شهدنا على مدار العام الماضي التطورات الكبيرة التي أحرزتها المملكة العربية السعودية في طريق إعداد الاقتصاد المحلي لتحديات المستقبل، وذلك بالتزامن مع الخطوات المتسارعة التي اتخذتها المملكة للخروج من الأزمة الصحية العالمية. وأفتخر بكوني جزءاً من نسيج هذه الدولة المتطورة التي تبذل جهوداً ضخمة في سبيل تمكين النساء من تحقيق أهدافهن، وتأسيس قوة عاملة وطنية تتمتع بأعلى مستويات الخبرة، وتعزيز تجارب المواطنين بشكل إيجابي، إلى جانب الاستثمار في البنية التحتية. ويأتي اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية الذي نحتفل به في 23 سبتمبر، ليتيح لنا جميعاً فرصة مهمة لمراجعة الإنجازات التي تم تحقيقها، وإمعان التفكير في المستقبل، وإرساء الأساسيات لغد مشرق. وسلطت الأهداف والطموحات، التي حددتها رؤية المملكة العربية السعودية 2030، الضوء على أهمية الاستثمار في تراثنا والاستفادة منه لتعزيز متانة البنية التحتية وتمكين المواهب في مختلف القطاعات بهدف ترسيخ مكانتنا كوجهة عالمية رفيعة المستوى على جميع الأصعدة. ويجب أن ندرك جيداً أنه لا حدود لإمكانياتنا سوى ما تضعه تصوراتنا. وتساعدنا رؤية المملكة، في هذا السياق، على توجيه تركيزنا نحو تحقيق أهدافنا المشتركة وفق الهيكلية التنظيمية والإطار الواضح الذي قدمته لنا. التركيز على المواهب وفّرت رؤية المملكة 2030 العديد من فرص العمل ضمن القطاعين العام والخاص، مما أدى إلى زيادة الحاجة إلى قوة عاملة وطنية مؤهلة بخبرات عالمية. ويأتي إطلاق الحكومة لبرنامج تنمية القدرات البشرية تأكيداً على ذلك، حيث يسعى البرنامج إلى تزويد المواطنين بقدراتٍ تمكنهم من المنافسة عالمياً، من خلال تعزيز القيم، وتطوير المهارات الأساسية والمهارات المواكبة لاحتياجات المستقبل، وتنمية المعرفة. وهذا ما يُبرز أهمية دور شركات القطاع الخاص العالمية في توفير فرص العمل والتجارب المهنية للاستفادة من أفضل الممارسات والتجارب السابقة من مختلف أنحاء العالم، لتتيح للمواهب المحلية فرصة التعلم والتطور من خلال التجارب العملية الحقيقية، وتوفر لهم المهارات الأساسية التي تساعد على تطورهم على الصعيدين الشخصي والمهني وبالتالي تساهم في تنمية الوطن. تمكين دور المرأة يعتمد تمكين دور المرأة على الاستمرار في توفير الكثير من فرص العمل للنساء، بالتزامن مع تقدم اقتصاد الدولة بخطوات كبيرة وتحقيق إنجازات مهمة، حيث قطعت العديد من الشركات شوطاً طويلاً وتجاوزت العدد المطلوب من الموظفات في سوق عملها، ما يساهم في تشكيل قوة عاملة جديدة تتميز بالتنوع والمساواة بين الجنسين، وتتمتع بقيمة وقدرات عالية غير مسبوقة. وبصفتي سعودية بدأت مسيرتها المهنية في العمل بين القطاع العام والقطاع الخاص، يمكنني أن اقول بكل ثقة أن السعوديات يمتلكن قدرات هائلة، ويضفن قيمة عظيمة لأي منصب يتولين إدارته، وأننا، كنساء، لن نكتفي بتنمية مسيراتنا المهنية وحسب، بل يمكننا، بدعم بعضنا بعضاً، أن نساهم في بناء اقتصاد وطني في ودعم رؤية المملكة. تلخيص رؤيتنا تتسع محاور تركيزنا، المنصبة على المواطنين والقوة العاملة أولاً، لتشمل البنية التحتية التي تستثمر فيها المملكة، إذ تقدم المشاريع العملاقة ومخططات الإنشاء الجديدة، التي تعيد رسم ملامح أفق مدننا، فرص عمل مستقبلية عديدة، وتعزز مكانة المملكة كمركز مالي رائد في قطاع الأعمال، وتوفر تجارب رائعة للمواطنين. وتجسد هذه المشاريع الطموحة العملاقة نظرتنا نحو المستقبل، وتبرز تركيزنا على السير على نهج رؤية المملكة 2030، ليكون مستقبلها معتمداً على المعرفة وزاخراً بالإمكانات الكبيرة والقدرة الهائلة على