منظومة التكامل والوحدة الاقتصادية الخليجية تبدأ بسوق وتجارة حرة التباين السياسي الخليجي البسيط يذوب بتغليب الشق الاقتصادي المحافظة على أمن وازدهار الخليج في الظروف الراهنة مسؤولية مشتركة «قمة العلا» أعادت بوصلة العمل الخليجي للاتجاه الصحيح التحالفات والعلاقات البينية مع العالم لا تؤثر على منظومة دول الخليج دول المجلس جذبت 497.2 ملياراً استثمارات أجنبية رؤية المملكة مظلة لباقي رؤى دول الخليج والأكبر باستثماراتها استضافت المملكة العربية السعودية أعمال القمة الخليجية ال42 برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله -، في وقت تؤكد فيه التحليلات اختلاف هذه القمة عن سابقاتها بكل المقاييس في مخرجاتها ومقرراتها وإسهامها في زيادة التكامل الخليجي، وبهذه المناسبة عقدت جريدة «الرياض» هذه الندوة لمناقشة هذا الموضوع، شارك فيها كل من الدكتور أحمد الشهري الباحث في العلاقات الدولية، والدكتور محمد الكثيري المستشار الإداري والاقتصادي، والأستاذ طلعت حافظ الكاتب الاقتصادي، والأستاذ مبارك آل عاتي الكاتب والباحث السياسي، بالإضافة لمشاركة الزملاء من جريدة «الرياض» وهم رئيس التحرير المكلف الأستاذ هاني وفا، ومدير تحرير الشؤون الاقتصادية الأستاذ خالد الربيش، ومدير تحرير الشؤون المحلية الأستاذ صالح الحماد، وكل من الزملاء الأساتذة سليمان العساف، وأحمد آل ردعان وناصر العماش. وفي مستهل الندوة قدم رئيس التحرير المكلف الزميل الأستاذ هاني وفا، شكره للحضور مؤكداً أن هذا الحدث الخليجي يدعونا لعقد هكذا ندوة، نظراً لأهمية الموضوع حيث نتوقع أن تكون هذه القمة مختلفة عن القمم السابقة كونها تأتي بعد جولة سمو ولي العهد المهمة في دول مجلس التعاون، فالخليج يشهد مرحلة جديدة من العلاقات والنظرة للمستقبل وبما أن المملكة هي من تنظم هذه القمة فبالتأكيد ستكون قمة ناجحة بكل المقاييس. لمحة عن هذه القمة نبدأ مع أحمد الشهري ليعطينا لمحة عن هذه القمة ودورها في إعادة هيكلة سياسات وهندسة أنظمة المجلس الخليجي، فقال، في البداية أحيي جريدة «الرياض» ورئيس تحريرها أ. هاني وفا والزملاء في هذه الجريدة الوطنية العريقة التي تواكب الأحداث أينما كانت، وأحيي الزملاء الحاضرين والمشاركين في هذه الندوة، وأتمنى أن نقدم تغطية كافية وشافية لهذه القمة، ففي الحقيقة ليس غريبا على المملكة العربية السعودية أن نقدم مثل هذه التجارب الناجحة، وأنا أقول دائما في مقالات وكتاباتي وأي فعالية إن المملكة تنجح في التحضير والتنظيم، قبل أن تبدأ، ولعلي استعيد بشيء من الاعتزاز والفخر قمة 2020 التي عقدت في الرياض خلال جائحة كورونا، توجيه البوصلة العالمية على الصعيد السياسي والاقتصادي ولبناء العلاقات الدولية حيث جاءت في فترة حرجة جدا من تغير للمفاهيم حسب النماذج والتجارب وانهيار اقتصادي في وقت كنا نظن أن الاقتصاد والنظام الصحي سواء في أو إيطاليا أو فرنسا أو إسبانيا غير قابل للانهيار والسقوط، إلا أننا اكتشفنا ولله الحمد أن خططنا الاستراتيجية على الصعيد السياسي والاقتصادي والصحي قد نجحت هنا في المملكة وكذلك في دول الخليج وكثير من الدول العربية في حين رأينا كيف تهاوت الأنظمة الاقتصادية والصحية في بعض الدول الغربية حتى أن بعضها قام بعمليات قرصنة بحرية للاستيلاء على الأودية المتجهة إلى دول أخرى، ومن هذا المنطق نجد أن قمة أخرى تنعقد في وقت حاسم جدا وفي ظروف ومتغيرات على صعيد العلاقات الدولية لتقدم دفعة جديدة