المكتبة ملاذ ومرفأ أتفيأ ظلاله كُتب الرجال العظماء ترافقني في حلي وترحالي للمكتبات مع أصحابها قصصٌ ومواقف وأيضاً طرائف وأشجان تستحق أن تروى، "الرياض" تزور مكتبات مجموعة من المثقفين، تستحث ذاكرة البدايات، وتتبع شغف جمع أثمن الممتلكات، ومراحل تكوين المكتبات.. في هذا الحوار نستضيف أ. مها عبدالله النصّار المشرفة على فعاليات القسم النسائي بالنادي الأدبي بالأحساء التي تحتوي مكتبتها على كُتب التفسير وصحيح البخاري وزاد المستنقع وجامع البيان ونور اليقين ورياض الصالحين، كما تضم سير النبلاء ككتاب: "رجال من التاريخ" وكتاب "سير النبلاء" و"الخالدون المائة "، كذلك كُتب الروايات، والسير الذاتية، والشّعر، أيضاً كُتب الأدب العربي والتاريخ، وبعض المجلات مثل: مجلة الأدب الإسلامي والقافلة واليمامة والمجتمع والعربي وفواصل والمجلة العربية والثقافة والفنون وغيرها. * في أيِّ مرحلة من العمر تعرَّفتِ على الكتاب؟ * في مرحلة الطفولة، وتحديداً مع والدي -رحمه الله- كان يفتح الصحيفة التي أتفحّص حجمها الكبير بيدي الصغيرة، وبصيغة التحدي يطلب منّي أن أقرأها كلها فكنت أتلذّذ مع والدي، وما علمت أنه يصنعني بيده فعلاً أدبياً، ويضعني في مسار يرفدني نحو المكارم. * ما ثمرة وجود المكتبة بمنزلك؟ * المكتبة هي ملاذ ومرفأ أتفيأ ظلاله واستمد قوة لنفسي، وطاقة لقوتي، ومداد لراحتي، فهي الهواء النقي الذي أتنفسه، فالقراءة نعمة نتنعم بها وننهل من خيرها وتسقينا قيماً نتمثل بها سلوكاً، وهي المربّي للنبل، والقاضي بالعدل والصديق الوفي، وأحياناً العدو الصادق الذي يصرّح بمناطق قوتك ومساحات ضعفك، وهي سلاح الشجعان ومؤنة الحكماء، وثروة القادة، ففيها العزّ والغنى والحكمة والسيادة والرشد والتدبير.. ماذا عساي أن أقول عن أول أمر إلهي نزل من السماء إلى أهل الأرض. * هل تستطيعين تحديد بعض بدايات تأسيس مكتبتكِ المنزليَّة؟ * في المرحلة الابتدائية كان لديّ بعض القصص حيث كانت الوالدة -حفظها الله- وبعض الأقارب يهدونني قصص الأطفال، وتشكّلت أوضح في المرحلة الثانوية كالقصص المترجمة، وبعض الكُتب التي يوصيني فيها خالي الشيخ عبدالله الهديب الذي ساهم بحبّ القراءة لديّ وفي تشكيل فكر يكبرني قليلاً، وكانت غالبية الكُتب المُهداة من خالي في المجال الديني ككُتب التفسير وصحيح البخاري وزاد المستنقع وجامع البيان ونور اليقين ورياض الصالحين. * ماذا عن معارض الكُتب، ودورها في إثراء مكتبتك؟ * معارض الكُتب مساحة من النعيم تجتمع فيها عقول ظمأى وترتوي، وتخرج منها وهي متعطشة.. وبالنسبة لدورها في إثراء مكتبتي فهي حصيلة زيارتي لمعارض الكُتب ومخزون هدايا لرواد القراءة. * ما أبرز المنعطفات التي رافقت نموَّ مكتبتكِ الشَّخصيَّة؟ * المنعطفات كثيرة وفي كل منعطف كانت مكتبتي لها طعم ولون ورائحة.. فمثلاً عندما أكتنز كتاباً يأسرني تبدو مكتبتي بشكل، أو عندما تلمع أمامي شخصية تستهويني تجد ملامح المكتبة تختلف، وما أجمل الصدفة التي تجعل متحدث ما يتحدث عن كتاب لولاه ما دلفت عالمه، الأصدقاء أيضاً من أجمل المنعطفات التي ساهمت في رفد مكتبتي مثل مكتبة الشيخ عبدالمحسن المديرس -حفظه الله- ومكتبة ميارا للأخت ضحى المبارك وهي مورد عذب أنهل منه، ولله الحمد المكتبة موجودة في غالبية بيوت الأسرة فكانت دائماً حولنا نألفها وتألفنا. * حدثينا عن أوائل الكُتب التي دخلت مكتبتك؟ * كانت حول الرجال العظماء وسير النبلاء ككتاب: «رجال من التاريخ» وكتاب «سير النبلاء» و»الخالدون المائة « وكانت ترافقني في حلي وترحالي ورغم جمالها إلا أنك عندما تعيش معها تجد نفسك تبحث نوعا ما عن المثالية في الواقع، وتتفاجأ بل وتأنف عن مشاركة الحياة مع البعض، لكن القيم والمبادئ التي استلهمتها شكلت رصيد ثروتك فلا تكترث عندما تخسرهم. * هل تحتفظين في مكتبتكِ بمخطوطات؟ * لا فالمخطوطات نادرة جداً. * ماذا عن نصيب الكُتب القديمة والنَّادرة؟ * لديّ كُتب ومجلات قديمة جداً سلمتها لجهة مختصة بالشأن الثقافي. * ما ذا تفضلين من الكُتب قراءتها؟ * أقرأ كل ما يتوفر بين يدي أحبّ التنوّع، وأقرأ الكثير في كُتب الأدب العربي والتاريخ وخصوصاً في العصر الجاهلي والعصر العباسي وبقية العصور. ويشدني في العصر الحديث العقاد والمنفلوطي وتوفيق الحكيم وأحب أقرأ لمصطفى محمود والغزالي ومؤلفات الطنطاوي، وحاليا أدهم شرقاوي علي الفيفي والكثير من الأدباء والمفكرين لا نستطيع حصرهم، ومن النساء عائشة عبدالرحمن بنت الشاطئ وكتابها «سيدات بيت النبوة» -رضي الله عنهن- ورجاء العالم في رواية «طوق الحمامة» والكثير. * هل لديكِ شيءٌ من الصُّحف والمجلات القديمة أو شبه القديمة؟ * من المجلات لديّ مجلة الأدب الإسلامي والقافلة واليمامة والمجتمع والعربي وفواصل والمجلة العربية والثقافة والفنون وكما أشرت القديمة منها زودت بها مكتبات عامة. * هل يوجد في مكتبتكِ كُتب مُهداة بتوقيع مؤلفيها؟ * بالطبع -ولله الحمد- ولها مكانة خاصة. * ما أطرف المواقف التي حصلت لكِ في البحث عن الكُتب؟ * في الحقيقة عندما أبحث لا ينتهي البحث فكتاب يشدني لآخر وهكذا حتى تفيض حقيبة السفر وأطلب من بقية الأسرة أن أوزع بينهم الكتب في حقائبهم، ولك أن تتخيّل الضريبة وأحياناً الابتزاز المُمتع. ومن الطرائف كذلك كنت أبحث عن كتب للمؤلف أحمد صلا، وفي زيارتي لمصر لبعض الفعاليات والمتاحف أتفاجأ بعدد كبير يحملون هذا الاسم، ولك أن تتخيل حجم سعادتي عندما أقابلهم وبالمقابل إحباطي عندما أكتشف. * ما أطرف العناوين الموجودة في مكتبك؟ * كثيرة منها ما هو قديم وبعضها حديث، ولكن الطرافة المقصودة مفهومها واسع.. فربما بالنسبة لي الكتاب طريف ولكن عنوانه يبدو للبعض هيبة ويعني اقتحامه كحصن له الكثير واقتنائه أمراً مُهم، ولكني أجده طريفاً. * بما أنكِ مُهتمة بالكُتب ولديكِ مكتبة خاصة.. ما أبرز الكُتب التي تحرصين على قراءتها؟ * أحبّ كُتب الأدب والثقافة والفكر، وتشدني كتابات بعض المفكرين كعبدالوهاب المسيري وعلي الوردي وعلي عزت بيغوفيتش والدكتور خالد الدريس، وأحيانا الكُتب العلمية حسب أسلوب المؤلف ولا مانع قليلاً من السياسة. والشّعر بالطبع يستهويني من الشعراء البردوني والجواهري وإدريس جمّاع وطبعاً بدر بن عبدالمحسن وخالد الفيصل ومانع سعيد عتيبة وأبو القاسم الشابي وإبراهيم ناجي وجاسم الصحيح. * هل تستفيد أسرتك من مكتبتكِ في إعداد بحوثهم؟ * بالطبع، -ولله الحمد- المكتبة في متناول الجميع وليست مقتصرة على الأسرة فقط. * ماذا تُفضلين.. المكتبة الورقية أم المكتبة الرقمية؟ وما السبب؟ * الورقية لا ننفك عنها ولها نكهة ونشوى خاصة في القلب، ولكن اليوم من المصلحة أن نطوّع أنفسنا ونتقاسم الألفة مع الكُتب الرقمية. * هل مكتبتك متخصصة أو متنوّعة؟ * متنوعة أكثر من كونها متخصصة. *ما القراءة بنظرك؟ * القراءة.. منهج حياة بل ومن النعيم الذي نرفل فيه، وتحديداً ملاذاً عندما تواجهنا التحديات وتختلط علينا الأمور ونتخبط أحياناً، فهي العسّاف الذي يروضني كلما جمحت. * ما رسالتُكِ التي توجِّهينها لكلِّ من يملك مكتبة خاصَّة؟ * أبعث فيها الحياة دوماً واستشعر أنك في عبادة فهي رمز لمفردة اقرأ الأمر الرباني الأول، واجعلها مرايا لك وكن سلوكاً لها، فلا يهم عدد الكُتب بقدر ما صقلت فيك من الأدب. * ماذا تُفضلين.. المكتبة الإلكترونية أم المكتبة الورقية؟ وما السبب؟ * نكهة الورق نشوة تسمو بنا وهذا لا يعني رفض الكتاب الإلكتروني فربما التكيّف معه يخلق لنا نشوة بألق مختلف يوازي نكهة الورق أو يزيد المُهم أن نحلّق بفكر المؤلف ونقطف الجميل النبيل الذي يليق بنا. وننأى عن كُتب مدمرات العقول ونعوذ من علم لا ينفع. * كلمة أخيرة. * أولاً كلمة مُحبّ أوجهها للإعلام ورجال الأعمال والمهتمين خصوصاً في عصر يتسم بانفجار في الأفلام المرئية والمسموعة، الثروة ليست مادة فقط بل ترك أثراً وبناء حضارة وإسهاماً في حفظ هوية، ونحن نملك كنوزا نبيلة والتاريخ شاهد والأدب راصد، لماذا لا تستثمر في توظيف هذه الكُتب والمؤلفات عبر إخراج أفلام ومشاريع تحتوي على سير عظيمة وأحداث جسام تحكي لنا تاريخ وتمثل لنا مستقبل فكم بيننا من أبطال كبار وصغار تستحق حياتهم أن ترى النور وتستثمر بما يخدم مصلحة الوطن، الإعلام أكبر وأقوى سلاح تمتلكه الدول، ساهموا ببناء جيل يتصدر أجيال العالم بحول الله. ثانياً كلمة لأصحاب الدراسات العليا والمسؤولين لماذا إلى اليوم هذه الدراسات حبيسة الأدراج؟ يقتصر نفعها على شخص، لماذا لا تخرج ككتب لترى النور؟ وتزيد العقول نوراً، عليك أن تنير الزاوية التي أنت فيها. ختاماً.. أشكرك أخي الكريم بكر هذال على هذه الصفحة التي تضخ من صحيفة «الرياض» لترفد روافد متنوعة ومنتقاة ليلتقي فيها أهل الأدب والثقافة. مذكرات «المصحف والسيف» كتاب «الرسل والرسالات» كتاب «من أعلام مدينة المبرز» كتاب «صحيح البخاري» موسوعة عباس العقاد الإسلامية كتاب «معالم الثقافة الإسلامية» كتاب «شرح القصائد العشر» أحد مؤلفات الضيفة أحد الروايات المُهداة للضيفة كتاب «أشعار النساء» للمرزباني مجلة «الثقافة والفنون» العدد (6) العام 1984م كتاب «لغز الموت» لمصطفى محمود دراسة ل «شعر عبدالرحمن آل ملا» للملحم كتاب «الرس» للسلومي إدريس جمّاع