النمو. وستركز الجهات الحكومية جهودها، في مجال إدارة الأصول، على التطور المتسارع والضخم الذي تشهده المملكة، والذي أدى بدوره إلى انتشار واسع لممارسات التشغيل والصيانة غير المتوافقة مع المعايير العالمية، مما ساهم في تسجيل رقم قياسي في حجم التكاليف وسرّع من انخفاض القيمة التشغيلية. ويمكن أن يؤثر هذا التضخم الاستثنائي في حجم النفقات سلباً على دعم وتمويل الشركات الوطنية، ما يؤكد على أهمية اعتماد منهجية استراتيجية في إدارة الأصول، عند إطلاق المشاريع الجديدة، لتجنب فرض أعباء إضافية على البنية التحتية القديمة مع ارتفاع مستويات التوسع الحضري. ووضع فريق التحول المشترك بين سيركو وهيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية، إكسبرو، الدليل الوطني لإدارة الأصول والمرافق، والذي يمثل تعميمه على مختلف الوزارات والهيئات الحكومية خطوة أساسية في طريق اعتماد منهجية موحدة ومستقرة، وتعزيز الأداء المتسارع، وإدارة التكاليف بكفاءة عالية، ما يساهم في الاستثمار بشكل أفضل لدعم رؤية المملكة. دعم القطاع الخاص وتعزيز جهود التوطين يتحتم على شركات القطاع الخاص أن تلعب دوراً محورياً لتحقيق أهداف رؤية المملكة. ويتعيّن على الحكومة زيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي من 40% إلى 65%*، والاستفادة من خبراته عند الحاجة، في ظل ما تشهده الدولة من تحولات كبرى، والإنجازات الضخمة التي تنتظر تحقيقها قبل حلول عام 2030. وساعد ذلك على رفع المعايير المعتمدة في المشاريع والخدمات وتجارب العملاء، بشكل عزز حضور المملكة ومكانتها التنافسية العالمية. إلا أن استراتيجية التوطين تبقى مهمة، في ظل الحاجة إلى نقل المعرفة، للتأكيد على التزامنا بدعم المواطنين في سبيل الحفاظ على تراثنا العريق وهويتنا الخاصة، في إطار الجهود الرامية إلى ضمان استدامة المشاركة الوطنية ودفع عجلة نقل المعرفة إلى المواهب والخبرات المحلية. ونتيجة للتنسيق مع القطاع الخاص، تتوفر فرص عمل جديدة تساهم في دعم خبرات المواطنين ورفع مهاراتهم بشكل كبير، إذ تعمل سيركو، على سبيل المثال، داخل المملكة على دعم الحكومة في مختلف القطاعات، مثل خدمات المواطن والنقل، من خلال تعزيز عملية التحول الرقمي، وتقديم حلول إدارة الأصول والمرافق، إضافة إلى توفير خدمات الإطفاء والإنقاذ وغيرها الكثير. وقد ساعد هذا على توسيع آفاق تفكيري، وأتاح لي فرصة اكتساب مزيد من المعرفة والخبرات العالمية، إلى جانب مجموعة جديدة من المهارات التي يمكنني توظيفها على الصعيد المحلي لتعود بالفائدة على المجتمع والاقتصاد السعودي. نظرة إلى المستقبل أطلقت الحكومة السعودية، بعد الكشف عن رؤية المملكة 2030، برنامج تطوير القطاع المالي في إطار خطتها لدعم نمو القطاع الخاص، بهدف تطوير سوق مالية متقدمة، وتنويع مصادر الدخل، وخصخصة الخدمات الحكومية، إضافة إلى تعزيز وتمكين التخطيط المالي. وشهدنا حتى الآن إطلاق مشاريع المملكة العملاقة، ووجدنا تركيزاً كبيراً على تطوير قطاع السياحة والمعالم التاريخية، إضافة إلى دعم الاستثمار في قطاع الترفيه. الأمر الذي ساهم في تعزيز نمو الاقتصاد المحلي وترسيخ تنوع أكبر في السوق، وتقديم فرص إضافية لمستثمري القطاع الخاص، مما أدى بدوره إلى توفير مجموعة أكبر من فرص العمل، خصوصاً للقوة العاملة المحلية. وتشير التوقعات، بأخذ ما تقدم بعين الاعتبار، إلى تحقيق المملكة لرؤيتها لعام 2030 خلال السنوات التسع المقبلة، إلى جانب تعزيز مكانتها وحضورها على الساحة العالمية. ونحن فخورون بالتزامنا وتركيزنا على العمل خلال السنوات المقبلة لرسم خارطة طريق تمكّن الدول الأخرى من الاقتداء بنا.