لا ندري هل هي مشكلة نفسية أم نقص في أحد جوانب الشخصية لهؤلاء الذين يتعايشون مع وسائل التواصل الاجتماعي حياة بعيدة كل البعد عن واقعهم الحقيقي رغم إدراكهم أنهم مزيفون لواقعهم؟ أصبحنا لا نميز بين الشخص الصادق والمخادع والمنافق، وبين من يتحلى بهذه الأخلاقيات والصفات المثالية والتي ينقشها يومياً في حالته على الفيس بوك أو السناب، ويتغنى بها في تغريداته. للأسف الأغلب لا تمت لواقعهم بصلة وممكن أن يذوب ثلج هذه المثاليات الزائفة مع أول تواصل حقيقي مع هؤلاء، لأن الكذب سهل ولكن أن تستمر في الخداع صعب جداً، لأن هذه المثاليات المختلقة والمصطنعة تخرج عن نطاق الكلام وتسقط أمام الفعل. يؤلمني ويحزنني من يعتقد أن قيمة ومكانة هؤلاء الأشخاص تعتمد على عدد متابعيهم ويؤلمني أيضًا من يؤمنون بمنشوراتهم، ويتخذونهم قدوة لهم بحيث يشاركونهم مشاعرهم وتعليقاتهم وأسرارهم، وربما تكون لهذه المشاركه آثار سلبية وعكسية عليهم. فهم لم يعتادوا على التعامل معهم في حياتهم اليومية مثل التعامل الشخصي أو العملي والمهني أو التعليمي بحيث التعامل معهم لا يتعدى شاشات الأجهزة الذكية، وبعضهم قد يكون اللقاء بهم نادراً جداً أو لقاء عابراً في مناسبة اجتماعية. ربما هنالك الكثير ممن لا يستعملون مواقع التواصل الاجتماعي يكونون من أفضل الناس، وقرارهم بالابتعاد عن هذه التفاهات أكثر صواباً، وربما هم أعمق الناس وأكثرهم صدقاً وتصالحاً مع ذواتهم لأنهم يرفضون هذا التصنع والنفاق والكذب ويفضلون الابتعاد عن عيش حياة مزيفة. نصيحتي: لا تنخدعوا بهؤلاء الأشخاص المنمقين جداً! ولا تغرنكم الصورة التي يقدمون بها أنفسهم للمجتمع، إذ كم من البشر كنا نحبهم ونحترمهم «من بعيد»، لكن حينما نقترب منهم نصدم، لأن الواقع يكشف لك المظاهر الخداعة. وربما أنت واقعك وحياتك أفضل منهم بكثير. لكي تمضي قدماً لا بد أن تكون أكثر واقعية؛ أن تميز من هم الأشخاص الذين يستحقون فعلاً منك الاهتمام والمتابعة. لا بد أن تقدر ذاتك وترضى عن نفسك حتى لو كنت غير كامل الأوصاف والصفات، لاتستمع دائماً إلى آراء الآخرين بك، ثق بالله ثم بقدرتك، ولا تنظر إلى التجارب الفاشله أو الأخطاء السابقة لك. ولابد أن تكون لك شخصيتك الخاصه بك التي تميزك. كما قال مارك توين: لكي لا تخسر نفسك، لا تقلد غيرك. لا تقارن حياتك بالآخرين، لا تتحد إلا ذاتك، ولا تنتقد أمراً وأنت لم تجربه.