تفتح سلطنة عمان حكومة وشعباً اليوم الاثنين قلبها وذراعيها بكل ترحاب وسعادة للضيف العزيز سمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي الذي يحمل معه باقات أماني لتوطيد العلاقات العمانية - السعودية من جهة، والسعودية - الخليجية بشكل عام من جهة أخرى في إطار جولته الخليجية، فأهلاً سمو الأمير بين أهله وإخوانه، ولا يسعنا إلا أن نقول: "حللت أهلاً ونزلت سهلاً في بلدك عمان". وتأتي زيارة الأمير محمد إلى السلطنة كأولى محطات جولته الخليجية، تأكيداً لمكانة السلطنة وقيادتها وما تمثله من عمق استراتيجي على مستوى الخليج والمنطقة العربية، ولصياغة رؤية مشتركة لشراكة اقتصادية في المرحلة المقبلة وتعزيز العلاقات الوطيدة بين البلدين والارتقاء بها لآفاق أكثر اتساعاً ورحابة وعمقاً في مختلف المجالات وعلى المستويات كافة. إن عمان تكن الكثير من التقدير والاحترام لقيادة وشعب المملكة ولمواقفهما الراسخة مع السلطنة، التي دخلت مرحلة جديدة منذ تولي جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم مقاليد الحكم. لذا فإن زيارة سمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لها دلالة وأهمية كبيرة خاصة وأنها الزيارة الرسمية الأولى لسلطنة عمان. وإذا كانت العلاقات العمانية - السعودية قد استطاعت على مدى السنوات والعقود الماضية أن تسير إلى الأمام في مختلف المجالات، إلا أن هذه العلاقات في عهد جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز تشهد تحركاً نشطاً وخطوات متتابعة ضمن رؤى مشتركة، ستعود بالنفع على الشعبين العماني والسعودي، وهذه الزيارة ستضع النقاط على الحروف في كثير من هذه الجوانب التي يتطلع إليها شعبا البلدين في مقبل الأيام. فعمان هي بوابة الخليج، والمملكة هي عمود الاقتصاد والاستثمار، فكلتاهما مكملتان لبعضهما لما يمتلكانه من موقع استراتيجي ورؤية واضحة وشفافية وسياسة رزينة، فالأسس والركائز التي أرساها قادة البلدين على مدى العقود الماضية تشكل أرضية قوية للانطلاق إلى الأمام بكل أريحية في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والزراعية والسمكية والسياحية والعلمية والعمالية وغيرها، وهو الأمر الذي سيدعم هذه التوجه من خلال فتح المنفذ الحدودي الأول بين البلدين، وربط مواني ومطارات المملكة بمنطقة الدقم الاقتصادية الواعدة وتقديم التسهيلات الكبرى للأشقاء في المملكة للاستفادة من هذه المواقع الحيوية بما يعود بالنفع على كلا البلدين. المؤكد أن إطلاق مجلس التنسيق العماني - السعودي المشترك، ووجود مجلس رجال الأعمال العماني - السعودي، سيسهم في تفعيل الاتفاقيات والمذكرات العديدة التي تم أو سيتم التوقيع عليها التي تغطي معظم مجالات التعاون بين الجانبين سواء العام أو الخاص، ونحن اليوم نتطلع أن تكون هذه الزيارة التاريخية الأولى لولي العهد السعودي للسلطنة بمثابة انطلاقة حقيقية للتعاون والشراكة بين البلدين والشعبين الشقيقين اللذين يتطلعان إلى مزيد من دعم سبل ومجالات التعاون المثمر لتحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة، في كل المجالات من دون استثناء. فنأمل أن تحقق عمان والسعودية شراكة اقتصادية حقيقية وواعدة. وبما أن رؤية المملكة 2030 وعمان 2040 تشتملان على العديد من المشروعات العملاقة والمتنوعة التي تتطلب التعاون بينهما لتحقيقها، فيمكن على سبيل المثال ربط المناطق الصناعية المتطورة في المملكة مع المنطقة الاقتصادية بالدقم وميناء صلالة وغيرهما من المواني والمناطق الصناعية العمانية الواعدة، مما سيزيد من حجم التبادل التجاري بين البلدين. وعلى صعيد آخر، فإن الزيارة ستكتسب وجهاً آخر، لما للبلدين من توافق ورؤى مشتركة لتفعيل وتحقيق أهداف مجلس التعاون الخليجي ليكون أكثر تكاملاً وقوة فيما يتصل بتبادل المنافع المشتركة لتحقيق الرخاء والنماء لبلدانه ولشعوبه كافة التي تتطلع إلى أن يكون هذا المجلس المبارك سبلة شاملة يعم خيرها ومنافعها على الشعوب الخليجية كافة وعلى المنطقة ككل من حولها، والعمل على تحقيق السلام والأمن والاستقرار في ربوع المنطقة بشكل عام. إن ضيف عمان الكبير، بمكانته وقدراته يستطيع تحقيق الكثير على صعيد التكامل والتعاون والتعاضد بين دولنا الخليجية وتعميق أواصر المحبة وقلب الصفحة الخليجية السابقة نهائياً، وفتح مجالات التعاون مع السلطنة لتكون عمان بوابة التجارة السعودية والخليجية للخارج لما تملكه السلطنة من مواني وموقع استراتيجي. وبالنظر لكون المملكة العربية السعودية ستستضيف القمة الخليجية المقبلة هذا الشهر فإننا نتطلع إلى أن تتمخض جولة الأمير محمد بن سلمان عن اتفاقات لعودة المياه لمجاريها بشكل نهائي بين دولنا الخليجية، وقناعتي قوية بأن الجولة ستتمخض عن الكثير بما يخدم ويحقق أهداف القمة الخليجية المقبلة. واليوم ستكون مسقط العامرة والمبتهجة بزيارة الأمير محمد هي قبلة الأنظار للقاء الأخوي الذي سيجمع جلالة السلطان المعظم وولي العهد السعودي، وهو استكمال للمحادثات العمانية - السعودية التي عقدت في "نيوم" بكل شفافية، لأن الغد يتطلب التعاون والتكاتف والانسجام في مختلف المجالات والعمل بجهد أكبر من أجل تهيئة المناخ لتجاوز العقبات والقوانين والخلافات الخليجية، فما يجمنا أكثر مما يفرقنا بالتأكيد، والاستثمار في بلداننا أكثر أماناً لنا ولشعوبنا كذلك!. إن سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية تمتلكان كل المؤهلات لتلعبا دوراً محورياً في المنطقة لتحقيق السلام والاستقرار ووحدة الصف الخليجي والعربي وإطفاء الحرائق في المنطقة، وهذا ما نتطلع إليه كشعوب خليجية من هذه الجولة لولي العهد السعودي، وأن يكون التركيز المقبل على تفعيل الجوانب الاقتصادية والاستثمارية في دول المجلس لما لها من مردود مالي واجتماعي وسياسي على شعوبنا في الحاضر والمستقبل. وفي ضوء ذلك، فإن جلالة السلطان المعظم حفظه الله ورعاه وأخاه الأمير ولي العهد السعودي سيناقشان العديد من القضايا ذات الاهتمام المُشترك داخلياً وخارجياً إلى جانب استعراض آخر التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية.. فأهلاً ومرحباً بالأمير محمد بن سلمان في بلده، وفي عاصمة التاريخ والسلام .. فحللتم أهلاً ونزلتم سهلاً.. فالأرض والشعب يرحبان بكم... والله من وراء القصد.