من العطاء والحكمة، ولو كان لي أن أسمّي هذه القمة لأطلقت عليها اسمين الأول، قمة وحدة الصف لمواجهة التحديات لأنها تأتي أمام تحديات جيوسياسية وجيواسترتيجية على الصعيد الاقليمي والعربي والدولي، أما الثاني فقمة الوفاء للحكماء الذين أسسوا هذا المجلس - رحمهم الله جميعا - حيث كان لهم بعد نظر في أن هذه السفينة ستواجه الكثير من المتغيرات والأعاصير وأن التجمع فيها سيكون طوق النجاة لبر الأمان والحمد لله، هذا ما نشاهده اليوم فهذا المجلس يعيش عقده الخامس ويحقق نتائج مميزة ويعزز اللحمة بين أبنائه. وأضاف الشهري، أن جولة سمو ولي العهد - حفظه الله -، لدول الخليج لها بعدان، البعد الأول تصغير أو إزالة الخلافات والاختلافات بين الدول إن وجدت حتى يتحقق النجاح لقمة الرياض، حيث كان يوجد شك نتيجة وجود بعض الخلافات والاختلافات ضمن البيت الخليجي في بعض المواقف من دول الجوار أو من التحالفات العالمية أو الاقليمية فجاءت هذه الجولة مرسخة قوة الاقليم وأن هناك مساحة لدول الخليج في إقامة تحالفاتها وعلاقاتها البينية وذلك لا يؤثر على منظومة دول الخليج، وقد تكون دفعة جديدة لأجل حل المشكلات على الصعيد الاقليمي. تعزيز التكامل الاقتصادي وفي سؤال وجه للدكتور محمد الكثيري، عن دور هذه القمة في تعزيز التكامل الاقتصادي بين دول الخليج؟، قال بداية أشكركم على إتاحة الفرصة للمشاركة في هذه الندوة وأرحب بالزملاء الكرام. أعتقد أن تشخيص دور القمة في تعزيز التعاون الاقتصادي بين دول المجلس تتضمن تفاصيل عدة نستطيع أن نتطرق إليها من جوانب عديدة، أما الجانب الأول فأعتقد أنه علينا فهم التحديات والتغيرات العالمية فدول الخليج ليست بمعزل عن العالم وبالتالي لا بد أن نلقي نظرة على التحولات على الصعيد العالمي فالازمة المالية التي حدثت عام 2008م غيرت من تفكير الدول وعلاقاتها بالاقتصاد العالمي ومفهوم العولمة فصارت الدول أكثر اهتماما بمصالحها حتى لو اضطرت أن تخالف بعض الأنظمة والاتفاقيات الدولية، وهذا التحول علينا فهمه لأنه يؤكد أهمية اقتصاد التجمعات التي باتت تفضل مصالحها على حساب المصالح الدولية وارتبط بذلك على الصعيد السياسي ظهور أحزاب حديثة تغازل الشعوب بما يعرف بالشعبوية حتى صارت تؤثر هذه الأحزاب على الهرم الاقتصادي يجبر تلك الدول على الاهتمام بالاقتصاد المحلي على حساب الاتفاقيات والتعاون الدولي، فاعتقد أن هذين المحورين صارا يؤثران في تشكيل العلاقات الاقتصادية والتجارة الدولية لذا كان من المهم ملاحظتهما وطرحهما لانهما مؤثران على الهرم الاقتصادي سواء في المملكة أو دول الخليج بالاضافة إلى أننا في منطقة تتعرض لوضع جيوسياسي وجيواستراتيجي إضافة إلى أن بعض دول الخليج دول صغيرة، فحينما نقيم هذه الدول وعلاقتها بالمجلس فيجب أن ينعكس ذلك على المصالح المشتركة ودور القمة، وأعتقد أن المتغيرات الأربع هذه هي المنطلق الذي يجب علينا فهمها لأنها تنعكس على قرارات القمة. أما عن الشق الآخر للسؤال، وفيما يتعلق بالمصالح المشتركة فاعتقد أن من المصالح المشتركة بين دول مجلس التعاون، انعكاس أرقام اقتصاداتها على معيشة واستقرار مواطنيها وكذلك الاستقرار الاجتماعي والسياسي فنرى أن من بين المصالح المشتركة لدول الخليج هو قدرتها على تحقيق مستوى معيشي يليق بمواطنيها من خدمات صحية وجودة حياة، فذلك من أسمى الأهداف للاقتصاد فاذا حددنا هذه المصالح يمكننا الاجابة على السؤال عن دور القمة في تحقيق تلك المصالح . وسأل الأستاذ هاني وفا: هل يحتاج ذلك إلى قرار اقتصادي أم سياسي؟ فرد الكثيري: أعتقد أنه قرار اقتصادي سياسي، صحيح أنه يقال إن الاقتصاد يدفع إلى السياسة ولكن في دول الخليج بحكم الوضع السياسي فإن السياسي يدفع بالاقتصادي، والاقتصادي يؤثر على السياسي ولكن في غيرها من الدول قد نجد من يغازل الأحزاب من خلال الاقتصاد، ولكن ولله الحمد الأمور مختلفة لدينا، وبالتالي فان السياسي هو الذي يوجه الاقتصادي لمصلحة التنمية الاقتصادية والاستقرار الاقتصادي والسياسي، لذا أعتقد أنه يتداخل فيه السياسي بالاقتصادي لذا فهو يعد مشروعا اقتصاديا مهما ونتمنى أن تتمكن هذه القمة من تحقيق رؤى القادة المؤسسين والانتقال إلى الاتحاد والسوق المشتركة. ومن ذلك الخط الذي تم افتتاحه بين السعودية وعمان الذي سيكون له أثر اقتصادي كبير، فالنقل من أهم الأساسيات التي يمكن أن تحدد المصالح المشتركة بين دول مجلس التعاون، ودعم وتشجيع القطاع الخاص، فالقطاع الخاص هو الموظف والداعم للاقتصاد بعد توجيه الحكومة له فالحكومة هي المشرع والمحفز والموجه، أما القطاع الخاص فهو المنفذ والخاضع لسياسات الدولة فمن الأدوار المنتظرة للقمة هو قدرتها على طرق تحفيز القطاع الخاص في هذه المرحلة، وخاصة بعد جائحة كورونا حتى يتمكن من القيام بالدور المطلوب منه ويرتبط بالتحفيز موضوع التنويع، ولحسن الحظ أن رؤى دول الخليج كلها تهدف إلى التنويع الاقتصادي، لكن للاسف لم نستطع حتى هذه اللحظة أن ننوع الاقتصاد كما يجب وخاصة في الجانب الصناعي فدول الخليج يقوم اقتصادها على النفط والغاز فوجود التنويع الاقتصادي القائم على المزايا النسبية ضروري، حتى لو استثمر فيه مبالغ كبيرة، ومثال ذلك سابك من خلال استثمارها في البلاستك، حيث نجني الآن ثمار ما تم استثماره قبل نحو أربعين سنة، بالاضافة إلى أن هناك نقطة مهمة، وهي التجارة البينية، وكذلك نقطة أخرى أثبتت التحديات وخاصة جائحة كورنا اهميتها، وهي بعض الصناعات المتعلقة بالأمن وتحديدا الدواء والغذاء ففي السابق كانوا يتحدثون عن المزايا النسبية لكل دولة، أي أن كل دولة تملك ما يكفيها وستغطي وتغذي العالم فأثبتت جائحة كورنا أن تلك العملية ليست صحيحة دائما وأن على الدول التركيز على بعض الصناعات المرتبطة بالأمن الغذائي والدوائي فهذه الصراعات لها أهمية كبيرة الخلاصة أننا إذا أردنا أن نحقق المصالح علينا تحديدها وتحقيقها لا يكون بمعزل عما يحدث في العالم ويتقاطع فيها السياسي والاقتصادي ثم ننتقل إلى الدور الذي يمكن أن يؤديه قادة دول مجلس التعاون لتمكين المجلس وتقريبه لتحقيق تلك المصالح. المزيد من الاستثمارات وفي سؤال وجه للأستاذ، طلعت حافظ، حول ما شهدته دول مجلس التعاون مؤخرا من التعاون في المجال الاقتصادي، وهل تتوقع أن تخلق هذه القمة المزيد من الاستثمارات؟ وبين حافظ أن الاقتصاد الخليجي، يصنف ال13 عالميا بناتج 1.64 تريليون دولار بالأسعار الجارية ويمثل 4.1 % من الاقتصاد العالمي اقتصاد المملكة بشكل 48 %، والاحتياطيات الأجنبية مجتمعة تبلغ نحو 620.5 مليار دولار، كما أن دول المجلس تنتج نحو 17.2 مليون برميل يوميا، وعدد السكان 57.4 مليون نسمة، يشكلون 7 % من سكان العالم، وعدد العاملين نحو 29 مليون عامل، يشكلون 0.9 % من إجمالي العاملين في العالم، وقد جذبت دول المجلس استثمارات أجنبية بقيمة 497.2 مليار دولار تمثل 1.4 % من إجمالي رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد في العالم وأعتقد أن