يصف المصدر السعودي الأصيل والمعاصر للدولة السعودية الأولى المؤرخ عثمان بن بشر، الأسواق التجارية في الدرعية والقوة الشرائية فيها قبل أكثر من 250 سنة بأن المرء لا يسمع في السوق سواء من الباعة أو المتسوقين إلا قولاً واحداً هو: «بعت واشتريت». هذا الوصف المختصر هو معيار اقتصادي يعبّر عن ماضي الدرعية الاقتصادي، وإن دل على شيءٍ فيدل على أنه كانت أكبر الأسواق التجارية في شبة الجزيرة العربية وأكثرها قوة شرائية في القرن الثامن عشر الميلادي في الدرعية وتحديداً في وادي حنيفة. توافرت في ذلك السوق أفخر الملابس والرفاهيات لدى الإنسان، وفيها أجود معادن الذهب والفضيات، وأجمل الخيل العربية الأصيلة، وغيرها مما توافر في ذلك الزمن، كان «الأخذ والعطاء» هو المبدأ الاقتصادي الأبرز في وصف ابن بشر لذلك السوق العظيم في الدرعية، وهو سوق الموسم ومكانه بين الطريف - موطن الملوك والأبطال - والبجيري، هذا السوق لا يماثله سوق تجاري آخر في شبة الجزيرة العربية في حجمه ومبيعاته الاقتصادية القياسية في تلك الفترة الماضية وفي أثره على رخاء الدولة السعودية الأولى. وأن الجانب الاقتصادي - وهو وجود الأسواق التجارية - ليس عنصراً جديداً مُضافاً على الدرعية وأهلها؛ فالمشروعات التجارية منذ القدم في أوج ازدهارها هي واقع أصيل في هذه العاصمة التاريخية، وكانت مبيعات السوق في أعلى مستوياتها منذ أكثر من 250 سنة. وعلى ذلك، عندما يكون لمشروع تطوير الدرعية حاليّاً جيران في العاصمة يقدّر عددهم ب 7.5 ملايين نسمة، فمن المتوقع أن يصل عددهم إلى أكثر من 15 مليون نسمة قبل عام 2030. نحن موعودون بكل تأكيد بعودة القوة الشرائية والرفاهية إلى تلك المبيعات في الدرعية التي لا يضاهيها مكان آخر في المملكة العربية السعودية، ليس بسبب هذا المكان العريق فحسب، بل كذلك بسبب واقعه الحالي بوصفه أجمل الأماكن الموعودة في شمال غرب العاصمة. لنا عودة بكل تأكيد إلى المعيار الاقتصادي لذلك المؤرخ « بعت واشتريت « حتى نقيس به حجم اقتصاد الدرعية في المستقبل. * مدير إدارة الأبحاث والدراسات التاريخية في هيئة تطوير بوابة الدرعية