أو كما يمكن تسميته عقدة الكمال هي تلك الصورة التي لا يوجد بها عيوب ولا خلل، مثالية زائفة نحو تجنب الفشل في رحلة الحياة كما أنه نوع من الوهم نحو الكمال المطلق في كل شيء سواء تجاه النفس أو الآخرين فيصبح الكمال شديد السمية وخطر يهدد تطلعاتك. الدافع الرئيس وراء السعي إلى الكمال هو الضغوط الداخلية، مثل الرغبة في تجنب الفشل، والأحكام القاسية والتنشئة الاجتماعية. ذلك بسبب أن النزعات المثالية قد زادت بين الشباب على مدار الثلاثين عاماً الماضية، بغض النظر عن الجنس أو الثقافة، يعتقد أن المنافسة الأكاديمية والمهنية تلعب الدور الأكبر في السعي وراء الكمال، بالإضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعي التي أنجبت المقارنات الاجتماعية في سباق محموم للوصول إلى القمة. لماذا نحتاج إلى التوقف عن المثالية؟ أولاً: التسويف وعدم الإنجاز، الكمال هو أفضل وسيلة للتسويف وعدم الإنجاز، وذلك بسبب الاعتقاد بأنه يجب أن يكون كل شيء دون أخطاء ومن ثم المبالغة في إخراج أي عمل بطريقة مثالية إلى الحد المستحيل. فمهما تم الاستغراق في أي عمل وبذل الجهد المطلوب لإنجازه بالطريقة الممكنة سوف يجد الساعون إلى الكمال الأخطاء فيه، وكأنهم دوماً ينظرون للعمل بعين الناقد مما يجعلهم في عجلة التسويف خوفا من الخطأ، وبالتالي لا ينجزون شيئاً. ثانياً: الكمال والعلاقات العاطفية، الكمال يدمر العلاقات العاطفية، مما لا شك فيه أن الشخص المحب للكمال، لا يتقبل رأي الطرف الآخر إن لم يكن رأيه موافق لنظرته الشخصية. فهو من يحدد معايير الصح والخطأ التي يتبناها لنفسه وفي علاقاته مع شريك حياته، ومن ثم تحدث المشاكل بسبب عدم التوافق الفكري بينهم. فالحياة لها ألوان متعددة وحلول بديلة وليست مرتبطة بنظريات ثابتة لا تقبل الخطأ، تقبل الآخرين هو نوع من أنواع التسامح مع الذات. ثالثاً: عدم الاعتراف بالأخطاء، إخفاء الإخفاقات والأخطاء نحو الآخرين، وعدم إظهار الأخطاء أو المشاكل يدل على الاعتقاد الجازم بأنهم لا يخطؤون وبالتالي هناك فجوة بينهم وبين أنفسهم بداية من الحياة المثالية المبنية على التصورات التي يغرقون فيها إلى الواقع الإنساني الذي يتمثل بالوقوع في الأخطاء البشرية. ليس هناك شيء يمكنه أن يثري تجربتهم الحياتية، فحياتهم أشبه بالآلة المبرمجة على المعادلات الخاصة بهم والتي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون لها خوارزميات أخرى. رابعاً: قالب واحد، الكمالية تقيد التجارب الجديدة حيث إن الخوف هو السمة الأساسية من محاولة النجاح في شيء جديد، قد يكون إضافة قيمة للشخص. عدم التجديد هو قيد من قيود الكمال حيث إن الصورة المرسومة تكون أكثر حدة من أن تلّون بلون جديد أو فرشاة مختلفة.. فالحياة بالنسبة لهم سعي حثيث نحو المحافظة على المعايير التي رسموها لأنفسهم مما يجعلهم في قالب واحد لا يقبل التجديد أو الابتكار. خامساً: التوقعات الشخصية، الرتم العالي في بناء التوقعات بأن يكونوا على نفس المقاييس، لا يعطيهم الخيار لكي ينفتحوا على الآخرين أو العالم، فالمثالية هي أن يكون كل شيء حسب الخطة المكتوبة، أو لا شيء على الإطلاق.. فهم يقومون برفع سقف توقعاتهم تجاه الآخرين لأنهم يعاملون الناس بنفس معاييرهم الصارمة التي شيدوها فيصابون بالإحباط دائماً نحو عدم موافقة التوقعات المأمولة من قبل الآخرين ونهجهم في الحياة الذي يختلف عن نهجهم، فلكل شخص نظرته الخاصة في الحياة وطابعه الخاص الذي لا يتوافق مع المنهجية الصارمة الخاصة بهم، ولا بد من الإشارة إلى الحل الذي يكمن في تقبل الحياة بكافة أطيافها دون شروط أو قيود؛ حب الحياة والاندماج مع الآخرين والانفتاح على الخيارات المتنوعة ولذلك يجب الأخذ بالحسبان أن ليس هناك حل، بل يوجد حلول لجميع المشكلات بالتقبل ومواجهتها بالإضافة إلى الامتنان نحو النفس والآخرين حيث إنها هبة للخلاص من المثالية التي تصل إلى حد الكمال المفرط الذي لا يمثل الواقع مما يولد الشعور بحيوية الحياة والإيمان بتقلباتها، وبطبيعة الحال ليس هناك شخص بلا عيوب وإنما حاول أن تقوي نفسك في الجانب الذي تمتلك فيه نقاط القوة ومن زاوية أخرى يجب أن تمتلك الحيادية مع عيوبك، فالقوة تزداد بالقوة ونقاط الضعف يمكن تحسينها بالصبر والاستمرارية في العمل. وخلاصة القول: ليس هناك إنسان كامل فالكمال لله تعالى، وإن تقلبات الحياة ومصاعبها تكون بالمواجهة الصادقة التي تنبع من عاداتك البناءة ودوافعك نحو النجاح هي رحلة طويلة ولن تبلغ الكمال مطلقاً لذلك استمتع بالرحلة دون شروط أو قيود.