جولة سيدي سمو ولي العهد ركزت على الجوانب الاقتصادية أكثر من الجانب السياسي في ظل ما قال د. أحمد الشهري، وهذا التباين شيء طبيعي وأيضا كما ذكر الدكتور الكثيري فإن دول المجلس تتقاطع في رؤى متشابهة مع رؤية 2030 في المملكة العربية السعودية، فهناك رؤية 2040 في سلطنة عمان، ورؤية 2030 في مملكة البحرين، وكلها تركز على تنويع الاقتصاد، وتنويع إيرادات تلك الدول بعيدا عن النفط، ومما يدل على ذلك العديد من الاتفاقيات الاقتصادية بين المملكة ودول مجلس التعاون، ومن أبرزها ما كان مع سلطنة عمان بواقع 13 اتفاقية بما يزيد على 10 مليار دولار، وافتتاح الخط البري بين المملكة وعمان بطول 680 كلم واختصار 800 كلم عما كان في السابق، فاعتقد أن الملف الاقتصادي هو المسيطر على المشهد أكثر، لذا أعتقد أن قمة 42 ستشهد تركيز كبير جدا على الملفات الاقتصادية، لحلحلة كثير من القضايا التي لا أقول إنها العالقة ولكنها لم تعمل كما يجب على سبيل المثال الجدار الجمركي أقر في عام 2003م وحتى هذا اليوم ما زال هناك بعض الأمور الفنية التي تحتاج إلى إعادة نظر، والسوق الخليجية المشتركة أقرت في العام 2008، وتحتاج للمزيد من الجهد لتوطيدها، فاليوم أعتقد أنه لا يوجد ولا يمكن لدولة واحدة بما فيها الولاياتالمتحدة الاقتصاد الأعظم على مستوى العالم أن تصفق بيد واحدة فالولاياتالمتحدة على سبيل المثال نجدها في تكتل مع المكسيك وكندا بما يعرف بالنافتا، وأن ترتقي إلى الاتحاد لأن في الاتحاد قوة وهذا ما يدعو إليه ديننا، أيضا فانا اتفق مع الزملاء أحمد الشهري، ومحمد الكثيري بأن هناك ملفات اقتصادية كبيرة تحتاج إلى عمق في النظر، كملف البطالة مثلا، حيث يوجد تفاوت بين دول المجلس في التعامل معه، سيما وأن المجتمع الخليجي يعتبر فتيا، فعمر 30 سنة، يغلب على التركيبة السكانية بالاضافة إلى وجود أمور بيئية تحتاج إلى إعادة نظر، فالمملكة العربية السعودية أعلنت في هذا الجانب مبادرة السعودية الخضراء ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر، وهذه الأمور البيئية ذات تأثير على الانتاج والطبيعة، وأمور كثيرة نأمل أن ترتقي إلى الاتحاد، وأن تخرج هذه القمة برؤية مشتركة تحاكي الرؤى المختلفة لدول المجلس وتنطق من اتفاقية التكامل الاقتصادي التي وقعت في العام 1982، والتي وتم تجديدها وتطويرها في العام 2002م. جولة سمو ولي العهد وفي سؤال وجه للأستاذ مبارك آل عاتي، حول دور جولة سمو ولي العهد لدول الخليج التي سبقت القمة في دعم مسيرة العمل الخليجي المشترك سياسيا؟ فقال: أريد أن أتكلم في موضوعين متوازيين وهما، الجولة الخليجية والقمة الخليجية، حيث نرى التأثير لكل منهما على بعض، وقد أكد سمو ولي العهد من خلال هذه الجولة أن المملكة تقف على مسافة متساوية مع دول مجلس التعاون الخليجي وهذه نقطة مهمة جدا في طبيعة العلاقات الخليجية . وأضاف، الموضوع الآخر وهو القمة الخليجية، وهي تأتي بعد قمة العلا التي أثبتت أن دول مجلس التعاون كطائر الفينيق الذي يخرج دائما من بين الرماد ليعود منتصرا من جديد، فقمة العلا أعادت بوصلة العمل الخليجي إلى الاتجاه الصحيح ورغم ما مرت به دول مجلس التعاون الخليجي أثناء الأزمة القوية، إلا أنه يحسب لها أنه لم تخرج أي دولة من دولة من المنظومة الخليجية، بمعنى أن هناك إيمانا مشتركا من الجميع بهذه المظلة وأنها ولدت لتبقى وبقيت لتعيش أكثر وأقوى لصالح شعوب مجلس التعاون الخليجي، لذلك يجب علينا ألا نستسلم للانتقادات