادئ الانسانية القويمة، لتسهم في بناء المجتمع المسلم. داعياً الله سبحانه وتعالى لها ولزوجها دوام التوفيق والنجاح. مسفر آل شايع