لم أشهد قوة عُمان وتلاحمها المتين من قبل، ما شهدتُه من أحداث قبل وبعد إعصار شاهين يُعد ملحمة تاريخية سجلها الشعب العُماني في شهر أكتوبر من سنة 2021، وأما عن يوم الجمعة الثامن من أكتوبر سنة 2021 فهو يوم لشعبِ عُمان يفتخرُ ويتباهى بهِ الشعب العُماني والوطن العربي والعالم. إنها إحدى نتائج المدرسة القابوسية التي تربى عليها الشعب العُماني خلال خمسين سنة، بل هي أخلاقٌ عُمانية لتاريخٍ مُمتد من بداية إسلام مازن بن غضوبة رضي الله عنه حتى الآن. الشعبُ للشعبِ كانت وأصبحت عُمان بعد إعصار شاهين، العُمانيون مهما تحدث عنهم الجميع فهم رجال وأبطال عُمان، والنتائج التي خلفها الإعصار أثبتت ذلك، فتعاون الشعب العُماني في أقل من أسبوع ليس دلالة إلا على أن الشعب العُماني يستطيع بناء وطنه بإخلاص في مدة زمنية قصيرة جدًا، والإخلاص في العمل لم يكن يومًا لوافد ولن يكن، ولكن كان ولا زال المواطن يخدم وطنه ويخاف عليه. أحسنتم أبناءَ عُمان فقد أثبتم للعالم قبل الإعصار قول الرسول عليه السلام:«مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»، حيث أمست وأصبحت أكفكم تدعو الله أن لا يريكم مكروه لأهلكم في الشمال، والبعض منكم لم ينم وكأن قلوبكم قد لُحِمت بقلوبِ أهلكم في شمالِ عُمان. وبعد الإعصار أثبتهم قول عليه السلام: «المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص؛ يشد بعضه بعضاً» فأثبتهم البنيان المرصوص الذي بينكم حين شددتم بعضكم بعضاً، وجئتم أفواجًا من جنوبِ عُمان ومن جزرها وجبالها ومناطقها إلى شمال الباطنة لتساندوهم، وليشهد شعبٌ وعالم بأكملهِ أمام الله على باني عُمان - رحمه الله - أنه أدى الأمانة وشعبه جسدٌ واحد، إذا دمعت عينٌ من شمالها سارعت عُمان كلها لتطمئن عليها. وليس آخر ما أود قوله إنني فخورة جدًا بأبناء شعب عُمان، لكنها بداية حديثي، فشعبُ عُمان أعظم من أن أفتخر بهِ.