التي تجلد بها منظمة مجلس التعاون الخليجي، وعلينا أن نؤمن أن النجاحات التي أوجدها المؤسسون ورعاها أصحاب الجلالة والسمو والقادة حتى وقتنا الحاضر تعتبر نجاحات نموذجية، مقارنة بما جرى في الاتحاد الأوربي والخلافات العميقة داخله التي أدت إلى خرج بريطانيا واليونان، فقد مضت أكثر من 40 سنة، ونحن نحتفي بمجلس التعاون الخليجي، ورغم أن الاتحاد الأوروبي تجاوزنا بمراحل ومع ذلك نعتقد أن مجلس التعاون الخليجي حقق نجاحات اقتصادية وسياسية كبيرة جدا، لذلك فإن القمة ستبني على الشق السياسي والشق الاقتصادي. وبين آل عاتي، أن ظروف الوقت الراهن، تدفع القادة لاتخاذ مواقف اكثر ايجابية، خصوصا ان المملكة اليوم لديها مشروعات كبيرة جدا لفتت انظار العالم اليها، فبكل تأكيد ان دول مجلس التعاون هي الأقرب ان تشارك المملكة في هذه المشروعات، وكلمة سمو ولي العهد في المجلس التنسيقي السعودي البحريني واضحة جدا عندما قال، «ان السعودية يهمها ان تكون الدول المجاورة والشقيقة في مستوى التعافي الاقتصادي حتى تشمل حالة الرخاء والنماء الجميع». قمة مختلفة وفي مداخلة له قال الزميل هاني وفا، من خلال مشاركتي في جولة سمو ولي العهد ارى ان الاجواء كانت مهيأة لتكون القمة ناجحة ومختلفة عن سابقاته، أن المملكة والمنطقة تواجه الكثير من التحديات السياسية والاقتصادية، لذا اعتقد ان الدور الذي تقوم به المملكة من خلال هذه الجولة وما لمسناه ان هناك توافقا خليجيا، وخاصة ان هذه القمة هي اول قمة بعد قمة العلا كما اشرتم، لذا ارى انها ستكون قمة مختلفة وستركز على التعاون بشكل اكبر مما كان عليه من قبل فقد راينا الكثير من مؤسسات مجلس التعاون كانت مؤطرة بطريقة او بأخرى اما الان فاعتقد ان هذه المرحلة لا تحتمل هذا التأطير بل هناك انطلاقة جديدة نحو المستقبل، وهذا من وجهة نظري من واقع مارأيته حتى في التواصل مع الزملاء الاعلاميين، حيث كان هناك انفتاح على جميع الموضوعات وترحيب كبير بالجولة وكون الجولة تسبق القمة فهي تهيئة لها، وما ستكون عليه، وقد يكون للجولة عناوين مختلفة لكن لاشك ان القمة احد العناوين الرئيسة فيها وبالتأكيد ان القادة يضعون نصب اعينهم مصالح المنطقة ومصالح دولهم. من جانبه قال طلعت حافظ، سقف الطموح عال اليوم، في ظل التحديات في القرن الحادي والعشرين، التي تختلف عن سابقاتها، والمنطقة قد مرت بالربيع العربي وانا اسميه ربيع الدم الذي اصاب دولة باختلالات كبيرة وادخلته في مازق، واعتقد ان اي دولة لا يمكن لها ان تبقى او تقوى الا بالاتحاد لانها مهما بلغت لا يمكنها ان تصفق بيد واحدة واعتقد ان رؤية المملكة 2030 هي المظلة لباقي رؤى دول الخليج فهي الرؤية الاكبر والاضخم في الاستثمارات، وكما ذكر الكثير، فإن دول العالم تتهافت عليها، لذا هناك فرصة لتتكاتف هذه الرؤية مع بعضها والدليل الاتفاقيات التي وقعت مع سلطنة عمان ومع الكويت ومع مملكة البحرين وتعهد صندوق الاستثمارات العامة بضخ 5 مليارات دولار في مملكة البحرين للاستثمار، لذا فان التباين السياسي ارى انه سيذوب مع الوقت بتغلب الشق الاقتصادي لو اخذنا مثلا الجدار الجمركي عندما اطلق 2003م كانت التجارة البينية بين دول مجلس التعاون لا تتعدى حفنة من المليارات وفي العام 2013م تضاعفت التجارة البينية لتزيد على 22 مليار دولار، اذ أن هناك انجازا، لكن سقف الطموح اعلى من ذلك، والارادة السياسية واضحة، ان منظومة الانتقال الاقتصادي قد اكتملت وسيخلق عملة ثالثة قوية منافسة