في أحد المطاعم الباريسية وفي يوم خريفيّ تضعك شمسه الدافئة ورياحه الباردة في حيرة من أمرك، قال لي أحد الدبلوماسيين والحيرة تبدو على وجهه بعد أن شاركته بعضاً يسيراً من القفزات والمنجزات التي تشهدها السعودية في الخمس سنوات الماضية «هل تعتبر السعودية آمنة؟». لا أخفيكم سراً أنني اندهشت من سؤاله خصوصاً وأنه دبلوماسي، فمن الأولى له أن يكون مطّلعاً على التطورات العالمية لا سيما عندما يتعلّق الأمر بواحدة من دول مجموعة العشرين والاقتصاد الأكبر على مستوى المنطقة بلا منازع، لكنني سرعان ما تداركت فكري وأيقنت بأن المسؤولية لا تقع كلها على عاتقه، بل جزء منها يقع على عاتقي كسعودي، ولي في هذا الشأن عودة. أجبته «لو قلت لك بأنها آمنة، فقد أكون منحازاً لبلدي، ما رأيك لو بحثنا في الإنترنت عن أكثر المدن أماناً في العالم بالاستناد إلى المؤشرات الدولية المعترف بها؟» أخرج جواله واكتشف بنفسه أن المعايير الدولية تضع المملكة العربية السعودية في مقدمة الدول الأكثر أماناً واستقراراً ليس في المنطقة فحسب بل على مستوى العالم. أشبعنا فضول هذا الدبلوماسي لكن فضولي ازداد جوعاً فسألته «لماذا سألتني هذا السؤال بالتحديد؟» وكان جوابه متوقعاً عندما قال إنه شاهد فيلماً سينمائياً ترك انطباعاً سلبياً عنّا، وهنا أعود إلى المسؤولية التي تسكن عاتقي وعاتقك كسعوديين وسعوديات. إن لم نروِ قصتنا، فغيرنا سيرويها عنّا، ولابد أن نوقن يقيناً تاماً لا يشوبه شك بأن غيرنا لن يروي قصة تعكس واقعنا الذي نعيشه من ازدهار ونماء وبناء، لعقود طويلة، يعتبرنا الآخر، وما هذا الدبلوماسي إلا أحدهم، ك»صندوق أسود» (إن جاز التعبير) يجهل ما بداخله. وسيذكر التاريخ أن أميراً طموحاً -حفظه الله لنا ولأبنائنا وأحفادنا- قد أتى ليسدل الستار الأسود عن ذلك الصندوق ليكشف للعالم كله عن جماله وكنوزه وتراثه وثقافته وانفتاحه، كلنا مسؤول عن إسدال الستار عن صندوقنا الأخضر، فكلنا ذاك الأمير. * نائب المندوب السعودي الدائم في اليونسكو