بينما «أوبك+» تسعى إلى موازنة سوق النفط العالمي بالمحافظة على استمرار الإمدادات ودعم نمو الاقتصادي العالمي، إذ بالرئيس الأميركي بايدن يأمر بسحب 50 مليون برميل من المخزون الاستراتيجي وينسق مع الصين، والهند، واليابان، وكوريا الجنوبية، وبريطانيا للسحب من مخزوناتهم الاستراتيجية والتدخل في أسواق النفط بدعوى مواجهة ارتفاع الأسعار، ولكنه لتحقيق مكاسب سياسية داخلية. في العادة لا يتم السحب من المخزونات الاستراتيجية، إلا في أوقات الطوارئ عندما تتعرض حقول النفط إلى كارثة طبيعية أو انقطاع في الإمدادات، وهذا لم يحدث بل إنه لا يوجد نقص في معروض النفط لا في أميركا ولا في الأسواق العالمية. وهذا سيتسبب في إرباك استقرار أسواق النفط العالمية ويحدث زيادة في المعروض متوقعة في بداية 2022. نستطيع أن نطلق على توافق هذه الدول الست، ذات الاستهلاك الأكبر للنفط عالمياً، على السحب من مخزوناتها الاستراتيجية بقيادة الولاياتالمتحدة الأميركية «أميركا+»، حيث إن سياستها تتعارض مع سياسة «أوبك+» المتوازنة والمحفزة للمزيد من الاستثمار في استخراج وإنتاج النفط لضمان استمرار الإمدادات على المدى الطويل عند أفضل الأسعار الممكنة، بينما «أميركا+» تهدف إلى خفض أسعار النفط من دون مراعات استقرار أسواق النفط العالمية. وبهذا تتوقع «أوبك+» أن يرتفع فائض المعروض من 1.1 مليون إلى 2.3 مليون برميل يومياً في يناير، و3.7 ملايين برميل يومياً في فبراير 2022 نتيجة هذا السحب من المخزونات. وقد بدأت أسعار برنت تتراجع طفيفا من 81.33 دولاراً الثلاثاء 23 نوفمبر إلى 80.90 دولاراً، وغرب تكساس من 78.50 دولاراً إلى 78.39 دولاراً الخميس الماضي، تزامناً مع إعلان البيت الأبيض السحب من مخزونه الاستراتيجي. وفي يوم الجمعة الماضي بث انتشار متحوّر «أوميكرون» في جنوب إفريقيا الرعب في أسواق النفط، حيث انخفض سعر برنت ب 11.55 % إلى 72.72 دولاراً، وغرب تكساس ب 13.04 % إلى 68.15 دولاراً، بعد إعلان بعض الدول إيقاف الرحلات القادمة من عدد من الدول الإفريقية. ورغم أن «أوبك+» هدفها موازنة أسواق النفط والحد من تقلباتها ودعم نمو الاقتصاد العالمي الذي ما زال يواجه موجات من انتشار كوفيد- 19، إلا أن ارتفاع أسعار النفط فوق 80 دولاراً قاد إلى تكوين حلف «أميركا+» الجديد بين بلدان لم تكن صديقة لبعضها، ما قد يشكل تحدياً جديداً ل»أوبك+» من خلال سحبها من مخزوناتها الاستراتيجية وقت ارتفاع الأسعار وتعبئتها وقت انخفاضها. فإن على «أوبك+» إعادة التفكير في اتفاقها وإعادة توازن الأسواق العالمية بخفض إنتاجها بشكل تنازلي لمواجهة انتشار المتحوّر الجديد وفائض المعروض المتوقع في اجتماعها المقبل.