للدولار واليورو سيما لو نظرنا الى التصدير اليومي من قبل دول الخليج بما يفوق 17 مليون برميل تقريبا نحو 20٪ من الانتاج العالمي، بالاضافة الى مقومات كبيرة في دول مجلس التعاون واشتراكها في رؤى لتنويع الاقتصاد كل تلك المقومات مشجعة للانطلاق الى افاق اوسع. الحاجة للتقارب والتعاون ونوه الدكتور محمد الكثيري في تعليق له على رئيس التحرير وقال إن مجلس التعاون تتجاذبه الرغبة والحاجة للتقارب والتعاون الاقتصادي والسياسي ليس على مستوى القيادة فحسب وانما على مستوى الشعوب ايضا والرغبة هذه مدفوعة بحاجة فهي ليست خيارا فالعالم اليوم يمر بتغيرات اقتصادية وسياسية وجيوسياسية فالعلاقات الاميركية الروسية وكذلك الاميركية الصينية ومايحدث في السياسات العالمية فالرغبة موجودة وهناك حاجة ايضا في العلاقات الخليجية الخليجية لمجلس اقتصادي وتقارب بين دول المجلس لتعمل معا على تحقيق مصالحها المشتركة فدول الخليج في قارب واحد، وخاصة دول الخليج الاصغر حجما، فكلها مهمة ومؤثرة لكن الصغيرة منه اكثر عرضة للمخاطر، لذا الجميع بحاجة لهذه العلاقات وترجمة هذه الرغبة الى واقع كالتجارة البينية التي وصلت الى 91 مليار دولار. التكتل صمام أمان ان التفاؤل هو السائد لحل المشكلات الاقليمية ومنها اليمن، وكذلك دعم حكومة الكاظمي في العراق للخروج من الازمة، وحلحلة الموضوع السوري وفي ليبيا والسودان واثيوبيا فنحن في محيط يغلي لذا نحمد الله اننا نعيش في رفاهية وازدهار، فكل ذلك يشكل ضغطا على المجلس ليبني نفسه ، وفي الوقت نفسه لا يتناسى المشكلات المحيطة به في العالم العربي، اما ما ذكره الزملاء بشأن ايران فهي بلا شك مزعزعة للامن في المنطقة، ولن يسرها يوما ان تكون الجار الموثوق فهي تفصل الامن على طريقتها، فهي تريد اخراج القوات الاميركية والغربية من المنطقة وتبقى هي المسيطرة عليها، وهذا مالا تقبله الدول الخليجية بحكم وجود علاقات استراتيجية مع اميركا وروسيا وبقية الدول، كذلك تركيا بعد ان فشلت بموجتها العثمانية وذهابها الى ليبيا بدأت تغازل الخليج، خاصة أن تركيا وصلت خلال السنتين الماضيتين لحالة اقتصادية صعبة حيث تراجعت الليرة التركية امام الدولار لتصل الى 13 ليرة مقابل الدولار الواحد، مما يؤشر الى فشل السياسة التركية، اما ايران فان اكثر ما يحركها هو الايدولوجيا وليست المصالح السياسية والاقتصادية، فالاقتصاد الايراني ينهار الا انها مستعدة للخسارة الاقتصادية في سبيل بقاء الحشد الشعبي وحزب الله وميليشيا الحوثي والميليشيات في سورية في الحقيقة هذا هو المشهد بشكل عام، لذلك اعتقد ان القمة هي قمة المصالحة والانطلاق الى الخارج وقمة التماسك والقفز على المصالح الشخصية، تذكرون عندما زار السادات اسرائيل قطعنا العلاقات معه واليوم نجد رئيس الوزراء الاسرائيلي في الامارات ومحمد بن زايد في تركيا وكذلك طحنون في ايران لذا ارى اننا أمام صياغة علاقات خليجية تعمل على المشتركات وتترك المختلفات، وعدم البحث فيها وهذه كانت سياسة ناجحة للمملكة العربية السعودية، حيث انها تعاملت مع روسيا رغم اعتراضها على وجودها في سورية، وكذلك تتعامل بتفاهم مع ايران في العراق من اجل ايجاد الحد الادنى للعلاقة ولا يعني ذلك وجود علاقة متكاملة. الاتحاد قوة من جانبه قال طلعت حافظ، اعتقد ان هذه القمة غير مسبوقة حيث ان التنسيق جرى من قبل سيدي سمو ولي العهد مباشرة، وقد جرت العادة ان يكون التنسيق على المستوى الوزاري، مما يعزز رغبة المملكة في