يعد الاقتصاد المحرك الأساسي لأي بلد، وتكتسب الدول قوتها من قوة اقتصادها بما في ذلك المملكة العربية السعودية، ما يلقي على عاتق أقسام الاقتصاد لدينا في الجامعات السعودية عموماً وجامعة الملك سعود تحديداً -التي تخرجت منها- مسؤولية كبيرة في صنع خريجين وخريجات مبدعين وقادرين على تقديم المشورة والدعم لصناع القرار في القطاعين العام والخاص، وأن يكونوا من النماذج الرائدة في الاستشارات الاقتصادية محلياً وحتى عالمياً، وأن يلعبوا دوراً محورياً في تنمية الاقتصاد السعودي، ويسهموا فيما تصبوا له رؤية 2030. قبل فترة دعتني كلية إدارة الأعمال في جامعة الملك سعود مشكورة لمناقشة خطتها الاستراتيجية كوني أحد خريجيها ومن قسم الاقتصاد، الذي لديه عدد من الكوادر السعودية المميزة والمعروفة. وحيث إن هذا القسم يعمل حالياً على تطوير منهجيته وتحديثها، فأجدها فرصة للمشاركة ببعض المقترحات والتي ألخصها فيما يلي: أولاً: إضافة مواد أو حتى مسار عن مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث إن هذا التخصص مرتبط بأمن الدولة الاقتصادي، فنجد اليوم في كل بنك أو شركة مالية قسماً لمكافحة غسل الأموال. وأعتقد أن جامعة الملك سعود إذا أخذت السبق في هذا المسار ستكون بذلك أول جامعة سعودية تقدم هذا المنهج بشكل تفصيلي. ثانياً: ضرورة التركيز على تنمية مهارات كتابة المحتوى الاقتصادي، حيث إن أصحاب هذه المهارة أصبحوا مطلوبين أكثر من السابق في مجال الإعلام الاقتصادي بشتى أنواعه، ما يتطلب أن نرى خريجين وخريجات الاقتصاد يثرون الإعلام الاقتصادي بآرائهم المدروسة ومساهماتهم وطروحاتهم الاقتصادية. ثالثاً: اقترح إضافة مواد تتعلق بالتشريعات الاقتصادية واللوائح القانونية، وبالذات المتعلقة في القطاع المالي، مثل: لوائح البنك السعودي المركزي، وأنظمة الاستثمار الأجنبي، ومكاتب إدارة الدين السيادية، وغيرها، حيث إن الأنظمة والتشريعات في الجانب الاقتصادي مهمة وتخدم الاقتصاد بجعل البيئة الاستثمارية محفزة للاستثمار المحلي والأجنبي. لذا ينبغي أن يكتسب خريج الاقتصاد المعرفة الكافية للنصوص والقواعد القانونية التي تجمع بين اللغة الاقتصادية واللغة التشريعية بطريقة مفهومة، وذات تطبيقات عملية على المنافسة في الأسواق. رابعاً: إضافة مواد أو مسارات تواكب توجه الطلب في سوق العمل على الوظائف حالياً، مثل: الحوكمة، ومكافحة الاحتيال المالي، وعلم البيانات واقتصادات المعرفة، والاقتصاد الرقمي، وحتى اقتصادات الترفيه والسياحة. خامساً: إضافة شهادات مهنية بعائد مادي، وخاصة أن الجامعة أصبحت تمول نفسها ذاتياً، على أن تستهدف تلك الشهادات الأشخاص المهنين ذوي المستويات المتقدمة، وتكون مدة البرنامج فصلاً دراسياً، يشمل مواداً من تخصص الإدارة، ويستهدف فئة معينة، ويدرس من قبل حملة درجة الدكتوراة، ومن أشخاص لديهم خبرة عملية ومؤهلين تأهيلاً عالياً، خاصة أن هناك الكثير من المهنيين يتوجهون لأخذ برامج في جامعات خارج المملكة، فلو تم توفير برامج جامعية مطلوبة وذات جودة عالية فستكون فرصة لجذب الراغبين بالالتحاق في الجامعة. هذه أهم اقتراحاتي، وأتمنى أن نرى اقتراحات أخرى في هذا الإطار من الكتاب الاقتصاديين المدركين من خلال التجربة حجم التحديات والمهارات المطلوبة في سوق العمل بما في ذلك توافر اقتصاديين مميزين في تخصصهم، وهذا سيتحقق من خلال تطوير خريجي الاقتصاد من الجامعات السعودية وفي مقدمتها جامعة الملك سعود التي تحوي أول قسم اقتصاد في المملكة.