بعض إدارات الاتصال الداخلي لا تزال تعتقد أن مهمتها تسلية الموظفين دون الوعي العميق والكامل بجوهر دورهم المتمثيل في التوعية، ونقل الرسائل بذكاء ونعومة، وتحويل الموظفين إلى سفراء لهذه الجهة ورؤيتها وطموحاتها. في دراسة قامة بها شركة «هل اند نونتن» للعلاقات العامة، تم تحليل ممارسة الاتصال الداخلي في الشرق الأوسط وخلصت الدراسة إلى أن 47 ٪ من الموظفين يعتمدون على مصادر خارجية للحصول على معلومات حول عملهم، وعدد لا يستهان به من المديرين لا يدركون دور إدارة التواصل الداخلي من الأساس. قد يستهين البعض بدور إدارة الاتصال الداخلي، ظناً منهم أنها مرتبطة بجلسات الغداء الفارهة للشركات، أو استضافة المشاهير، أو ربما أن دور هذه الإدارة لا يتجاوز تنظيم الاجتماع السنوي مع الرئيس التنفيذي فحسب، إلا أن الاتصال الداخلي أكبر من ذلك بكثير. الاتصال الداخلي مرتبط ارتباطا وثيقاً بمعدلات استقالة واستقطاب الكفاءات كيف لا؟ وهو السبب الحقيقي وراء كل بيئة عمل جاذبة وسعيدة. الاتصال الداخلي هو الدافع الرئيس وراء تعزيز التنوع والشمولية وتقبل الاختلافات داخل الفريق الواحد، والشركة ككل. الاتصال الداخلي يضمن للجهات أماناً أعلى ويرفع مستوى الجودة، ويقلل بشكل كبير من حوادث الأمن والسلامة حيث يساهم في التوعية بالمخاطر وتعزيز السلامة. الاتصال الداخلي عامل رئيس في تقويم سلوكيات الموظفين وضمان تلاؤمها مع قيم الشركة الأم. الاتصال الداخلي هو ما يجعل الموظفين يشعرون بأنهم مقدّرون، وبأن جهودهم ملحوظة، ودورهم ذو قيمة. لذلك، من وجهة نظر تشريعية، نحن لا نسبق عصرنا ولا نبالغ إذا اقترحنا إطلاق دليل سعودي موّحد لتنظيم وحوكمة ممارسة الاتصال الداخلي لدى كافة الجهات الحكومية والخاصة بهدف تعزيز التواصل المتسق والواضح داخل الجهات كافة، وضمان توظيف فاعل ومستدام للكفاءات. يمكن أن يضمن الدليل إرشادات تطوير استراتيجيات الاتصال الداخلي داخل المنظمات والجهات، ووضع المعايير لتحديد الرسائل الأساسية، والسياسات والإجراءات بما في ذلك معايير استضافة الأشخاص من خارج الجهات، ونماذج رسائل البريد الإلكتروني بوصفه أهم وسيط لرسائل الاتصال الداخلي، وكذلك رصد قنوات الاتصال وتكتيكاته مع ضمان تلاؤمها مع توّجهات كل جهة. دليل من هذا النوع سيساهم في حوكمة الاتصال الداخلي مما له نتائج إيجابية في رفع معايير الأداء العام لإدارات الاتصال الداخلي لدى الجهات، لا سيما في حال تم إطلاع كافة ممارسي الاتصال الداخلي في مختلف مناطق المملكة على هذه التطورات التنظيمية، والتأكيد على مسؤوليتهم في الرقي بمستوى مخرجاتهم الاتصالية لأعلى مستوى.