تماسك هذه الدول ووحدتها، وكما ذكرنا فان في الاتحاد قوة ، واتوافق مع ما ذكره د. احمد الشهري، من أن الدول الخليجية تعتمد على مالديها، فهي تزخر بالشباب والاموال والفكر والعلم، وهذا لا يمنع من الاستعانة بالخبرات الخارجية، فخبرات المملكة واسعة ويمكن لدول الجوار الخليجي الاستفادة منها، فبلادنا تبوأت المركز الثاني على مستوى العالم في الامن السيبراني، والاول على مستوى الدول العربية ، وكل ذلك بسواعد وطنية سعودية، والكلام نفسه ينطبق على الذكاء الاصطناعي والكثير من التطبيقات مثل توكلنا وغيرها التي هي انتاج سعودي 100٪ ، وهذا ينطبق على بقية دول الخليج فاعتقد أن لديها أيضاً ما يميزها، ولذا اننا لم نعد نعتمد على الغرب كثيرا ، بل بدأنا في الاعتماد على انفسنا في دول مجلس التعاون ولدينا القدرة الكافية على ذلك. قمة مفصلية وغير مسبوقة وحول المخرجات المتوقعة من هذه القمة الخليجية؟، رد على ذلك الأستاذ مبارك ال عاتي، قائلاً «اضم صوتي لصوت الجميع، فكلنا متفائلون بهذه القمة لانها ستكون قمة مفصلية وغير مسبوقة بسبب الظروف السياسية والنجاحات الاقتصادية، واتفق مع الاستاذ طلعت بان الاقتصاد هو من يقود قاطرة العلاقات الدولية، واصبح درعا للسياسة، ومن خلال البناء على المشتركات وتعظيم المصالح المشتركة الجميع يدرك اهمية المملكة وقراراتها وتوجهاتها، وان المؤمل والمؤكد من القمة الخليجية انها ستعمد على توحيد الرؤى حيال الملفات التي تم بحثها ولعل البيانات المشتركة التي صدرت في ختام زيارة سمو ولي العهد لكل دولة خليجية اكدت التوجيه للبناء علي المشتركات سواء داخل مجلس التعاون الخليجي او مع التكتلات الاخرى، فاليوم يعد التكتل الخليجي السادس اقتصاديا على مستوى العالم، ما يعني اننا نملك ان نكون قوة اقتصادية وسياسية على مستوى العالم، فاذا كنا قد احتفينا بمضي اربعة عقود، فاننا نؤسس لمرحلة مقبلة فهذه القمة ستعيد تدعيم اواصر البيت الخليجي وتؤكد على الالتزام بالمظلة الخليجية رغم التهديدات السياسية التي تحيط بنا، واعتقد ان دول مجلس التعاون ستبني علاقات مع دول الاتحاد الاوروبي، نظرا لان الاتحاد الاوروبي يرى في الكتلة الخليجية انها ملاذ امن للتبادل الاقتصادي والاستثمارات، فموضوع توحيد الجواز مطروح ايضا، وكذلك موضوع سوق العمل وبيئة التركيبة الديموغرافية لدول الخليج ستكون حاضرة ايضا في القمة، فنحن على اعتاب قمة مفصلية بكل تأكيد تحيط بها امالنا وطموحاتنا وسيكون اصحاب الجلالة والسمو كما عودونا على مستوى المسؤولية. انعكاس السوق الخليجية الزميل، خالد الربيش وجه سؤال اقتصادي للدكتور محمد الكثيري ، والاستاذ طلعت حافظ ، عن مدى انعكاس السوق الخليجية المشتركة والعملة الموحدة على شعوب دول الخليج؟ فقال حافظ، ان منظومة التكامل الاقتصادي والوحدة الاقتصادية تبدأ بسوق حرة ومنطقة تجارة حرة وهذه بدأت في الحقيقة مع تشكيل المجلس في العام 1981م ثم تنتقل لمرحلة الجدار الجمركية ثم الى السوق الخليجية المشتركة، وهكذا حتى تنتهي الدورة بالعملة الموحدة طبعا مررنا بكل هذه المراحل عدا مرحلة العملة الموحدة، وان من مزايا العملة الخليجية الموحدة انه يمكن التفاوض اقليميا كدول مجلس التعاون مع الدول في التجارة الخارجية والتجارة البينية، وكذلك تذيب فرق العملة بين دول مجلس التعاون الست مما يعطي حرية في التعامل والتنقل وقوة للتكتل الخليجية على مستوى العالمي، ايضا حيث ان قرابة 20٪ من الانتاج العالمي للطاقة يصدر