من أهم الأمور التي يثار حولها الجدل ويحوم حولها الكثير من الصراعات في أكثر دول العالم وعلى مدار عقود زمنية متتالية وطويلة هي مسألة «الحرية»، وبالذات فيما يخص الحرية الوطنية التي لا تخضع لأي هيمنة خارجية أو وصاية لأي جهة أو دولة أو قوة مهما كانت. وإن تعددت أشكال الحرية، ومظاهرها في هذا العالم المتقلب، فإنه لا يوجد أحلى من مظهرها، ولا أجمل من رونقها ومعناها في وطن طموح، ذي همة عالية، وشعب أبي ينتمي إلى أرضه، ويعشق وطنه العظيم مثل شعب المملكة العربية السعودية، لأننا لا نرى الحياة إلا بين جهاته، وحدوده فهو هويتنا التي تحملنا وننتمي إليها بكل صدق وحب واعتزاز، في زمن قل فيه الانتماء وعز فيه الولاء وغلب عليه اليأس والفساد والمصالح الوقتية في كثير من البلدان التي تصطلي بنار الفرقة والتيارات والأحزاب المتناحرة حول السلطة والنفوذ على حساب مقدرات ورفاه شعوبها. وفي ال 23 من سبتمبر من كل عام تحل ذكرى اليوم الوطني السعودي، لتحتفل المملكة بهذا اليوم الذي يعد من الأيام المهمة في ثقافتنا الوطنية، فهو اليوم الذي يحمل ذكرى توحيد المملكة على يد الملك المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله-، ومن غير المستغرب، أن نرى مظاهر الاحتفال تغطي مساحات الوطن، وراياته الخفاقة ترفرف بين جوانحنا، فهو وطن يعيش بنا قبل أن نعيش به، ألفناهُ مع أنفاسنا، وتفوهنا معناه قبل أن نعتاد المعاني والكلمات، وسيظل راسخا ثابتا بحول الله رغم كل الأزمات والأوقات العصيبة التي سقطت بها الأوطان، أو تعثرت أو تغيرت مواقعها في قلوب مواطنيها. تتسابق الكلمات والمفردات، وتتفجر عيون الشعر وينابيعه الحارة لتسقيك كل هذا الحب المتأصل المُجَذرُ في أرضك، والمعلق في أعلامك العالية وسمائك النقية الصافية، بأننا أبناؤك، وأحباؤك، وأصفياؤك الخُلَص. وطني.. أنت عظيم في عيوننا، عُظماء بك، معتلون بمكانتك بين الأوطان، ولا يمكن أن يمسك عابث أو حاقد مهما تعددت فتنهم، واختلفت أساليبهم، وتفرعت طرقهم، سيبقون مجرد أحقاد يخدعون بها أنفسهم، ويسلون بها خواطرهم المقتولة، فأنت الحقيقة المجردة التي تراها بصائرنا، وتنقلها مشاعرنا اليوم لمشارق الأرض ومغاربها.. وهم يا وطني يشاهدونك فينا.