يحق لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي، أن يتفاءلوا بأن ما بعد الدورة الثانية والأربعين لمجلس التعاون، التي انعقدت في الرياض أخيراً، لن يكون كما قبلها. صحيح أن قمة العلا مهدت لهذه القمة، ولكن الروح التي بدت على وجوه القادة وهم يصلون إلى العاصمة الرياض، واستمرت ظاهرة في الجلسة الافتتاحية تدفع بمثل هذا التفاؤل. التطلع لمرحلة مختلفة لمستقبل دول المجلس لم يعد خياراً لدوله، بل أصبح أمراً ضرورياً يجب على دول المجلس الاهتمام به والعمل من أجله. المنطقة تمر بظروف تزداد صعوبة، بل وتزداد تعقيداً من جميع النواحي السياسية والأمنية والاقتصادية، ونستطيع أن نضيف الثقافية في بعدها القيمي والاجتماعي، وهي ليست بمعزل عن العالم الذي لم يعد التنبوء بما يجري فيه، وبما سيؤول إليه، سهلاً. ولأن الاقتصاد هو مربط الفرس في الصراعات الدولية، لانعكاساته السياسية والاجتماعية، فان دول المجلس بحاجة إلى تسريع انجاز اتفاقياتها والرقي بكافة أعمالها للوصول للوحدة الاقتصادية المنشودة تحقيقاً للاتحاد الخليجي حيث هو الهدف الأسمى بدلاً من التعاون الذي صبغ علاقات دول المجلس منذ تأسيسه. أثبتت الخلافات التي مرت بها دول المجلس في السنوات الثلاث الأخيرة، أن ما يجمع دوله أكثر مما يفرقها، وأنها بحاجة إلى تجاوز تلك الاختلافات والعمل على القواسم المشتركة التي تعود على الجميع، قيادة وشعوباً بالخير والفائدة. إن دول الخليج بما تملكه من إمكانات اقتصادية، جعلتها تحتل مرتبة متقدمة بين اقتصادات العالم، وبما تملكه من مواد طبيعية وقدرات بشرية بحاجة إلى العمل الجاد كي تحافظ على تلك المكتسبات، بل ودعمها وتطويرها لضمان استقرار هذه الدول أولاً، وتحقيق تطلعات شعوبها، التي تزداد وتتنوع يوماً بعد آخر.