في اجتماع نهاية العام لشركة "قوقل" صرّح رئيسها التنفيذي "سوندار بيتشاي" عن إشكالات في التواصل الداخلي لمنظمته للحد الذي دعا بعض موظفي الشركة إلى مساءلة المصداقية داخلها، والقول بأن بيئة العمل في قوقل باتت "بيروقراطية" على حد وصفهم، وأكد الرئيس بأن تصاعد نمو موظفي شركة "قوقل" لم تتم مواكبته بالمخرجات الاتصالية الملائمة مما أثار الحنق بين الموظفين حيث رفع بعضهم الشكاوى وألقى الآخرون الاتهامات. وأشار "سوندار بيتشاي" إلى أن عدد منسوبي شركة "قوقل" قد تجاوز حاجز ال150.000 موظف، معظمهم تحولوا للعمل عن بعد أثناء جائحة كورونا، وأكد أخيراً بأن ترامي الموظفين في مقرّات عمل مختلفة عالميًا، لاسيما أثناء جائحة كورونا، جعل من الصعب على مديري الاتصال إحكام القبضة الاتصالية لهذه الشركة الكبرى، لاسيما وأن معظم الموظفين باتوا يعملون عن بعد أو المنزل. الجدير بالذكر أنه خلال العامين الماضيين تزايدت أعداد الموظفين العاملين عن بعد، والشركات التي تتيح العمل من المنزل كخيار للموظفين بحسب العلاقة التعاقدية بين الجهات ومنسوبيها، ولا تُستثنى المملكة أو دول الخليج والعالم العربي من ذلك، ومن الشركات التي تمنح للموظفين، بشكل تعاقدي، خيار العمل عن بُعد في السعودية شركة "كريم"، بل وقد أطلقت "وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية" منصّة خاصة للعمل عن بعد. ومؤخراً، خلق العمل عن بعد فرصاً وظيفية مرنة تتجاوز حواجز الزمان والمكان في المملكة وحول العالم، تجمع صاحب العمل بالموظف من خلال بيئة عمل رقمية يتم فيها أداء الوظائف والمهام دون الحضور إلى مقر العمل. هذا التحوّل في طريقة العمل وهذه المرونة في الحضور لمقرّات العمل التي فرضتها ظروف جائحة كورونا، والتقدم التقني المعاصر بما في ذلك برامج عقد الاجتماعات افتراضيًا وغيرها، انعكس على طريقة الوصول للموظفين والتواصل معهم. ومن هنا يتضح لنا أهمية الربط بين التواصل الداخلي للمنظمات والعاملين عن بعد، منذ مرحلة وضع الاستراتيجيات وصولاً إلى التخطيط والتنفيذ. سابقاً، كان الموظفون ينقلون كثيراً من الأخبار في جلسات الغداء الجماعية أو حتى في مواقف السيارات وربما تصل لهم رسالة عن طريق هدية مؤسساتية وجدوها على مكاتبهم، أو ربما كانت الرسالة مكتوبة على كوب القهوة الذي حظوا به للاحتفاء بمناسبة معينة أو غير ذلك من أنماط نقل الرسائل الداخلية. أما اليوم، فقد مرّت كثير من الشركات بما مرّت به "قوقل" من تحديات للتوفيق في نقل الرسائل وتعزيز الشمولية بين كافة الموظفين الموجودين داخل الشركة وخارج مقرّاتها. من المهم دائماً أن "يعرف الجميع ما يحدث داخل الشركة عن طريق قنوات التواصل الداخلي". ولعل بداية الحل هنا تكمل في طرح هذه الأسئلة: كيف يمكن للعاملين عن بُعد أن يكونوا أكثر انخراطًا وأن يظلوا على اطلاع بكافة مستجدات الجهة؟ وكيف يمكن تجاوز حدود المكان والزمان وضمان وصول عادل للرسائل لكافة الموظفين في المقرّ الرئيسي للشركة وكافة المقرّات الفرعية؟ مع ملاحظة أن هذا الوصول العادل للمعلومات يشمل الموظفين على الدرجات العليا والمبتدئين. يحتاج العاملون عن بعد إلى مزيد من الاهتمام من أجل فهم احتياجات الفريق بشكل كامل والشعور بأنهم جزء من المنظومة، ولذلك ينبغي التأكيد من أنهم مشمولون عند دراسة الوضع الاتصالي للشركة بداية العام من خلال الاستبيانات والأبحاث المعنية باستقراء وتحليل الوضع الحالي. الجدير بالذكر أن بعض قنوات التواصل الداخلي مثل المجلة الشهرية أو البودكاست يمكن أن تكون بصيغ رقمية مما يجعلها متاحة للعاملين عن بعد أو مقرّ الشركة الرئيس على حد سواء. جميع هذه الاعتبارات التواصلية تسهم بشكل كبير في خلق تجربة وهوية مشتركة وموّحدة بين كافة منسوبي الجهة، أينما كانوا، وبالتالي تعزيز الإنتاجية ورضا الموظفين، وهذا هو التحدي الذي ينظر إليه كبار ممارسي التواصل الداخلي في أهم الشركات العالمية اليوم.