نجحت المملكة في تحقيق العديد من الإنجازات المهمة لدعم أهداف التنوع الاقتصادي وبناء مستقبل مزدهر لمواطنيها منذ الإعلان عن رؤية 2030 قبل قرابة سبع سنوات، وأنجزت برامج تحقيق الرؤية إلى اليوم نجاحات مهمة على مستوى جميع الركائز المختلفة للرؤية، بما فيها العمل على تكوين مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح. وفي هذا الشأن قالت منى الثقفي، المهتمة بشؤون العمل والمدن الذكية والمديرة الإقليمية لشركة سيركو الشرق الأوسط بالمملكة: إن طموحنا كما قال صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، "أن نبنيَ وطناً أكثر ازدهاراً يجد فيه كل مواطن ما يتمناه، فمستقبل وطننا الذي نبنيه معاً لن نقبل إلا أن نجعله في مقدمة دول العالم، بالتعليم والتأهيل، بالفرص التي تتاح للجميع، والخدمات المتطورة، في التوظيف والرعاية الصحيّة والسكن والترفيه وغيره". وأضافت: لقد شهدنا زيادة كبيرة في عدد السيدات المشاركات في سوق العمل خلال السنوات القليلة الماضية، كما شهدت الإيرادات غير النفطية نمواً سريعاً، حيث يجري العمل على إقامة ستة مشروعات ضخمة كما تم تطوير مزيد من التطبيقات الحكومية لدعم نمو استخدام الإنترنت بما يتماشى مع التغييرات التي فرضتها أزمة كوفيد- 19، فضلاً عن تطوير مزيد من القطاعات الأخرى، ولا شك أن المملكة ستزدهر أكثر في السنوات الثماني المقبلة. ونتيجةً لذلك، جاءت المملكة في المرتبة الأولى عربياً والمرتبة 21 عالمياً في مؤشر السعادة الصادر عن شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة لعام 2021، والذي شمل أيضاً تأثير أزمة كوفيد -19 على السعادة وجودة الحياة على مستوى العالم، مما يشير إلى أن الدولة تسير على الطريق الصحيح لتصبح وجهة عالمية في العديد من القطاعات. ويتم العمل على تحقيق الرؤية من خلال تمكين المواطنين والاستثمار للمستقبل وإنشاء اقتصاد متنوع ومزدهر ومستدام لإثراء حياة المواطنين، ما الذي تحمله السنوات الثماني المقبلة للمملكة؟ ما الذي يمكن توقعه بعد تحقيق أهداف رؤية 2030؟ تحسين آفاق المستقبل تركز المملكة على جهود السعوَدة منذ عام 1985، إلا أن الإصلاحات التنظيمية والاقتصادية الرئيسة قد تسارعت في السنوات الأخيرة في إطار أجندة رؤية 2030، لا سيما مع إطلاق برنامج تنمية القدرات البشرية الذي يهدف إلى زيادة مشاركة الشباب السعودي في النشاط الاقتصادي والنهوض بالقطاعات غير النفطية وتحسين نوعية الحياة بشكل عام، ولا تقتصر جهود المملكة على تشجيع القطاع الخاص لتوظيف المواطنين، بل تمتد لتشمل التشجيع على الاستثمار في تدريبهم لضمان استمرار عملهم مع شركات القطاع وضمان مساهمتهم في بناء اقتصاد حيوي ومتنوع. وبلغ عدد الموظفين السعوديين الجدد الذين دخلوا القطاع الخاص 121 ألفاً بالربع الأول من العام الماضي، وفقاً لتقرير صادر عن صندوق تنمية الموارد البشرية. وأشار تقرير آخر أصدره المرصد الوطني للعمل في أبريل 2021، إلى ارتفاع نسبة توظيف المواطنين السعوديين في القطاع الخاص إلى 22.75 % في الربع الأول من العام، مقابل 20.37 % خلال نفس الفترة من العام الماضي. وسنشهد زيادة كبيرة في عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص خلال السنوات القليلة المقبلة، فضلاً عن نمو مهارات جديدة. ويتمثل العامل الأساسي للحفاظ على هذه الأرقام في تزويد المواطنين بالتدريب المطلوب لصقل هذه المهارات وإدخالها في إطار التجارب العالمية التي يمكن أن تدعم رؤية السعودية 2030 وما بعدها. وسرعان ما سيقود القطاع الخاص قادة سعوديون يتمتعون برؤىً مستقبلية ومواهب محلية، كما يُعد نقل المعرفة جانباً مميزاً آخر تركز عليه الحكومة