من دول مجلس التعاون ما يكون عامل قوة للعملة الخليجية الموحدة كما هو حاصل لليورو والدولار، وبالتالي وجود عملة خليجية موحدة سيخلق عملة صعبة وحديثة الى جانب العملات الاخرى كالدولار والين واليورو، فالعملة الموحدة لها مزايا عديدة لمواطني دول مجلس التعاون او للتجارة الخارجية لدول المجلس وايضا في تبادل النفط لذا ما اتمناه من القمة 42، ان تخرج برؤية مشتركة محددة بوقت تصب فيها جميع رؤي دول المجلس لانها متقاربة في كثير من النقاط المشتركة من تنويع للاقتصاد والايرادات وبالتالي تحل مكان الاتفاقية الاقتصادية الموحدة التي انشئت العام 1982 وجددت في العام 2002م، وحتى المسمى الحديث رؤية تكون محددة بوقت مما يجعل كل الرؤى لدول المجلس تجتمع تحتها وتوحد فرصها الاستثمارية ويصبح هناك تكامل فيما بينها لنكون اقوى مما نحن عليه اليوم. من جانبه رد الكثيري، اريد ان اضيف على موضوع العملة ، اعتقد انه من الصعوبة الفصل بين الجانب الاقتصادي والجانب النفسي والسلوكي للناس فعلى مستوى المواطن عندما تكون العملة موحدة سيشعر بمواطنته الخليجية ، وعلى مستوى المستثمرين فدراسة جدوى استثمارته ستكون بالعملة الموحدة وبالتالي يجد راحة في تعاملاته وتسهيلا لها. وفي مداخلة له قال، هاني وفا، نجد في مواقف كل من عمانوالامارات ، رفض نهائي لموضوع العملة الموحدة وبالتالي قد يستحيل ان يكون واقعيا. الآمال المشروعة العملة تعد من الامور السيادية للدول لذا فمثل هكذا موضوعات تأخذ وقتا حتى تتبلور كما حدثت في الاتحاد الاوروبي لكن اليوم الوضع، فهناك نحو 80 دولة حول العالم تدرس ما يعرف ب CBDC او ما يعرف بالعملة المركزية الديجتال فاعتقد اننا وفق رؤية المملكة 2030 ستكون ما نسبته 70٪ تعاملات الكترونية و30٪ تعاملات ورقية نقدية فاليوم لا يمكننا الحديث عن عملة ورقية قد تذوب لصالح العملة الرقمية. وفي سؤال ل آل عاتي قال، هل بالامكان ان يكون الاجماع على العملة الموحدة مقتصرا على الدول المتراضية والمتفقة عليها اي الدول الاربع من دون عمانوالامارات، حتى لا تتعطل المشروعات الخليجية. طلعت حافظ، نعم اوافقك على ذلك وسأضرب مثلا على ذلك القيمة المضافة عندما اقرت بمقدار 5٪ لم تطبقها كل دول المجلس، وكما قلت لا يعني رفض دولة خليجية ان يتعطل المشروع لذا كل شيء وارد في هذا الامر، وكذلك لو نظرنا الى مشروع عابر بين المملكة العربية السعودية والامارات صحيح انه مشروع تجريبي للتصفيات ما بين البنوك الاماراتية والبنوك السعودية من خلال البنوك المركزية وحسب المشروع فانه قد ينتهي الى اعتماد العملة الرقمية فيما بين الدولتين، فهذا يعطي انطباعا انه اذا طبق المشروع قد تلحق به بقية الدول. من جهته علق، د. محمد الكثيري قائلاً، ذكرت في بداية مداخلتي ان ما نشهده من متغيرات الان قد بدأت في الحقيقة قبل نحو عشرين، ما اريد قوله هو ان لا نتأخر في التقارب الاقتصادي والسياسي في مجلس التعاون لان ما يحدث من تغييرات اقليمية وعالمية ليس وليد اللحظة، وانما نتاج لما حدث خلال الثلاثين سنة الماضية، فما نعيشه في الوقت الحاضر أسوأ مما كان من قبل، لذا علينا الا نتأخر في ايجاد المشروعات والبرامج والمبادرات التي تدعم التقارب الخليجي الذي نحن بأمس الحاجة له في زمننا الراهن. جانب من الندوة حضور الرياض هاني وفا خالد الربيش صالح الحماد صالح العساف سارة القحطاني أحمد آل ردعان ناصر العماش ضيوف الندوة د. محمد الكثيري مبارك آل عاتي د. أحمد الشهري طلعت حافظ