السعودية، لأن فوائده لا تقتصر على إتاحة المجال للمواطنين للتعلم واكتساب المعرفة من الخبرات العالمية وحسب، بل يعمل على زيادة احتمالية تسليم الأعمال في مواعيدها، وخفض التكلفة بنسبة تصل إلى 50 %، ورفع جودة العمل، وتحفيز اعتماد أفضل الممارسات، وزيادة هوامش الربح، وتحقيق الاستفادة الأمثل من الموارد من خلال تعيين الشخص المناسب في الوظيفة المناسبة. وتركز المملكة بشدة على الترويج لتنشيط قطاع السياحة المحلية والدولية استعداداً لتحقيق رؤية 2030، ما يسمح بنمو اقتصادها بعيداً عن الاعتماد على قطاع النفط، وتعريف العالم بالتاريخ العريق والثقافة الغنية لإحدى أكبر دول المنطقة، ونتيجةً لذلك، خصصت المملكة 810 مليارات دولار أمريكي للاستثمار في مشروعات الثقافة والترفيه والتسلية على مدى العقد المقبل. وعززت هذه الاستراتيجية بشكل كبير من جاذبية الدولة كوجهة سياحية وأحرزت تقدماً ملحوظاً نحو هدفها المتمثل في استقطاب 100 مليون زائر إلى الدولة بحلول عام 2030. ويجب على القطاعين العام والخاص التعاون لتحقيق هذا الهدف الطموح. وتتطلب رحلة توفير تجربة عميل مُرضية جهوداً كبيرة وانتباهاً لأدق التفاصيل، بدءاً من ضمان تطوير البنية التحتية، بما فيها المطارات، بشكل صحيح وتجهيزها بأحدث التقنيات، ووصولاً إلى إعداد الموظفين في ميدان العمل وتزويدهم بالتدريب المناسب. ويكتسب الانطباع الأول أهمية كبيرة، لا سيما في ظل المنافسة الشديدة على المستوى الإقليمي. ولذا، يتعين أن تكون الحكومة السعودية، بالتعاون مع القطاع الخاص، قادرةً على تقديم تجربة تنافسية اعتباراً من لحظة دخول السياح إلى الدولة. تؤكد المشروعات العملاقة التي تشهدها السعودية على إمكاناتها الكبيرة في مجال تطوير مدن كبرى توفر معيشة مميزة. ونضطر عند التفكير بتنفيذ مثل هذه المشروعات الضخمة إلى دراسة كل مستلزماتها، بدءاً من فهم الجمهور المستهدف ووصولاً إلى إدارة المرافق وتوفير إقامة مريحة وتجربة عملاء رائعة، وهذا ما تلتزم به الحكومة السعودية في مشروعاتها. ونجد أنفسنا مضطرين على الدوام إلى مراعاة العديد من العوامل الرئيسة أثناء تطوير المُدن، بدءاً من فهم الجمهور المستهدف ووصولاً إلى تحديد احتياجاتهم واهتماماتهم، ومنحهم الفرصة للتعبير عن انطباعاتهم والحرص على تزويدهم بالحلول الناجحة بالنسبة لهم، كما يتعين على المطورين فهم طريقة تفكير عملائهم حيال اختيار مكان السكن أو العمل، مع مراعاة الجوانب الأساسية والثانوية واستخدام هذه الأفكار لدعم تخطيط وتوفير المساحات والمرافق. ويتعين على المطورين قضاء وقت مع الجماهير المستهدفة للتعرف عليهم ومعرفة ما يبحثون عنه عند الانتقال إلى مجتمع جديد. ويُصبح الفهم العميق للجمهور المستهدف والتصميم التفاعلي بالتعاون معهم وبالانسجام مع اهتماماتهم من العوامل الرئيسة لجذب اهتمامهم على مختلف الأصعدة الحياتية والمهنية والترفيهية، لا سيما في ضوء ما تشهده المملكة من تغيير ونمو سريعين واحتدام المنافسة على جذب اهتمام الناس. وبمجرد فهم الجمهور المستهدف وتقديم الأفضل لهم، يصبح الوقت مناسباً لتجميع بيانات منهم تسمح بمواصلة تطوير الخدمات والارتقاء بتحسين تجربتهم الشاملة. فعلى سبيل المثال، من المتوقع أن يكون مشروع نيوم، المشروع الطموح للدولة، بحجم بلجيكا عند اكتماله ومن المقرر أن يكون أول مدينة معرفية في العالم. ووفقًا للتقارير المتعلقة بالمشروع، يهدف نظام التشغيل المعروف باسم نيوس إلى الحصول على موافقة لاستخدام البيانات من 90 % من سكان المشروع، ما يساهم في تعزيز تجربتهم. ويُعد نيوس نظاماً استباقياً قادراً على اتخاذ الإجراءات وتقديم الدعم عند الحاجة أثناء جمع البيانات.